المقالات

لماذا تم إحراق ميثاق الشرف الأنتخابي؟!

3720 2018-05-10

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

قبل وقت قصير من بدء الحملات الدعائية؛ للأنتخابات البرلمانية الحالية، وبدفع من أطراف طيبة النوايا، بعضها أممي وبعضها الآخر دولي، تداعت القوى السياسية لتوقيع ميثاق "شرف" أنتخابي، ضمته تعهدها بتنظيم حملات دعائية "نظيفة"، لا يشوبها التسقيط السياسي، لكنها جميعا وبلا أستثناء، أحرقت أوراق هذا الميثاق، حتى قبل أن تبدأ حملاتها الدعائية..فما أسباب ذلك؟!

 أحاول هنا أثبات حقيقة لا يمكن القفز فوقها، هي أنه وبعيدا عن الأستبداد بالرأي وثقافته، سنجد غالبا لأوجه الاختلاف منطقيتها ومسوغاتها، لكن ليس على طريقة إختلاف "أولاد الفيسبوك"..!

الأختلاف شأن إنساني بديهي، وأنه من مقتضيات التكوين البشري، بدءا من الفرد وإنتهاءا بالأممـ مرورا على كل موارد الأختلاف، من أديان وعقائد ومذاهب، وأفكار وفلسفات ورؤى..

 يكاد من المستحيل؛ تحقق وجود شخصين متفقين بنسبة تفوق النصف، وفي بحث العلماء والمختصين عن علل الإختلاف، ذهبوا مذاهب شتى، وتاسست مدارس فكرية كبرى، وخرج الفلاسفة والمنظرون علينا بنظريات، تحاول جميعها إيجاد تبريرات للإختلاف، بقراءة أسبابه ومسبباته ونتائجه، لكنها ما استطعت الوصول الى نتائج حاسمة...

غير أنها جميعا فشلت؛ بتقصى أسباب وخلفيات الاختلافات بين البشر، بأنواعها العقائدية والعقلية والثقافية، والنفسية والنفعية والذرائعية، وأدى البحث في الإختلاف، إلى الدخول في إختلافات جديدة، نتيجة التنازع على التوصيف والأولويات!.

أنحسرت بشدة ثقافة الحوار والاختلاف، ومنذ الربع الثالث من القرن الفائت، تقلُّصت ألوان الحوار المجتمعي، وفي السنوات الأخيرة؛ حلت محلها ثقافة الفيسبوك، المتسمة بفرض الآراء، معبرة عن ثقافة الصوت الواحد، واللون الواحد التي لا تقبل الاختلاف، وغابت الحوارات عن شتى المجالات السياسة أو الاقتصادية، أو الاجتماعية أو الثقافية، وحتى الأدبية منها.

ضعف ثقافة الحوار؛ وانعدامها في كثير من الأحيان، بائن ليس فقط في بنية الأنظمة الحاكمة، بل في بنية التوجهات والحركات والمنظمات السياسية، التي نتجت أساساً عن صراعات لا عن حوارات! وسرت عدوى ذلك بين الأفراد، الذين تحولوا إلى وقود للصراعات العرقية والطائفية، بعدما تحولوا الى صدى ووعاء، يتلقى التوجهات الفكرية والسياسية، التي تنتجها الأنظمة أو الحركات السياسية والفكرية القائمة، دون أي تفاعل معها أو تأثير فيها...

مع هذه النتيجة ثمة نتيجة أخرى، هي أن كثير من المتعارضين، ينزعون إلى سياقات الخيانة والمؤامرة، والبلادة والحماقة، والجمود والرجعية، لتعليل الإختلافات.

والنتيجة أنهم يرتكبون إثما وجريمة، بحق أنفسهم قبل غيرهم، لأن إشاعة ثقافة الأتهام، والتخوين والتأثيم للمخالفين، لن تؤدي إلا الى؛ مواقف مقابلة مشابهة أو أكثر تشددا..

هل يمكن أن نتوقع من غير الشريف المحافظة على الشرف؟!

كلام قبل السلام: علامة العيب، أن يفتش المرء عن عيوب الآخرين وينسى عيبه!

سلام...

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك