( بقلم : أ. د. حاتم الربيعي/ أكاديمي عراقي )
(وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) صدق الله العظيم (التوبة 105 )
غمرتني فرحة كبيرة بعد صدور قرار مجلس الوزراء العراقي الموقر في اليوم الثاني من السنة الميلادية الجديدة 2008، والتي نتمنى أن يسود بها الأمن و تتحقق خلالها الوحدة الوطنية والأستقلال ويتم فيها البناء والأعمار ومكافحة الفساد الإداري، والذي يخص تحسين رواتب الموظفين من خلال أقرار مسودة تعديل قانون الخدمة المدنية الموحد لسببين أساسيين:
أولا: لأنه صدر في الوقت الملائم بعد تنامي الطلب على الإحتياجات الأساسية للمواطن وإرتفاع تكاليف المعيشة في العراق إذ أصبحت الرواتب عاجزة عن تلبية متطلبات الحياة رغم إجراء عليها الكثير من الزيادات خلال الأربع أعوام المنصرمة إلا إنها لازالت لاتوازي مستوى التضخم الإقتصادي الذي هو ضعف في القوة الشرائية للعملة، وزيادة أسعارمختلف المواد الغذائية و السلع الأستهلاكية وأجور النقل خصوصا بعد التحسن الكبير الذي طرأ على أسعار النفط في الأسواق العالمية آملين أن تعمل تلك الزيادات بالرواتب على التخفيف من معاناة الموظفين ذوي الدخل المحدود خصوصا وان الدولة أعلنت بأنها ستدعم زيادة الرواتب بخطوات اقتصادية لضمان إلا تكون سببا في إحداث تضخم وزيادة في الأسعار، بحيث نضمن وصول تلك الزيادة بالرواتب الى جيوب الموظفين بدلا من جيوب التجار
كما إن معظم التعديلات جاءت وفق الأسس التي إقترحناها في مقالتنا السابقة (إلى وزارة المالية: زيادة رواتب الموظفين حل ام مشكلة) المنشورة في 16/12/2007 والتي أوصلناها الى بعض الجهات المسؤولة في الدولة فقد راعت التعديلات الجديدة العدالة في كثير من الجوانب وإهتمت بالموظفين حديثي التعيين ذوي الدرجات الدنيا من السلم الوظيفي ونظرت الى كافة الموظفين نظرة أبوية واحدة وميزت بعضهم على بعض إعتمادا على أسس منطقية كمؤهلاتهم ونوع الشهادة الدراسية التي يحملونها والخبرة الوظيفية والحالة الأجتماعية والمنصب والموقع الجغرافي للعمل والخطورة وغيرها إذ حققت نسبة كبيرة من الرضا لدى عموم الموظفين وشعور الموظف بأن السادة المسؤولين غير بعيدين عن معاناته اليومية وهمومه المعاشية وليس إهتمامهم بإمتيازاتهم الشخصية التي طالما يسمع بها من خلال وسائل الأعلام و بنفس الوقت تغض هذه الوسائل الطرف بالتطرق الى تلك القرارات الجديدة التي تزرع الإطمئنان والأمل في النفوس التي أتعبتها الحروب والحصار الاقتصادي والدكتاتورية وظروف مابعد الأحتلال والصراعات الداخلية وتدهور الأمن وضعف الخدمات العامة ولكن هنالك بعض الجوانب التي لم تذكر في المسودة مثل تحديد رواتب الحد الأدنى لحاملي شهادة الدبلوم (سنتان بعد الاعدادية) والدبلوم عال (سنة أو سنتان بعد الشهادة الجامعية) وضرورة الإبتعاد عن النسب المئوية بزيادة الرواتب من خلال وضع مخصصات مقطوعة لغرض إستفادة ذوي الرواتب القليلة وتقليل الفروقات الكبيرة بين رواتب الموظفين وتحديد مخصصات مقطوعة لأصحاب الحرف وغيرها من الأمور التي يمكن تعديلها و إضافتها لاحقا.
إلا إننا لازلنا نسمع بعض الأصوات النقابية التي لاترغب بسيادة العدالة ويودون أن تتميز فئاتهم على غيرها لذا على حكومتنا الموقرة أن تمضي بنهجها الأبوي التخطيطي والعادل بتطبيق تعديلات قانون الخدمة المدنية الموحد على جميع موظفي الدولة العراقية دون تمييز لموظفي فئة أو وزارة معينة دون غيرها.
ثانيا: لشعوري بنجاح وجدوى الإعلام الإيجابي تحت الظروف الإستثنائية التي يعيشها العراق لغرض التبصير بالأمور التي تخدم المجتمع والمساهمة قدر الأمكان وكل من موقعه وحسب طاقته في بناء العراق وتضميد جراحاته وكبديل للدور التثبيطي ولانقول التخريبي الذي لازال يمارسه، ومع الأسف، بعض الكتاب نتيجة إنتهاجهم الأعلام السلبي من خلال نسج وترويج الأكاذيب والأفتراءات وتوزيع الشتائم والقذف على كل من يتصدى للعمل السياسي أو القيادي في العراق، إذ أحسست لهذا فرحت بأن هنالك شمعة قد أضيئت وسط الظلام الذي ساعد على نمو وظهور وانتشار كثير من خفاقيش الليلَ الذين لاهم لهم سوى وضع العصي والمطبات في طريق القافلة التي ستستمر بالسير باذن الله لتبني عراقا مستقلا موحدا يشارك في بنائه وقيادته الجميع (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ) ( الرعد 17 )
https://telegram.me/buratha