المقالات

في العام الجديد لمّ الشمل الوطني وإرساء قواعد العمل المشترك بين المكونات العراقية

1128 14:22:00 2008-01-04

( بقلم : عبد الكريم الجيزاني )

يكاد يجمع العديد من السياسيين في مختلف الكتل والمكونات السياسية ان عام 2008 سيكون حافلاً بالتكتلات السياسية المتعددة وانبثاق تحالفات جديدة، وهذا ما ميز الاشهر الاخيرة من العام المنصرم بالجمود السياسي الواضح وفي مقدمة ذلك صعوبة الحصول على النصاب القانوني الذي يمكن مجلس النواب من عقد جلساته الرسمية، ذلك لان الجميع ينتظر ما ستتمخض عنه الايام القادمة على الصعيد السياسي والأمني والاقتصادي والخدمي وهذا ما اشر الى حالة سلبية جعلت الشارع العراقي يعيد حساباته من جديد خاصة وهو ينتظر من ممثليه في مجلس النواب الاسراع في تشريع القوانين الاستراتيجية الهامة التي تتعلق بمصلحته العليا كمشروع قانون النفط والغاز الذي اثير حوله جدل واسع وكبير ومشروع قانون المساءلة والعدالة الذي اخّر انجاز وتحقيق المصالحة الوطنية الى جانب التصديق على ميزانية عام 2008 ومشروع قانون الاستثمار الوطني والخارجي.

هذه المشاريع المعطلة تحت لافتات واعذار غير واقعية كذهاب بعض اعضاء مجلس النواب لاداء فريضة الحج او لسفر الاخرين خارج العراق سواء بعمل رسمي او خاص، فهذه الاعذار لا يمكن قبولها خاصة اذا علمنا ان النصاب القانوني هو تواجد (138) نائباً لعقد الاجتماع من اصل (275)، فإذا اخذنا بنظر الاعتبار ان الذين ذهبوا الى الحج هذا العام لا يزيد عددهم عن سبعين نائباً من مختلف الكتل والمكونات فإن ذلك يعني امكانية الحصول على النصاب القانوني لتمرير هذه المشاريع ولكن لم يحصل أي حراك واقعي وحقيقي ازاءها، والسبب في ذلك هو غير الاعذار التي يسوقها البعض، بل الحقيقة والواقع هو الانتظار السلبي من قبل الكتل والمكونات لما تنتجه الايام القادمة من حراك سياسي وما تتمخض عنه من تحالفات كان وراء هذا الجمود رغم النجاحات الكبيرة التي تحققت على صعيد الملف الأمني والذي وفرّ مساحة واسعة للتحرك تجاه انجاز مشاريع القوانين المعطلة تحت قبة البرلمان. لا احد يدعي انه احرص من ممثلي الشعب العراقي في البرلمان وفي الحكومة وفي الرئاسة على المصلحة العليا للشعب العراقي، ولكن يمكن تأشير العديد من السلبيات التي اثرت كثيراً على سير العملية السياسية التي آمن بها الجميع وعمل على انجاحها والتقدم بها الى الأمام وعلى رأس هذه السلبيات هو الغياب المتعمد لبعض الاعضاء عن حضور الجلسات بعد ان عجزت رئاسة البرلمان من تنفيذ تحذيراتها السابقة بمحاسبة المتغيبين بدون عذر شرعي وهذا ما سجله الشارع العراقي من انتقادات لاداء رئاسة البرلمان واعتبرت سكوتها عن محاسبة المتغيبين هي بمثابة مجاملة ليست في محلها. هذه الغيوم التي لبّدت صفاء الجو السياسي طوال الاشهر الثلاثة الماضية مع تصاعد وتائر التصدي الحازم والجاد من قبل الاجهزة الامنية العراقية وبمساندة ابناء الشعب العراقي الذي لازال على عهده في تقديم المزيد من العطاءات في محاربة العصابات المجرمة من اتباع القاعدة او القوى الظلامية الاخرى المتحالفة معها، لابد ان تنقشع(الغيوم) ليعود الصفاء الى حالته السابقة، وهذا لا يمكن تحقيقه على الارض بلمسة سحرية، بل يمكن ذلك من خلال الترفع عن الحصول على مصالح فئوية او شخصية لا تخدم المصلحة الوطنية العليا وبناء جسور الثقة وحسن الظن والتعاون المثمر في الحفاظ على منجزات الشعب العراقي ولا يعني ذلك التطابق الكامل في الرؤى والتوجهات، فالاختلافات وليس الخلافات في طرح المشاريع الوطنية هي بالتأكيد حالة صحية فتطابق وجهات النظر بالكامل بين الفرقاء وان كان مطلوباً في هذا الظرف الحساس إلا ان عدم تكامله لا يعني الوصول الى درجة الخلاف والقطيعة التي لا يمكن تخطيها.

ان اجواء الحرية والممارسة الديمقراطية لم تضع خطوطاً حمراء ازاء ايجاد تكتلات وتحالفات بين القوى والكتل المشاركة في العملية السياسية او التي تريد ان تشترك فيها فهذا حق مشروع للجميع قد كفله الدستور العراقي ضمن ضوابط متفق عليها طالما انها تصب في عملية بناء العراق الجديد القائم على النظام السياسي الديمقراطي الاتحادي التعددي، لذلك نعتقد ان المرحلة القادمة من الحراك السياسي سوف تتصاعد وتائرها وسوف تنتج العديد من المشاريع الاستراتيجية العملاقة وخاصة على صعيد الاعمار، وانهاء حقبة الفئوية والشخصانية والخروج نهائياً من تركة النظام البائد سياسياً وأمنياً واقتصادياً وخدمياً. المتابعون للشأن السياسي العراقي يؤكدون ان العام الجديد سوف يشهد تحولات كبيرة وواسعة للمّ الشمل الوطني وارساء قواعد العمل المشترك لانجاز المشاريع وتوفير اجواء الاخوة والمحبة لتوسيع دائرة المشاركة الفاعلة في صنع القرار السياسي من قبل كافة المكونات للطيف العراقي بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن، وهذا ليس بعزيز على ممثلي الشعب العراقي ان يتحركوا على اوسع مساحة فيه لتحقيق هذه الاهداف النبيلة. العراقيون بكافة اطيافهم وطوائفهم لا يريدون بعد اليوم ان يسمعوا مقولة ان العراق بلد غني يسكنه الفقراء، فهذه المقولة يمكن ان تنطبق تماماً على سياسات النظام المقبور الذي صادر ثروات العراقيين لمآربه الخاصة وحروبه العدوانية وما خلفته من مآسي ادت الى حرمان غالبية الشعب العراقي من العيش الكريم والتمتع بنعمة الثروة الوطنية التي انعم الله سبحانه وتعالى بها على العراقيين، فالكل يتطلع الى الحصول على حقه الشرعي والوطني خاصة في المناطق التي اهملها النظام المقبور وعاشت طيلة فترة حكمه الاسود اشد الظروف الصعبة والمعاناة الحقيقية حتى على مستوى لقمة العيش التي حرم منها فضلاً عن توفير الأمن والاستقرار فيها بعد ان طالتها يد الانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان على ايدي الاجهزة القمعية البائدة الى جانب الحرمان الكامل في المشاركة السياسية او التمتع بالحرية الفكرية كما هو الحاصل اليوم بعد التغيير. ان اعادة الحقوق الوطنية للمناطق المحرومة وهي تشكل غالبية السكان في العراق لا يمكن تحقيقها إلا من خلال حكومات الاقاليم وتوسيع صلاحيات مجالس المحافظات ضمن النظام الفيدرالي الذي اكده الدستور العراقي، فالعراقيون ينتظرون ان تنتهي الفترة الزمنية التي حددها الدستور لانشاء الاقاليم لتشكيل حكوماتهم المحلية واطلاق يدها في انجاز مشاريعها التي تصب بالتأكيد بمصلحة الشعب العراقي عموماً وتصب في مصلحة تجذير الوحدة الوطنية بعيداً عن الاستئثار والاستبداد والظلم الذي صنعته الدكتاتورية البغيضة طيلة حكم النظام البائد. والاستفادة من المخصصات التي تمنحها لها الميزانية الوطنية لانفاقها في انعاش هذه المحافظات سياسياً واقتصادياً وأمنياً وخدمياً حسب قاعدة (اهل مكة ادرى بشعابها) فحكومات الاقاليم التي ستنتخب من قبل سكان هذه المحافظات هم بالتأكيد يتمتعون بثقة الجماهير وسيعملون على رفع مستوى المعيشة والقضاء على البطالة المزمنة من خلال توفير الفرص التي ستتيحها هذه الاموال المخصصة لها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك