المقالات

تشكيل الحكومة وتأثيره على الإقتصاد العراقي

2259 2018-08-28

ضياء المحسن

أصبح مصطلح الأزمة ملازما لتشكيل الحكومة العراقية في كل إنتخابات تجري في هذا البلد، الذي يعاني أصلا من أزمات عديدة، وإذا ما أضفنا الى أزماته هذه الأزمة، فإننا نخرج بمحصلة نهائية وهي أن هذا البلد لن يستطيع الخروج مما هو فيه؛ إلا بمعجزة خارقة.
مع إنتهاء عصر المعجزات فإننا نقف على مفترق طرق، أما أن يلتفت من يعتقدون أنهم الطبقة الأقدر من غيرهم على فهو واقع هذا البلد، ليضعوا مصلحة البلد فوق مصالحهم الشخصية والحزبية، أو أن يذهب كل منهم الى حال سبيله، وإلا فهي الكارثة!
لماذا الكارثة لا سامح الله؟
ينسى القائمون على مقدرات البلد أنهم يتنعمون بخيرات البلد، من خلال تصدير النفط، وهذا المورد الوحيد الذي يمول الميزانية، ويعيش عليها أكثر من 36 مليون مواطن، لكن هذا المورد يتعرض الى هزات لا يمكن لهم أن يتجاوزوها؛ لأنه خارج سيطرتهم، فهذه الهزات والتقلبات محكومة بعوامل خارجة عن قدرتهم على التحكم بها، فمن عوامل سياسية، الى أخرى تتعلق بالطقس، وثالثة تتعلق بالإضطرابات في هذا البلد المنتج للنفط أو ذاك، بما يجعل التحكم في سعر النفط بالنسبة للعراق أمر بعيد المنال، لذلك كان الأجدر بهم التفكير في الإستفادة من الثروات الكامنة الأخرى الباطنة والظاهرة، لكن محدودية تفكيرهم جعلت العراق أسير أحادية تمويل الميزانية يتوقف على تصدير النفط.
لقد مرت على العراق خمسة عشر عاما منذ سقوط نظام صدام الى اليوم، ومع ذلك فإن الإقتصاد العراق لا يزال يعتمد في أكثر من 90% على بيع النفط، الأمر الذي يعني بقاء الإقتصاد العراقي رهين بما يجري من تقلبات لا يستطيع التحكم بها، وبما أن البلد بحاجة الى إكمال بناه التحتية في مختلف القطاعات الأساسية (الخدمات، القطاعات التحويلية، القطاع الصناعي) فإن أهم شيء أن يجد المستثمر بيئة آمنة مع وجود نظام سياسي مستقر، وهو أمر لم نجده طيلة الأعوام الماضية.
تأخر تشكيل الحكومة لا يقتصر على ما ذكرناه، ذلك أن سوق العمل والتجارة هي الأخرى تتأثر، بسبب عدم قدرة الحكومة على توقيع الإتفاقيات وإحالة المشاريع الى الشركات، خاصة تلك المشاريع التي تكون بحاجة الى موافقات مجلس النواب، كما أن الحكومة غير قادرة الأن حتى مع وجود وفرة مالية نتجت عن الفارق بين سعر برميل النفط الذي حددته موازنة العراق، وبين سعر النفط في السوق العالمي، هذا الفرق يقترب من 20 دولار للبرميل الواحد، وبلغة الأرقام فإن الوفرة المالية المتحققة الى نهاية شهر تموز تتجاوز العشرين مليار دولار، لا تستطيع الحكومة الحالية التصرف بهذا المبلغ الضخم، لعدم وجود موازنة تكميلية للعام الحالي.
الأنكى من ذلك وبمناسبة الحديث عن الموازنة، فإننا نقترب شيئا فشيئا من نهاية العام الحالي، وبداية عام جديد، وهذا يعني إعداد موازنة العام القادم، وبحسب التوقيتات الزمنية فغنه من المفترض ان تكون موازنة العام القادم الأن أمام مجلس الوزراء لمناقشتها، هذه المناقثشة تحتاج الى ما لا يقل عن شهر لتعديلها ومن ثه إقرارها من قبل المجلس وإرسالها الى مجلس النواب، والذي هو بحاجة الى دراستها ومناقشة أبوابها، وإجراء التعديلات اللازمة عليها، وبعد ذلك إقرارها وإرسالها الى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليها ونشرها في الجريدة الرسمية، كل هذا في الأوقات الإعتيادية يكون بحاجة الى ما لايقل عن ثلاثة الى أربعة أشهر، فإذا ما حسبنا الأربعة أشهر هذه من تأريخ تشكيل الحكومة القادمة، والتي في أفضل الأحوال ستكون في الشهر العاشر، فإننا سنشهد إقرار للموازنة في الشهر الثالث من العام القادم، وهذا يعني توقف العمل في جميع القطاعات حوالي ربع السنة.
لا نريد أن نكون متشائمين في ما كتبناه، لكنها حقيقة نضعها أمام من وصل الى قبة البرلمان، لعلهم يضعون خلافاتهم الحزبية والمناطقية والطائفية والقومية جانبا، ويعملون لصالح الشعب الذي إبتلاهم رب العالمين بهم، لأنه سبحانه وتعالى عرض الأمانة على السماوات والأرض فأبين أن يحملنها، وحملها الإنسان وكان ظلوما جهولا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك