المقالات

قمة هلسنكي و الأزمات الدولية .. ملفات شائكة بحاجة لحلول .

1257 2018-07-19

بقلم .. أمجد إسماعيل الآغا 

 

مزدحمة طاولة هلسنكي بالملفات الثقيلة و الشائكة ، الرئيسين الروسي فلاديمير بوتن و الأمريكي دونالد ترامب سيجتمعان و في جعبة كل منهما أوراق ضغط سياسية و ميدانية ، فالقطبين الروسي و الأمريكي لديهم الكثير من الاختلاف في وجهات النظر تجاه القضايا الدولية و الإقليمية ، حيث لا يُتوقع لهذه القمة أن تخرج بحلول سحرية تُنهي الكثير من القضايا في المنطقة ، فالمقاربات و القراءات الاستراتيجية لكل طرف أبعد من أن تُثمر نجاحات تؤدي في النهاية إلى تهدئة التوتر ، هذا التوتر الذي عَصف بالعالم خلال السنوات الماضية و تحديدا إبان ما سمي بالربيع العربي و انعكاساته الإقليمية و الدولية ، و بالتالي لا يوجد تصور يمكن من خلاله قراءة النتائج المشتركة التي سيخرج بها الطرفان للتخفيف من حدّة ما يجري في العالم ، بل على العكس من ذلك سيحتاج الطرفين الروسي و الأمريكي لأكثر من قمة تكون سبيلا في انتصاف كفة الميزان بينهما ، و عليه و كقراءة أولية ستكون قمة هلسنكي فقط لرصد التوازنات و البحث عن فُرصٍ للحلول و التسويات بعد المعارك السياسية و الميدانية التي شهدتها الخارطة الدولية . 

ملفات شائكة و معقدة . 

ملفات عديدة ستُفتح في هلسنكي ، و لعل الملف السوري سيكون أبرزها بعد ان أصبحت الحرب على سوريا تمثل " بيضة القبان " في كل الملفات الدولية و الإقليمية ، فتموضع الأزمة في سورية على خارطة الهندسة الأمريكية للنفوذ ، جعل من سورية بؤرة للتداعيات الدولية التي شاركت بها قوى إقليمية خليجية تركية اسرائيلية لإسقاط الدور المحوري الذي تمثله الدولة السورية في الشرق الأوسط ، و بلا شك فإن المخطط الأمريكي عبر استخدامه الأدوات الإرهابية كان يريد توطين الإرهاب ليس في سوريا فحسب ، بل في الشرق الأوسط كاملا ، غير أنه و في ظل هزيمة المخطط الأمريكي في إسقاط الدولة السورية أولا و إقصاء الدور المحوري لسوريا ثانيا ، برزت المعضلة الأمريكية في طريقة التعاطي مع الخلافات المتكررة مع الروسي تجاه الأزمة السورية ، و هذا الأمر يطرح إشكالية واضحة بين القطبين حول التعاطي مع أسس الحل في سوريا ، خاصة بعد الإنجازات التي حققها الجيش السوري و حلفاؤه و التي بدورها ستفرض إيقاعاً و نمطاً محدداً في طريقة التعاطي مع الملف السوري على طاولة هلسنكي . 

الورقة الأقوى بيد روسيا . 

روسيا التي نجحت في فرض توازن استراتيجي مع واشنطن في سوريا ، الأمر الذي انعكس على النظام العالمي لجهة بناء التوازنات الدولية ، كما تمكنت روسيا و عبر الدولة السورية و نجاحاتها العسكرية و السياسية من قطع طريق الغرب عبر التدخل في الشأن السوري و فرض الحلول ، إضافة إلى أن روسيا تمكنت من قصم ظهر الإرهاب العالمي في إطار استراتيجية محكمة قامت بتنفيذها ليس في سوريا فحسب ، بل على امتداد الخارطة الإقليمية و الدولية ، و من اللافت أنه قبل بدء القمة بين بوتن و ترامب ، فرضت روسيا شروطها ، فقد قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن " المطالبة بانسحاب إيران الكامل من سورية غير واقعي " ، كما أكد لافروف خلال اجتماعه مع نظيره الأردني أيمن الصفدي أن " إيران واحدة من القوى الرئيسية في المنطقة وأنّه من غير المنطقي على الإطلاق توقّع تخليها عن مصالحها " ، إذاً بات من الواضح أن أوراق القوة بيد روسيا ستكون مفتاحا للبحث عن حلول و ليس فرضها ، خاصة أن الروسي و الأمريكي غير حاضرين لمواجهة عسكرية من جهة ، كم أن الأمريكي ليس في وارد الانسحاب من سوريا في الوقت الراهن من جهة أخرى ، لذلك لا بد من التأسيس لخارطة طريق تفاوضية بين الطرفين ، تكون تمهيدا لحلحلة الكثير من القضايا الدولية و الإقليمية . 

الرمزية التاريخية . 

بقي أن نَذكر بأن انعقاد هذه القمة في عاصمة فنلندا "هلسنكي"، لها رمزية تاريخية بين البلدين ، ففي عام 1975 استضافت هذه العاصمة الرئيس الأمريكي "جيرالد فورد" و " ليونيد بريجنيف" رئيس الاتحاد السوفييتي ،حيث أفضى لقاؤهما إلى توقيع اتفاقية تحسين العلاقات بين البلدين، ممهورةً بتوقيع 35 رئيس دولة آنذاك ، وتكرر اللقاء بين رؤساء الدولتين خلال عامي " 1990- 1997 " في هلسنكي أيضاً، للتباحث بشؤون أزمة الخليج ، وتقريب وجهات النظر إبان الحرب الباردة حسب مخرجات الاجتماعات وقتها ، لكن اليوم الظروف و الوقائع الدولية مختلفة تماما عما كانت عليه في السابق لجهة تعاظم الدور الروسي في المنطقة ، و فرضه توازن دولي جديد ، فهل ستكون قمة هلسنكي 2018 بداية النهاية لعلاقات روسية أمريكية متوتّرة ؟ أم ستفتح بوابات واسعةً لتحالفات جديدة ، على هرمها "بوتين و ترامب" ، لإدارة الصراعات المتأجّجة وتمرير المصالح الاقتصادية والسياسية لكلا البلدين؟ . 

كاتب و إعلامي سوري 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك