المقالات

قطع الشوارع ليس حلا

1646 2018-07-30


مجيد الكفائي

 

ما إن يحدث عمل إرهابي او اجرامي في أي منطقة أو مدينة في العراق حتى تسارع الأجهزة الأمنية إلى قطع الشوارع والطرق بوجه السيارات والعربات وتمنع دخولها إلى المدن بحجة الحفاظ على أرواح المواطنين ومنع دخول الإرهابيين وسياراتهم المفخخة او المجرمين إلى المدن والإحياء في جميع أنحاء البلاد. وما يلفت النظر أن الأجهزة الأمنية اثر انتشارها بكثافة بعد التفجيرات او الاعمال الاجرامية تصب جام غضبها على المواطنين وكأنهم من نفذ العمل الارهابي او الاجرامي أو زرع العبوة متناسين أن العمل الارهابي او الاجرامي سببه إما إهمال وتقصير من الأجهزة الأمنية، أو ضعف في خططها الإستخبارية وبدائية الأساليب والأجهزة المستعملة في التفتيش داخل نقاط السيطرات وبوابات المدن، وان المواطن المسكين ليس له دخل في ما يحدث، فهو ليس أكثر من ضحية لا يدري متى تحين ساعته. 
والغريب أيضا أن الأجهزة الأمنية تقوم بغلق المدن نهائيا بوجه السيارات ليس بعد التفجيرات فقط، وإنما في المناسبات والاحتفالات وفي تفويج الحجاج وتوديعهم, وفي الأشهر المقدسة كشهر رمضان ومحرم وصفر وأيام الأعياد والمناسبات الدينية والوطنية وبالحجة نفسها، وهي الحفاظ على أرواح المواطنين، متناسية أن هذا العمل ليس فيه من الحرفية شيء ولا يرضي أحدا ولا يحفظ أرواح الناس أو ممتلكاتهم، وإن دل على شيء فإنما يدل على عجز كبير في قدرات الجهاز الأمني.
ومن المضحك أن الأجهزة الأمنية تظن أن غلق المدن في وجه السيارات والعربات ، وتحويل المدن إلى معسكرات خالية إلا من (المشاة) هي خطة أمنية محكمة ولا مثيل لها، ثم تعلن بعد انتهاء المناسبة نجاح تلك الخطة، رغم ما يتخللها من "خروقات اوتفجيرات اوقتل" ولم تدر أنها أسهمت بشكل أو بآخر في تلك التفجيرات وسهلت للإرهابيين والمجرمين قتل الناس عبر تطبيق خطة ليست أمنية ولا علمية ولا منطقية وغير صحيحة ولا تمت للخطط بصلة.
إن أي خطة أمنية أساسها غلق الطرق والمدن بوجه السيارات لن تفيد بشيء حاضرا أو مستقبلا، ما لم يراع في تطبيق الخطط الأمنية استخدام التكنولوجيا الحديثة والأجهزة المتطورة في الكشف عن المجرمين وما بحوزتهم من أسلحة ومتفجرات. 
إن أي بائع طماطة، مع احترامي له ولمهنته، يستطيع، إن وضع رئيسا لجهاز الأمن، أن يقطع الطرق.. ويمنع دخول الناس والسيارات للمدن.. ويعرقل ويشل حركة الأسواق.. ويثير القلق والذعر لدى المواطنين، لكنه لن يستطيع منع دخول الأحزمة والعبوات الناسفة والإرهابيين إلى المدن، لأن ذلك يحتاج إلى خبرة أمنية وعسكرية وتدريب وأجهزة رصد، وهذا ما ينبغي أن تتسلح به الأجهزة الأمنية وتلتفت إليه وتعمل على وفقه وتترك تلك الطرق البدائية في البحث والتفتيش (من اين جاي وين رايح) وتتناسى قطع الشوارع وغلق المدن في المناسبات وبعد التفجيرات وفي كل الاوقات ولأي سبب. 
صحيح أن واجب الأجهزة الأمنية حفظ الأرواح والأموال، ولكن من واجبها أيضا تأمين حياة طبيعية عادية للناس وحركة مرور آمنة وبطرق وأساليب حديثة لا تؤثر في سير الحياة ولا تسهم في تعطيل الأعمال وقطع الأرزاق وتحويل المدن إلى (معسكرات) وعرقلة ومنع الناس من الوصول إلى أعمالها وتأخير عمل الكسبة وأصحاب المهن والمحلات وإعاقة وصول المرضى إلى عيادات الأطباء بسياراتهم من دون عناء. هذا هو الواجب الحقيقي وعليها أن تبدع في تأديته. 
حفظ الأمن والأرواح يتطلب وجود خطط أمنية متكاملة وأجهزة رصد متطورة، كما هو معمول به في الكثير من الدول (المستقرة)، حيث تنتشر في جميع الشوارع كاميرات مراقبة ترصد الصغيرة والكبيرة ولن تغفل أعينها عن مراقبة تحركات الجميع، ولو قدر الله وارتكبت جريمة في شارع من تلك الشوارع فان المجرم سيقع في ايدي الشرطة خلال دقائق وليس أياما. 
قطع الشوارع ليس حلا صحيحا (يا أجهزتنا الأمنية)، بل إهانة للشعب واستخفافا به.. ابحثوا عن كفاءات أمنية لتضع خططا مدروسة تحمي الناس وتحفظ أرواحهم وممتلكاتهم، فان لم تكن هناك كفاءات عراقية عسكرية أو أمنية استعينوا بخبراء أجانب في هذا المجال، فهذا ليس عيبا، لكن أن يبقى غلق الشوارع وقطعها مستمرا 
وفي كل يوم فهذا ما لا يرضاه احد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك