المقالات

إصلاحات وليس  تصليحات..!

2012 2018-07-06

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

بعد مرور خمسة عشر عاما من عمر تجربتنا السياسية، التي أنطلقت عقيب زوال نظام القهر الصدامي، نجد أنفسنا ونحن بحاجة ماسة لإصلاح أخطاء هذه التجربة، ومن تنايا هذه الحاجة، يبرز سؤال ملح وكبير مؤداه: هل يمكن أن نقوم باصلاح سياسي، في أحضان البيئة السياسية القائمة الان في العراق؟!

الملمح الأساسي لهذه التجربة، أن الكتل السياسية وبرغم مضي كل هذا الوقت، لم تتفق لحد الآن على أولويات العمل السياسي، وعلى الحد الأدنى من الوسائل؛ المفضية الى عمل وطني مشترك، وما يزال بإمكان أي هزة سياسية، أن تعيدنا الى لحظة، لا تبتعد كثيرا عن لحظة سقوط صدام!

 الملمح الثالني هو؛ الأعتقاد السائد لدى القادة السياسيين، بأنهم فوق المسائلة؛ أو أن لهم عصمة نهائية، وهو إعتقاد خاطيء؛ ويؤسس لدكتاتورية النخبة السياسية، مع ما يرافق هذه الدكتاتورية من تداعيات...

الملمح الثالث من ملامح التجربة، أن الشعب العراقي وصل الى  حالة اليأس، من إتفاق حقيقي بين الكتل السياسية، التي لم تستطع أن تتصافح على الخير، لكن هذا اليأس لم يصل الى مرحلة القنوط، والشعب يضغط بإتجاه إصلاحات وليس تصليحات، مرتكزا في ذلك على قوته الميدانية، وعلى دعم المرجعية الدينة وحكمتها!

الإصلاحات كي لا تكون تصليحات كما هو جار الآن؛ يجب أن تستند على شرعية دستورية وشعبية، حتى تخرج من مربع الرغبات والإرتجال، الى رحاب التخطيط المدروس، ولن يكون هذا ممكنا، إذا ما عمدت الحكومة الى وسيلة اللجان، وقصتها العقيمة، إذ من المعروف؛ أن اللجان ليست بالحقيقة إلا مقبرة للآمال!

إن من بين أهم الأفكار التي يمكن ان ننضجها، بغية الوصول الى إصلاح مدروس بعناية، هي اللجوء الى مؤتمر وطني شامل، يشترك فيه أصحاب الرأي، وكل الحريصين على أن تمضي سفينة العرا،ق نحو شواطيء الطموح، مبحرة في مياه غير مضطربة!

الفكرة سوف لن تروق لكثيرين، خشية من أن يتحول المؤتمر الوطني ،الى مرجعية شعبية ضاغطة على القوى السياسية، وعلى المؤسسات التمثيلية، والمفارقة أن هذا هو بالضبط ما نأمله، من فكرة عقد مؤتمر وطني للإصلاح السياسي..

الحقيقة هي أن المؤتمر الوطني للإصلاح السياسي؛ لا تؤسس لمؤسسة بديلة عن المؤسسات الديمقراطية الشرعية، ولكنها تنشيء فضاءا دافئا، يحتضن كل الفعاليات التي لم تجد نفسها، في المؤسسات الديمقراطية الشرعية، وتقوم بمهمة تصحيح المسارات لتلك المؤسسات، وليس تصليحها!.

إن المؤسسات الوطنية الدستورية القائمة، ليست بمنجى عن الأخطاء أن لم تكن بؤرتها، فأمراض السلطة تتبدى أكثر وضوحا، ومضاءا وتأثيرا في تلك المؤسسات، وهي بحاجة دوما الى من يضع عينه عليها، وليس أدعى من مؤسسة تطوعية، لا تكلف المال العام شيئا، لمراقبة الأداء البرلماني والحكومي والرئاسي، فضلا عن الحزبي والسياسي.

كلام قبل السلام: نعتقد أن فكرة المؤتمر الوطني للإصلاح السياسي؛ فكرة نظيفة من أي مقاصد حزبية أو شخصية، وهي تحتاج فقط الى بضعة رجال يشرعون بالخطوة الأولى، وبعدها سيتزاحم المخلصين إسنادا لهم، وربما لا تجد لك موطيء قدم في رحاب الفكرة!

سلام.

 

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك