المقالات

من نكد العملية السياسية: الهاشمي .. شريكا

1234 22:07:00 2008-01-04

( بقلم : د. علي الحسيني )

منذ مايقرب السنتين وانا اتابع حركة هذا الرجل في داخل و خارج العراق و احاول فهم ما يقوم به , أسبابه, أهدافه و ألياته. العراقيون يعرفون القليل عنه ,شأنه شأن الكثير من ساسة العهد الجديد, لكن المهم ان هذا القليل مما يعرفونه عنه ليس مشجعا أبدا ولا أريد هنا سوى الاشارة الى أن قصة فصله من الكلية الفنية العسكرية بحاجة الى وقفة وهي خارج حدود هذه المقالة .

الصعود ..لم يكن اسم الهاشمي يتردد كثيرا يوم كان د. محسن عبد الحميد أمينا للحزب الاسلامي فقد كان ظل عبد الحميد ثقيلا بحكم خلفيته الاكاديمية و الاجتماعية وقد أتسم دوره في مجلس الحكم بالاعتدال و الحكمة السياسية لتي رأى فيها رفاق طارق الهاشمي كفرا و تفريطا. من هذه الزاوية بالذات بدت للهاشمي فرصة الصعود مستعينا بعدة ادوات: اولها ان الشارع السني لازال مرتبكا , مصدوما و يعيش فراغا سياسيا هائلا . عندما صحى السنة العرب ذالك الصباح بدا لهم ان ظلا كثيفا قد انقشع و ان لا أحد يعرف بالضبط من أين و كيف يبدأ العمل في ذالك الفراغ.في هذه الاجواء كانت كواليس الحزب الاسلامي تعد اللمسات لاقصاء عبد الحميد و اعلان الهاشمي امينا عاما للحزب, مدافعا "قويا" عن السنة و وريثا للاستحقاق السني في قيادة العراق الجديد. الاداة الاخرى تمثلت باظهار قلق غير مسبوق على عروبة العراق فكانت النصيحة "المخابراتية العربية الاسلامية الاخوية" ان يزاح التركماني الضعيف و يبدأ- العربي- القومي القوي مسيرة" الحزب العربي الاسلامي" من جديد. من الأدوات الاخرى المهمة في صعود الهاشمي كان حسن الظن الاعمى و الاغرب الذي اتسم به احتضان القوى السياسية الرئيسية من الكرد و الشيعة له و مساعدته حتى في التامر على رفاقه. لقد ظن الشركاء ان حلاوة خطابات الهاشمي الاولى كافية للاطمئنان انه الشريك المناسب فهم كانوا يستجيبون لاشعوريا الى فكرة غير حكيمة بأن كل من يلعن الشيطان ملكا؟؟؟اما الأداة الأهم فقد كانت العامل الاقليمي اذ لم تجد الولايات المتحدة الامريكية مشروعا او شخصا سنيا في العراق تستطيع التعرف عليه و التعامل معه بخلاف كل القوى السياسية الاخرى التي عرفتها ايام المعارضة عندها لجاءات الي حلفائها من العرب و خصوصا مملكة ال سعود و مصر فكان الهاشمي مرشحا بعد ان هيأت المخابرات العربية الاسلامية الاخوية المقدمات المناسبه من مال و رجال لمهمة مرشحها في العراق الجديد. البداية..لم تكن المهمة سهلة ابدأ فهو يعرف انه يبدأ من نقطة حرجة للغاية في التاريخ وان ارث صدام و البعث يصبغ كل شيئ حتى لتبدو الصورة غاية في الدقة فلا مناص من معرفة اين يقف كل شخص في العراق مما حدث و كيف حدث. لقد كاد ان ينجح في تسويق فكرة ان صدام كان شخصا سيئا ولم يكن نظاما او حتى حزبا مجرما و عليه فلا احد عليه ان يشعر بالحرج أو الحاجة الى قول او فعل اي شئ لضحايا ذالك العهد الموغل بالوحشية و الانحطاط. لقد مثلت هذه الفكرة مشروعا غاية في الخطورة هدفه خلط المفاهيم و المسميات و القفز فوق التاريخ و الجغرافية و الفيزياء و الكيمياء فيكون الجميع ضحايا و الاوليات ليست كما تبدو من انصاف و اعادة حقوق و قصاص عادل و البدء ببناء عراق لم يكن يوما وطنأ لاحد بل هي المحافظة على هوية العراق العربية و اغلاق ابواب بغداد الرشيد بوجه الزحف الصفوي و مقاومة الاحتلال الذي جاء به الشيعة و الكرد. هكذا أراد الهاشمي ان يرسم صورة الاحداث وهكذا اراد أن يسمي الاشياء و أكمالا للصورة رسم دوره بالتفصيل و زاد على ذلك فطلب من العراقيين أن يستخدموا حواسه هو ليروى ما يراه فالعراق يبدو بلا مقابر جماعية ولا التاريخ بلا ماضي والدبابتان الامريكيتان التان ضلتا الطريق الى وسط بغداد قد دمرتا كل طرق و حضارة و عمران البعث الذي أفنى صدام عمره في بنائه؟؟ لقد أستلزم هذا الدور دخول العملية السياسية ليس أيمانا بها بل أيمانا بأمكانية تدميرها من الداخل و هي فكرة شيطانية ليست من عندياته بل من الهام المخابرات العربية الاسلامية الاخوية. بدأت شوارع ومدارس و مطاعم و ساحات العمال من العراقيين البسطاء تشهد مظاهر هذه المشاركة وتستشعر عناونيها في المصالحة و المشاركة و تفاصيلها في العداء و التأمر و العمل نهارا في التحريض و التشكيك و التعويق و ليلأ مع الرفاق و الغرباء في التهجير و التدمير و التفخيخ. لقد مثلت هذه المرحلة اصعب المراحل ألما و أيذاءا خلالها قطعت رقاب الناس و مارس الرفاق و الشواذ من مجاهدي العرب هواية الذبح الاخوي الطائفي بسادية غير مسبوقة في التاريخ الحيواني و فيها قطعت الطرق على مرضى الجنوب الى مشافي العاصمة ايذانا بعهد الحكم الصفوي الشيعي؟؟ في أيام هذه المحنة لم يسمع العراقيون من الهاشمي سوى الخطابات المكررة التي أسمت ضحاياهم بالقتلة و قاتليهم بابطال المقاومة الشريف و لم يتردد في وصف اهل البصرة بالغوغاء في أقرب مناسبة بعد تذكيرهم بمسؤولية الحفاظ على ثروة العراق النفطية في اراضهم .

السلطة ..لم تفلح كل جهود الهاشمي في أخفاء هوسه الجارف للسلطة وتمسكه بكل ما يمكنه منها فبدأ يطرح نفسه رجل دولة وحولت أبنته و مديرة مكتبه ذالك المكتب الى رئاسة جمهورية أكبر من مكتب الطالباني و عبد المهدي معا فضج بالمستشارين و الخبراء من تكنوقراط البعث لينهض بمهام السيد النائب الكبيرة. في خارج المكتب توزعت منظمات و فرق و شعب و فروع الحزب العربي الاسلامي محروسة بالرفاق من الظباط و فدائيى صدام وهم يؤدون مهامهم الجديدة باللباس الرسمي و باجات رئاسة الجمهورية نهارا و الدشاديش و لثام البعث الهارب ليلا, فقطعت طرق اليرموك و المنصور و الغزالية و هوجمت المستشفيات لانقاذ الجرحى الارهابيين ممن لم تفلح تدخلات السيد النائب الدستورية لانقاذهم وخلت ليس فقط مكاتب ووفود السيد النائب بل و معظم مناطق الكرخ من اي شيعي تجسيدا لمعاني الوحدة الوطنية؟؟ بعد كل ذلك و تحت أي ظرف تذكروا فان الهاشمي سيكون أخر من يستقيل من رفاق جبهة التوافق في أي لأزمة سياسية ولن يفعل ذلك أبدا؟

حقوق الانسان..اجتهد الهاشمي كثيرا في التخطيط لحملته في الدفاع عن حقوق الانسان و حشد لها هو ومن خلفه عمقه العربي الرسمي موارد هائلة وماكنة اعلامية محترفه فيختار لها توقيتا هو بدء خطة فرض القانون في بغداد و تبدأ معها تحذيراته للاجهزة الامنية و للحكومة وتتصاعد صيحاته عاليا كلما دكت سواعد رجال الامن جحرا من جحور الارهاب الظلامي فيتهافت للدفاع و التبرير و يبدأ فصل زيارة السجون سائلا عن احوال الارهابيين و العرب منهم خصوصا و تكون قصص ضرب الارهابيين في معتقلات الداخلية هي من يستحق الادانة و التحرك الانساني السريع و الوصف بانها وصمة عار في جبين الانسانية وليس المقابر الجماعية و الانفال وانتهاكات البعث المنحط. لقد دللت مسرحية صابرين أعدادا و اخراجا و تنفيذا على مايمكن لهذا الرجل ان يقوم به لتحقيق أهدافه وهو اسلوب ذكر العراقيين باساليب البعث و جعلتهم يتسائلون بذهول عما يمكن أن يفعله رجل الدولة هذا؟

الحقوق الدستورية ..لقد مثل الدستور العراقي ليس فقط الدستور الاجود و الاعدل و الاحدث في منطقة الشرق الاوسط بل و مثل ايضا انه الدستور الاغرب فيها فهو الدستور الوحيد الذي يمنح البعض حقوقا دستورية لتعطيل الدستور و هو اسوء ما احتوته مواد المرحلة الانتقالية الذي اتفقت فيها طائفية الاخضر الابراهيمي و لؤم الامريكان على جعلها الاطول و الاكثر ايلاما للعراقيين. لقد بدا الهاشمي و هو يمارس حقوقه الدستورية بتعطيل الدستور أكثر دستورية من الشيخ همام حمودي نفسه والاخرين ممن كتب الدستور . ستة وعشرون قانونا فقط خلال السنة الاولى من حياة مجلس النواب ترد الى ممثلي اثني عشر مليون ناخب مذيلة بالرفض الدستوري للسيد النائب في سابقة يقف اماها ابسط العراقيين بالتسائل عن حقيقة مايجري وما أذا كانت هذه المهزلة الدستورية في ثنايا الدستور الذي صوتنا عليه. لقد تندر صديقي بالسؤال عن عدد القوانين التي سيعرقلها الهاشمي لو أكمل ولايته الدستورية؟؟ عدى هذه الحقوق الدستورية لايبدو السيد النائب اخذا باي من أجزاء الدستور الاخرى بل الظاهر منه انه يرفض ويتمرد عليها فاستقلالية القضاء و قطعية احكامه في الدستور لايراها السيد النائب ولايقر بها فهو يدعو للافراج عن المدانين و تكريمهم لمهنيتهم في أبادة مائة و ثمانين ضحية بطريقة سريعة و مهنية. أما صلاحيا ت رئيس الوزراء الدستورية فانها مؤامرة ايرانية للاستحواذ على العراق تتطلب التدخل العربي القومي وتفخيخ العراق كله واستبدال صندوق الانتخاب بصندوق العبوات الناسفة لتحقيق معادلة النصف النوعي؟

عقدة المالكي .. لقد ساهم الامريكان و العربان في دفع الهاشمي بعيدا جدا فبدأ بالاصطدام مبكرا مع المالكي محاولا انتزاع مكاسب الازمات وهو اسلوب دأبت عليه جبهة التوافق لكن االمالكي بدأ قويا و مستعدا على نحو مفاجئ فهو يعرف الكثير و يمسك بالكثير من الاوراق المزعجة للهاشمي و الاهم من كل ذالك فهو نظيف ووطني ولا يعمل لحساب احد غير الثمانية مليون من منتخبيه. لقد اوقف المالكي بشكل حازم تدخل الهاشمي في كل مفاصل الدولة فاوقف ترشيحات الهاشمي للضباط و الوظائف و أنهى احتكار الحزب الاسلامي لعملية ترشيح الموظفين و الضاط من السنة واوقع بالعديد من حمايات الهاشمي في السجون بعد ظبطها متلبسة بالاجرام والارهاب. حين جرب الهاشمي اخر الاوراق وهي الانسحاب من الحكومة و بدل من ان تتعطل الحكومة فقد ارتفع اداؤها بشكل كبير و اصطفت العشرات من العشائر السنية مع الحكومة لمقاتلة الارهابيين وساد الامن و الامل و النور في بغداد و قد يكون لهذا التطور اكثر من سبب و قد يكون لهذا النجاح اكثر من أب , لكن شيئا واحدا لاخلاف عليه ان جبهة التوافق ليس لها يد فيه, بل ان الشارع العراقي يتداول خبرا ليس سارا للسيد النائب مفاده قناعتهم ان سر هذا الامن و السلام هو وجود الر فاق في جبهة التوافق خارج الحكومة و هو بالظبط ما اراد المالكي أثباته للجميع.

النهاية ..لانه لا يؤمن بالديمقراطية بشكل صادق و يدعو لتفصيلها بطريقة مشوهة تحرم الناس من التمتع بحقوقها بعدالة و يريد ان ياخذ اكثر ممايستحق ,لانه يتصدر اليوم حملة المدافعين عن قتلة المائة وثمانين كرديا و يشيد بهنيتهم في تنفيذ تلك المجازر الكيمياوية ..لانه باسم الدستور يعطل العمل بالدستور, لانه يدعو الى تسمية رئيس وزراء تكنوقراط ولم يدلنا على مدرسة تؤهل الناس ليصبحوا رؤساء وزراء و لا ادري ما اذا كان السيد النائب نفسه تكنوقراط ام لا؟ لانه طارق الهاشمي الذي رأينا و سمعنا و عرفنا , فاننا نقول انه ليس الشريك ولن يكون الشريك المناسب وان الذاكرة العراقية الضعيفة لن يكون بمقدورها أن تنسى أبدا أنه لم يكن نائبا لها بل لاخرين صنعوا ألمها وحاصروا فرصتها الاغلى في بناء وطن للجميع لاتوجد فيه صلاحيات دستورية لاحد تمنع الناس من الانطلاق الى المستقبل لانه فقط يريد العيش بالماضي.

د. علي الحسيني

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
احمد الحبوبي
2008-01-06
العراق واحد بجميع اطيافه ونحن عندما ننتقدننتقد الأفكار وليس الشحص الدي ليس من طائفتنا فهناك اناس مفسدين من جميع الطوائف ف الضاري لا يمثل السنة كما أن الخالصي لا يمثل الشيعة وهناك اناس وطنيين من كل الطوائف كالسيد الحكيم والشيح الشهيد عبد الستار ابو ريشة فالإنتقاد يكون للفعل وليس للطائفة كما يعتقد الكثير من الأعراب
Abo Hasan
2008-01-06
No thing beutiful than this article. May Allah bless you Mr. Hussaini. I think every body has to target this guy (Al-mashhadani former and al-hashimi later). You can feel howmuch he hate shia from his talk. y
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك