المقالات

لماذا لم يقرأ اقطاب فندق بابل العقلية الايرانية جيدا؟

4160 2018-08-22

حيدر السراي

في يوم ١٩٥٣/٨/١٩ نفذت الولايات المتحدة مخطط انقلاب في ايران لاسقاط حكومة الدكتور مصدق الوطنية المنتخبة المتحالفة مع التيار الاسلامي واعادت شاه ايران الى الحكم ودعمت سلطته الاجرامية فيما سمي بعد ذلك بعملية أجاكس ، في عام ٢٠١٨ وتزامنا مع الذكرى ٦٥ للانقلاب على مصدق اعلنت الولايات المتحدة عن تأسيس مجموعة العمل الامريكية لمواجهة النفوذ الايراني ، وبحسب وسائل الاعلام فان الهدف من المجموعة هو العمل على اسقاط الجمهورية الاسلامية في ايران ، وبالرغم من ان وزارة الخارجية الامريكية نفت اي علاقة بين ذكرى الانقلاب وتأسيس المجموعة الا ان الرسالة تبدو واضحة للجميع فالاحمق فقط هو من يصدق كلمة التوحيد من فم معاوية.
يمكن القول ان الروس هم اكثر من يفهم طبيعة الشعب الايراني بحكم خوض الروس حربين كبيرتين ضد ايران في العصور السابقة ، يقول الروس اننا نحن من نقرر متى نبدأ الحرب ضد ايران لكن الايرانيون هم من يقررون متى وكيف ستنتهي ، ومن المعروف ان الشعب الايراني منذ القدم يمتلك صفة العناد الشديد خاصة عندما يتعلق الامر بحقوقه وحريته وسيادته ، ولعل في رواية خروج اهل المشرق وطلبهم للحق ثلاث مرات ومن ثم رفضهم استلام الحق حتى يسلموا الراية الى الامام المهدي روحي فداه اشارة لطيفة وخفية الى صفة العناد عند الشعب الايراني عموما.
وبقراءة جيدة للعقلية الايرانية ومن مراقبة ادائها السياسي خلال اربعين سنة من عمر الثورة يمكن ان نفهم ان السياسة الايرانية تتسم بالنضج الكبير وضبط النفس الذي افشل وبلا مبالغة عشرات المخططات لايقاف مسيرة الثورة ، فضلا عن العمق الكبير في التحرك والمرونة العالية في ربط الخيوط وخلق الخيارات واتقان سياسة التوفيق في المواقف والقدرة الفائقة على التفاوض ، كما انها تتسم بعدم الملل او الكلل والهدوء الشديد في التعامل مع التحديات والثقة العالية في النجاح ، وما نجاحها في التفاوض مع الغرب بشأن الاتفاق النووي وكبح جماح السعودية وتوابعها الا شاهد بسيط على ما نقول.
تسعى الولايات المتحدة الى خنق الاقتصاد الايراني ومنعها من دعم الشيعة في العراق بمساعدة اذرعها في الشرق الاوسط ، وفي سبيل ذلك قررت دعم محور شيعي عراقي يتحسس من الجمهورية الاسلامية ، واستفادت من عقدة بغض ولاية الفقيه لدى هذا الطرف لتمرير مشروعها لخنق اقتصاد الجمهورية الاسلامية عن طريق ايصال هذا المحور الى حكم العراق وتمكينه من قطع التعاون الاقتصادي مع ايران والتزامه بالعقوبات الامريكية التي سيتم اعلان الدفعة الاقسى منها خلال اسابيع. اجتمع هذا المحور قبل ثلاثة ايام في فندق بابل في العاصمة بغداد بمباركة المبعوث الامريكي ماكغورك واللوبي السعوي المتمثل بالسبهان ، وطبل الاعلام لاعلان الكتلة الاكبر وانتظار المؤتمر الصحفي للكتلة ، طال الانتظار وعرق جبين القنوات المطبلة خجلا ، وتغيرت العناوين الى اعلان نواة كتلة اكبر بدلا من كتلة اكبر والغي المؤتمر الصحفي وصدر بدلا عنه بيان خجول لحفظ ماء الوجه وسقط المشروع الامريكي وهو ما زال في مهده ، ونام الجمهور الصنمي وهو يداري خيبته الكبيرة
ضحكت كثيرا وانا ارى جمهور فندق بابل وهم يحتفلون بالكتلة قبل اعلانها ، كنت قد قلت في مقال سابق ان هذا المحور محكوم عليه بالفشل ، كما انني لا اعاتب الجمهور فهو لا يعرف ابجديات السياسة وتوازن القوى في الشرق الاوسط ، لكنني اوجه سؤالي لاقطاب فندق بابل: لماذا لم تقرأوا العقلية الايرانية جيدا قبل ان تنخرطوا في المشروع الامريكي ؟ هل كنتم تتصورون ان ايران ستتفرج عليكم وانتم تسعون لمخطط يضر بامنها واقتصادها ، هل تعرفون عمق ونضج وقدرات السياسة الايرانية ، من المفروض انكم ساسة والسياسي يجب ان يكون قارئا جيدا للتاريخ ، في اي مواجهة استطاعت امريكا ان تنتصر على ايران خلال الاربعين سنة الاخيرة ؟
لا اطلب منكم ان تحبوا اخوتكم في العقيدة ، فهذا من الامور القلبية التي لا مجال للتدخل فيها ، لكن على الاقل كونوا ساسة ناضجين كما الكورد الذين قرأوا المشهد جيدا فلم يحضروا معكم في فندق بابل ، جمهوركم مستاء من ادائكم المخجل ايها السادة بعد كل هذه السنين من خوضكم في السياسة فمتى ستنتقلون من المراهقة الى النضج السياسي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك