( بقلم : علي حسين علي )
كان العام 2007 عاماً مميزاً بامرين: اولهما: انحسار الارهاب واستتباب الامن في معظم الاراضي العراقية، ومع ان بعض بؤر الارهاب التكفيري والصدامي ما زالت تعمل الا ان التراب سيسد فوهاتها لا محالة، والامر الثاني: هو ان العراق حقق نجاحات سياسية ان في الداخل او في علاقاته الدولية، ففي الداخل، ومع اندحار الارهاب بدأ العراقيون يزدادون توحداً والمصالحة الوطنية تتسع للجميع، وبدا التطرف اياً كان مصدره ينسحب من الواجهة ويتراجع. وفي الخارج استطاع العراق ان يفكك المقاطعة الدبلوماسية الدولية ويعيد علاقاته مع معظم دول العالم.لكن مع كل هذا فالعراقيون ما زالوا يعانون من نقص حاد في الخدمات، وتنعكس عليهم النتائج السلبية للفساد المالي والاداري، وكذلك فان السنوات الاربع الماضية لم تشهد فيها بلادنا اية حملة اعمار جدية، ومع ان بعض كبار المسؤولين يعللون هذا التعطل في مجال الاعمار والبناء بانه يعود الى الارهاب، وتلك ذريعة قد تكون مقبولة في بعض المناطق العراقية حيث كان للارهاب سلطة لتخريب كل بناء واعاقة كل اعمار، الا ان هناك مناطق آمنة وهي كبيرة وواسعة لم تصلها يد الاعمار الحقيقي بل كل ما وصلها هو (الاعمار المزوق)! وهذه المناطق هي الان اشد حاجة الى الالتفات اليها.
تزيد ميزانية الدولة العراقية للسنة الجديدة على (48 مليار دولار) وهو رقم فلكي لم يسبق للعراق ان بلغه في تأريخه الحديث، ومن دواعي التفاؤل ان المسؤولين الحاليين لن يجدوا ذريعة لتأخير عمليات الاعمار والبناء مثل الارهاب ونقص الاموال! فالارهاب قد طرد ولم يبق له اثر الا في مساحة صغيرة وليس بعيداً ان يطرد منها نهائياً.. اما الاموال فهي موجودة ومتوفرة وما على الذي يريد ان يعمل فعلاً الا ان يطلبها.. وعليه، لا ذريعة ولا عذر بعد اليوم للمسؤولين العاجزين والمتلكئين. والمشكلة التي ظلت تتوارثها حكومات ما بعد سقوط الطاغية صدام هي الفساد المالي والاداري، وهي مشكلة معطلة لكل عمل ومعرقلة للاداء الحكومي، فضلاً عن كونها اساءة لتأريخ العراق الحديث ووصمة عار في صفحاته.
فالجميع يتحدث عن الفساد المالي والاداري ويستنكره ابتداءً من الوزير وانتهاءً بعامل الخدمات فمن هو الفاسد اذا كان كل العاملين في الدولة يلعنون الفساد ومن رعاه ومن يمد في عمره؟! فالمطلوب الان، وفي مطلع السنة الجديدة، ان تشن الحكومة حملة شاملة على الفساد وبكافة اصنافه ولا تستثني اياً من الفاسدين.. وكما نجحت في حربها على الارهاب نأمل من الحكومة ان تجتث الفاسدين في دوائر الدولة، وبذلك يمكن ان ينتقل العراق الى مرحلة الاعمار والبناء من دون معوقات او معرقلات. وما يريده المواطن العراقي من حكومته المنتخبة ان تكون صارمة وحاسمة في تعاملها مع الفساد المالي والاداري، كما كانت عليه في حربها على الارهاب.
https://telegram.me/buratha