المقالات

ديموقراطية الادارة وأعادة تأهيل المؤسسات العراقية

1292 17:44:00 2008-01-01

( بقلم : خالد عليوي العرداوي/ مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية )

بعد انهيار النظام العراقي السابق (نظام البعث) انكشفت كثير من العورات التي حاول ذلك النظام اخفائها عن الرأي العام -المحلي والدولي- او كابر في عدم الاعتراف بها، وهي عورات تكشف حجم الدمار والخراب الذي يمكن لنظام مستبد الحاقها بالشعب الذي يتسلط عليه، ولايسعنا في هذا المقال التطرق اليها جميعا، بل سنتحدث فقط عن حال المؤسسات العراقية وماوصلت اليه هذه المؤسسات من انهيار لسلوكيات العمل.

فقد سادت الرشوة الظاهرة والخفية فيها، وانتشرت الوساطة بأشكالهاالمقززة التي جعلت المواطن وهو يتوجه الى اي مؤسسة يتندر مع نفسه ويقول من اين لي بفيتامين (و) وماهذا الفيتامين الا الوساطة وما تنطوي عليه من احباط ويأس لدى المواطن المسكين المحروم منها، والى جانب الرشوة والوساطة هناك معضلة التسيس في المؤسسات، والتي تعني التعامل مع المواطن انطلاقا من انتماءه السياسي دون اعتبار لمواطنيته وحقه في البلد الذي ولد وترعرع وكبر وخدم فيه.

بل قد يجر السؤال عن الانتماء السياسي سؤالا اكثر سوءا وهو السؤال عن الانتماء الطائفي والقبلي والعشائري وحتى المناطقي، فلا تسهل معاملة المواطن الا اذا كان من طائفة معينة او قبيلة معينة او.... ثم يضاف الى ماسبق مشكلة اخرى خطيرة وخطيرة جدا تلك هي النفس الدكتاتوري للقيادات الادارية في كافة المؤسسات العراقية من رأس الهرم وحتى القاعدة، وكأن الدكتاتور الحاكم قد انجب اولادا واحفادا و اقزاما في كل مكان يحملون مشعل الدكتاتورية ويفاخرون ويتنمرون به على مرؤسيهم، فساهم هذا وما ارتبط به في قتل الحافز والشعور بالمسؤولية لدى الموظفين والعاملين في هذه المؤسسات، فكانت هذه المؤسسات عبارة عن هياكل كارتونية عديمة الفاعلية والحيوية، وتراكم لاجساد همها قتل الوقت للرجوع الى البيوت بعد انتهاء يوم العمل، وقد ضاعت نتيجة الى ذلك الكفاءة والمهنية ومعها الوطنية.

ولكن بعد سقوط النظام الدكتاتوري هل تغير الحال في هذه المؤسسات ؟.

لاينخدع صانع القرار النزيه والمواطن الوطني والموظف الكفوء بالاعتقاد ان سقوط الدكتاتور يعني زوال الدكتاتورية، اذ ان الدكتاتورية ليست مرتبطة بالاشخاص - وا ن ساهم الاشخاص في تضخيمها - بل هي ثقافة وقيم وما تعكسه هذه من انماط سلوك، فأذا تغلغلت الدكتاتورية في اعماق ثقافة المجتمع وقيمه المحركة، فانها تستمر في الحياة حتى بعد زوال رموزها البشرية وتبقى كشيطان خفي يتحين الفرص لفرض وجوده وقيمه على البشر، لذا فأن ماتعاني منه المؤسسات العراقية الحالية هو انه حقا زال الرمز البشري للدكتاتور، لكن ابناءه واحفاده واقزامه لازالوا موجودين يتناسلون ويتوالدون كل يوم واحيانا بلا وعي منهم، وذلك من خلال ماتركته الدكتاتورية من ثقافة شيطانية متجذرة في نفوس وعقول قياداتنا الادارية، اذ ان سلوك هذه القيادات مفعم بالنفس الدكتاتوري، فلم تخترقه الديمقراطية، التي وصلت ثقافتها الى ابواب المؤسسات ولم تجرأ على طرقها لما جابهها من موانع وعقبات.

ولايتصور المسؤول والقارئ ان مراد هذا المقال الدعوة الى تغيير القيادات الادارية فهذا هدف ثانوي، اما الهدف الاساس فهو تغيير الثقافة التي تحرك هذه القيادات وماينضح عنها من سلوك محبط، وهذا الامر مطلب اساس لتأهيل المؤسسات العراقية بكافة اشكالها - الرسمية والاهلية - اذ يجب ان يدرك كل مسؤول اداري، وقبله كل مسؤول سياسي ان التشبه بالدكتاتور والتعالي على افراد المؤسسة والمواطنين من شانه ان يهوي بهذه المؤسسة الى الاسفل فتفشل في تحقيق اهدافها، حيث تكثر الخصومة والنفور بين الافراد وبين قيادتهم الادارية و يقل الحافز للعمل، ويموت الابداع، وتقل الكفاءة، وتفقد الادارة بريقها، والمؤسسة احترامها فتشيخ مبكرا وتقبر في اقرب فرصة، وهذا هو حال الكثير من المؤسسات العراقية اليوم.

اذا ماهو الحل ؟.

كما قلت انفا ان المطلوب لكي تستعيد المؤسسات العراقية عافيتها يكمن في انتشار ثقافة الديمقراطية في هذه المؤسسات على المستوى الافقي والعمودي، اذ لاجدوى من وضع الحواجز التي تخنق الابداع وتقضي على الحيوية المهنية بين الرئيس والمرؤوس، نعم قد يتطلب الحزم الاداري بعض السلوكيات لكنها ليست تلك التي يتصورها الكثير من القادة الاداريين لدينا، فهم لازالوا يتحركون في انماط سلوكية عفا عليها الزمن وتجاوزتها الحضارة الحديثة، وتكفي مراجعة دقيقة لكتب الادارة المعاصرة وانماط السلوك الديمقراطي في المؤسسات وما تنطوي عليه من قواعد سلوك تساعد على تطوير الحوافز الايجابية بين الافراد ليكتشف كل مسؤول مقدار الخطأ الجسيم الذي يرتكبه بحق مؤسسته، كما ان تحرير السلوك المهني من الدوافع السياسية والانتماءات الثانوية وجعله خدمة عامة تقدم للمواطن العراقي بصرف النظر عن هويته يعد من القواعد الاساسية التي يجب على كل مسؤول اداري ترسيخها في مؤسسته.

ان الايمان بالهدف الذي يدعو اليه هذا المقال هو الخطوة الاولى والصحيحة للقيام بالثورة الادارية العراقية القادمة للقضاء على الفساد والانحراف المالي والاداري في المؤسسات العراقية كافة، واذا لم تتخذ هذه الخطوة يكون صانع القرار والمدافع عن الاصلاح ومحاربة الفساد الاداري كمن يروم تطهير ذيل السمكة من الفساد على الرغم من ان الفساد الحقيقي هو في رأس هذه السمكة، نعم قد تكون العقبات جسيمة والحركة بطيئة لكن السير البطئ الصحيح الذي ينتهي الى النجاح خير من الهرولة الخاطئة التي مصيرها الفشل والخراب.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
علي دبلوم اقتصاد وسياحة ودبلوم ادارة مدنية
2008-01-01
اهم عوامل الفساد الاداري هي الفقر واذا كان بااستطاعتنا رفع مستوى الدخل الى المواطن والعامل والموضف لااستطعنا تقليل الاختلاس والسرقة وحتى الارهاب خصوصا اذا كانت توعية وقوانين رادعة تربية صحيحة تبداء في البيت وتنتهي في المدرسة وتشمل المواطن والموضف ويصبح الحس هو ان هذا الشئ هو لك ولي وموضوع الى خدمة الجميع كذلك جعل المواطن هو العين الساهرة وهو المراقب ولة واجب رقابي يتصل باي مكان اذا تطلبت الحاجة لا يهداء بالة بالاضافة الى الاعلام فهو المحرك الاول في هذة القضية
علي دبلوم اقتصاد وسياحة ودبلوم ادارة مدنية
2008-01-01
جميع هذة المؤسسات تشكلت امام عن عجلة كما هو المفوضية العليا للانتخابات وهيئة النزاهة والاعلام او هذة المؤسسات توارتث من زمن المقبور كما في الموسسات الاخرى والسفارات وانا كتبت كثيرانا عن هذة المواضيع تقدم العراق مرتبط بعملها مجتمعتا حان الان البداء في التغير على اساس النزاهة والخبرة والكفاءة والشهادة واذا ماكانت عندنا يجب ان نعمل بالنضرية التي تقول do or buy هكذا تقدمت الشعوب نحتاج الى قرار شجاع وبسرعة
علي دبلوم اقتصاد وسياحة ودبلوم ادارة مدنية
2008-01-01
تقدمنا او تاخرنا يبداء من هنا عمل المؤسسات الدول المتطورة عندها كمية كبيرة من مؤاسسات منضمات المجتمع المدني هذة حالها حال البرلمانات الصفيرة تستطيع ان تحرك اي قضية لان عندهم ناس متعلمون ويعرفون القوانين ويستطيعون ان يصلوا الى ابعد مراكز القرار التي ربما لا يستطيع الانسان العادي الوصول اليها بسبب عدم الدراية والمعرفة وهذة المؤسسات مربوطة بقوانين واضحة وشفافة وضعتها لها الدولة بموجبها تتحرك وبدون هذة القوانين يصبح عملها فوضوي وماينطبق على هذة المؤسسات هونفسة على المؤسسات الحكومية اكو تكامل
علي دبلوم اقتصاد وسياحة ودبلوم ادارة مدنية
2008-01-01
الموسسات في العراق تحتاج الى تغير جذري ابتداء من الفكرة التي تاسست بها هذة المؤسسة وصولنا الى احترافيتها وتخصصها بما ان الموضوع لة عدد من النواحي تبداء بالدائرة والقوانين والمواطن نفسة وكيفية عملها وهل هي مواسسة خدمية ام مؤسسة ربحية فلوا كان المواطن يعرف ماهي حقوقة لما استطاعت بعض المؤاسسات ابتزازة هنا حتى عندنا في المانيا كلمة البخشيش معروفة المؤسسات هنا قريبة الى المواطن وجودها لخدمتة ومساعدتة ياخذ حقة فقط اما الموضف يعمل بالشفافية والقانون واضح يلحقة اذا ارتكب مخالفة هنا موجودة خارطة طريق
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك