المقالات

شباب العراق يواجهون اخطر الخيارات 

4039 2018-08-15

حميد الموسوي

تشكل شريحة الشباب العراقي – حسب احصاءات دولية – نسبة 63% من مجموع سكان العراق وهذه الشريحة الواعدة التي يقوم عليها بناء الاوطان وازدهارها اقتصاديا وسياسيا وعمرانيا لم يحسب لها حساب ولم تأخذ دورها لا في العراق القديم ولا الجديد اللهم الا في زجها بحروب عبثية طيلة حكم البعث ومن سبقه، اوردعها لمخلفات البعث الارهابية من 2003 لحد الان . نعم لقد تراكمت افواج الشباب العاطلين على امتداد سني سلطة الحروب والازمات الاربعين التي تصرمت واضيفت وتضاف اليها سنويا افواج جديدة من خريجين جدد على مستوى الكليات والمعاهد والاعداديات المهنية والحرفيين وغير الحرفيين من الذين تركوا الدراسة وانخرطوا في ممارسة اعمال متنوعة وهم اطفال طلبا للقمة العيش لهم ولعوائلهم المسحوقة كالبناء والبسطيات وتنظيف الشوراع والحمالين وغيرها. حتى تحولت الى ظاهرة مرعبة بسبب توقف المشاريع الصناعية والزراعية والخدمية والصحية والتجارية التي تمثل المنافذ الرئيسية لتحريك عجلة الاقتصاد واستيعاب الايدي العاملة والقضاء على البطالة، ثم تأتي بعد ذلك منافذ الهجرة المؤقتة للعمل في الخارج والعودة برأس مال يستثمر في المستقبل بمشروع صغير او متوسط هذه الافواج القديمة استبشرت خيرا بزوال السلطة المستبدة التي استهلكتها في الخدمة العسكرية على مدار سني شبابها وجعلتها طاقة مهدورة وحرمتها من بناء مستقبلها وتحقيق ابسط متطلبات العيش الكريم... رأت في العهد الجديد منقذا ومحققا لآمالها وطموحاتها ان لم يكن لها فلأولادها وبناتها وربما حسدت جيل الشباب الاقل عمرا كون فرصتهم ستكون افضل واكبر واوسع، حيث ان الحكومة في العهد الجديد- حسب ما معروف ومتوقع ومتصور- ستقوم بوضع خطط اقتصادية انفجارية نتيجة وفرة الاموال التي زادت بسبب ارتفاع اسعار النفط وعدم صرفها وتبديدها في حروب مصطنعة او ملذات شخصية او اختلاس او سرقة مضافا لها المشاريع الاستثمارية التي ستقوم بها شركات عالمية عملاقة تتنافس على حساب الحصول على تراخيص عمل لانشاء مشاريع استثمارية طويلة الامد وحسب حاجة العراق المعطلة منذ ثلاثين عاما ،وبمساعدة الحكومة الجديدة التي ستسهل قدوم وعمل هذه الشركات والتي ستحتاج الى ايد عاملة من مختلف الاختصاصات والمستويات بحيث انها ستضطر الى جلب ايد عاملة من خارج العراق بعد ما استوعبت كافة العاطلين من شبابه وكهوله ومن مختلف المستويات المنتجة، والاختصاصات المتنوعة ومن كلا الجنسين.
لكن الواقع المر والحقيقة المؤلمة اثبتتا غير ذلك وأن المبشرين الجدد - والذين يفترض انهم عانوا ظلم واستبداد السلطات السابقة وتذوقوا طعم التشرد والهجرة والفقر والعوز والحاجة وأنهم حملوا هموم شعبهم وطموحه وآلامه وآماله - لم يكونوا عند حسن ظن جماهيرهم ولا بمستوى الامانة التي حملوها وانهم خذلوا ناسهم واصابوهم بالخيبة والخسران والجؤوهم من جديد للهجرة والتشرد واليأس من مستقبل مجهول.
فلا مشاريع تنموية، ولا استثمارات كبيرة أو صغيرة ولاخطط خمسية او عشرية فضلا عن ان تكون انفجارية.
الخريجون علقوا شهاداتهم على جدران غرفهم يخاطبونها صباحاً ومساءاً: "حسافة سنين الشباب التي ارهقت وأريقت للحصول عليك".
والدارسون تركوا الدراسة في بداية او منتصف الطريق ليلتحقوا بقوافل الخريجين يفترشون الرصيف في "مساطر العمّالة او بسطيات السكائر او عربات الحمالين". او في مقاهي الانترنيت والنراجيل و( الطاولي والدومينو ) ليرفعوا بالمقابل نسبة الامية ونسبة العزوبية عند الشباب والصبايا ولينزلوا بمستوى المعيشة دون خط الفقر العالمي والاقليمي والبلدان الاشد فقراً في اغنى بلد في العالم!.
يبدو ان ثوار الامس انشغلوا بامتيازاتهم لتعويض مافات وماسبق -ومن حقهم ذلك فهذه سنّة الحياة-، لكن ذلك لايعني الانغماس ولايوجب الاسراف ولايدفع للفساد والافساد والاختلاس ونهب الثروات وتبديد المال العام وتعطيل الحياة، ولايبرر نسيان الواجبات الوطنية والتنصل من المسؤولية وخيانة الامانة والاعراض عن مطالب الجماهير واستحقاقات المواطنة.
ازمة اهمال الشباب في تفاقم يفوق جميع الازمات ويتجاوز اكبر المشاكل كونها باباً لأكثر المشكلات والمصائب ان لم يكن جميعها. ولئن غصت الاسواق وكراجات السيارات بالعاطلين وضاقت بهم الشوارع ونفرتهم الارصفة وملّتهم المقاهي وقاعات البليارد وطاولات الدومينو والنرد..
ولئن اعرض عنهم القريب والصديق.. ونسيهم قادتهم ورموزهم ومرشحوهم.. ولئن ضاقت عليهم الارض بما رحبت وضاقت عليهم انفسهم صاروا وجها لوجه امام اخطر الخيارات ؛وظنوا ان لا حلّ سوى طريق الاجرام والمخدرات والارهاب ؛ لتلقفتهم اياد المتربصين من اعداء العراق الجديد ،ويالوفرة الشغل.. وسعة الشواغر وتنوعها.. بين تجارة المخدرات و زرع العبوات.. ولصق المتفجرات .. والاجهاز بكواتم الصوت .. وتفخيخ السيارات والمنازل والمكاتب . وبين الخطف والمساومة والابتزاز .. واقتحام الدور و المحال التجارية والصاغة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك