المقالات

السعودية وتقليب الأوراق في العراق 


عبد الكاظم حسن الجابري
لعبت السعودية دورا كبيرا في المشهد العراق بعد عام 2003, وكانت في تماس مباشر مع المشهد العراقي وتقلباته.
لم يكن هذا الدور دورا إيجابيا أبدا, فما إن صعدت القوى المعارضة لنظام البعث, والتي تنتمي في اغلبها إلى الأكثرية الشيعية, إلا واستشاطت نار الغضب والحقد لدى المملكة, لتخريب الواقع الجديد.
أذكت السعودية ومن معها من أعراب الخليج النار الطائفية في العراق, وقد لعبت بشكل كبير على هذا الوتر الحساس, فبدأت بتسيير قوافل الإرهابيين من داخلها, وتمويل تجنيد الإرهابيين من باقي دول العرب والدول الأجنبية.
ترى السعودية إن العراق منافس قوي لها في المنطقة, سواء منافس على الصعيد الاقتصادي أم على الصعيد العقائدي, وإن أي استقرار في العراق, يهدد وجود هذه المملكة, ويُعد الشيعة الخطر الأكبر الذي يقف حجر عثرة أمام مخططاتها.
كما إن السعودية ترى إن العراق ساحة صراع مباشرة مع القوة الصاعدة في المنطقة وهي إيران, وإن إيران ذات العقيدة الشيعية, ستجد لها المساحة الكبيرة في العراق, بسبب الانتماء العقائدي لغالبية السكان العراقيين.
مخططات السعودية بإذكاء النار الطائفية, وإبادة الشيعية باستخدام المجاميع الإرهابية, باءت بالفشل, واصطدمت بحكمة وقيادة الزعامة الشيعية, التي لم تنجر لإصدار فتاوى ضد المكونات الأخرى, وكانت مواقف سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني رائعة في هذا المجال.
وحينما حاولت السعودية ومن يقف وراءها من دول الغرب, الإجهاز على العراق وإسقاطه, من خلال إدخال داعش, وإعلان دولتهم المزعومة, وفشل الحكومة العراقية بقيادة المالكي بضبط الوضع الأمني, تصدت المرجعية لهذه المجاميع, وأصدرت فتواها العظيمة بالجهاد الكفائي, لتُفْشِل المخطط الإرهابي الجديد.
الفشل الذي مُنِيَتْ به السعودية في العراق, وتيقنها بأن العراق سيصمد إذا تعرضت عقيدته لسوء, جعل المملكة تفكر بسلوك آخر لتخريب الوضع الجديد وإسقاط الشيعة.
عملت السعودية على احتضان ودعم الحركات المنحرفة, كحركة الصرخي واليماني والمولويه ورواة الحديث وبعض أدعياء المرجعية, وكذلك استغلال ما يسمى بالحراك المدني, واستغلال مسميات الناشطين والإعلاميين لفك الجماهير عن قيادتهم الروحية المتمثلة بالمرجعية العليا, ليسهل الإجهاز على العراق, كما استخدمت شتى الوسائل لإشعال فتيل حرب شيعية-شيعية في الجنوب من خلال الحرب الناعمة.
استغلت السعودية أيضا إعلان التيار الصدري ابتعاده عن سياسة المحاور, ومناداته بالوطنية, فوجدت السعودية في هذا السلوك مدخلا لاختراق التيار الصدري –وخصوصا بعد تصدي التيار للحراك المدني- وبدأت بإنشاء أكبر جيش الكتروني, بصفحات ممولة, لبث الإشاعات والدعايات ما بين التيارات والمكونات الشيعية لتأزيم الموقف.
تم الشحن وتأزم الموقف كثيرا, وخصوصا مع إعلان نتائج الانتخابات الأخيرة, وصار الحديث عن وقوع حرب أهلية حديثا علنيا, كما صرح بذلك السيد نوري المالكي بتاريخ السادس من شهر مايو أي قبل الانتخابات بستة أيام.
كان تفجير مدينة الصدر بمثابة إشعال فتيل أو شرارة القدح للحرب الشيعية- الشيعية واعتقد أنا إن السعودية متورطة عن طريق بعض عملاءها بهذا التفجير.
حكمة القيادات الشيعية –في هذا الموقف- وتدخل إيران المباشر لحل هذه الأزمة بين القوى الشيعية, فوت الفرصة على السعودية, وكان إعلان تحالف الفتح وسائرون بمثابة السهم الأخير في المخطط السعودي للاقتتال الشيعي.
كان تحالف الفتح وسائرون صدمة كبيرة للسعودية وللخليج, وكذلك للغرب ولإذناب النظام السابق, الذي راهنو على شق الصف الشيعي, مستغلين شاعرات التيار الصدري الوطنية, والمنادية بالنأي بالنفس عن سياسة المحاور, وعن سياسة الأقطاب والصراع على المصالح وبهذا تخسر السعودية ساحة أخرى من ساحات المواجهة أمام إيران.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك