( بقلم : اسعد راشد )
لم تكن زيارة "طارق الهاشمي" رئيس الحزب الاسلامي الى اقليم كردستان مفاجأة للمراقبين ولا لللاعبين الرئيسيين على الساحة العراقية ومشهدها السياسي فهي تأتي بعد جولات وصولات بين الطرفين الكرديين والطرف السني حيث كما قال رموز الحزب المذكور مامعناه بان التفاهمات كانت جارية بين الاطراف الثلاثة منذ سنة الا ان توقيع "مذكرة التفاهم" جاء ليكرس الامر ويوضح "الهاشمي" في مؤتره الصحافي بان الامر لم يرقى لمستى "التحالف"!
الا ان الطرف الكردي اراد اعطاء الزيارة بعدا سياسيا يلقى صداها في بغداد وبالذات لدي الاطراف الشيعية التي تقود الحكومة ولذلك حرص الجانبين الكردي والسني ايصال رسالة الى حكومة الدكتور المالكي كلّ بطريقته الخاصة ‘ فالسيد جلال الطالباني رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني يقول " ان الاتفاق هو خطوة مهمة لتشكيل حكومة وطنية" فيما ذهب "عبد الله سليم " الذي وجد ان حزبه و"جبهة التوافه" اصبحا خارج المعادلة السياسية خصوصا بعد تقدم مجلس انقاذ وصحوة الانبار بمرشحيهم كبدلاء للمنسحبين من تلك الجبهة فقد صرح لجريدة "الشرق الاوسط" : بان "ان مذكر التفاهم التي وقها الحزب اول من امس مع الحزبين الكرديين الرئيسيين في البلاد تعد "رسالة الى المالكي" مفادها ان القوى الكردية والسنية قد تتحالف فيما بينها في مواجهة الاحزاب الشيعية "
بالطبع التحالف الكوردستاني يسعى بدوره للحصول على التنازل من الائتلاف فيما يخص بعض الملفات العالقة التي يجري التفاهم حولها وحسب مصادر السياسية فان الظروف المحلية وحتى الاقليمية مازالت غير ناضجة لتنفيذ "بنود" الاتفاق بين الائتلالف والتحالف الكوردستاني فيما الطرف الكوردي يصر على الامر دون مراعاة للظروف السياسية والامنية القائمة في المنطقة ويسعى من خلال بعض الحراكات السياسية للتعجيل بالامر وهو ما ادى الى ان يفسر بعض المراقبين بان "مذكر التفاهم" الثلاثي موجه ضد الشيعة خاصة وان بعض التصريحات التي ادلى بها بعض اطراف التحالف الثلاثي مثل اللويح ال1ي ادلى به النائب محمود عثمان حول "استخدام ورقة الانسحاب من الحكومة لتنفيذ مطالب الاكراد" وهو تصريح بالطبع يناقض تصريح اخر أكد عليه النائب عثمان عندما قال "ان التحالف الكوردستاني يسعى لضم الحزب الى التحالف الرباعي ليصبح تحالفا خماسيا " نافيا في الوقت ذاته ان "يكون التحالف الكردي ـ السني الجديد ورقة ضغط ضد حكومة المالكي لتنفيذ مطالب السنة"
والمثل الشهير يقول "لا دخان بدون نار" وهذا ايعني ان ما يتداوله المراقبين قد يكون في بعض جوانبه صحيحا خاصة وان ان لاطراف المذكورة يقرأون ما يتداوله الاعلام ويجسون النبض في نفس الوقت ما يصرحون به في هذا الخصوص وهذا ما يجعل بحد ذاته يكفي لكي نعرف ان هناك فعلا محاولات للضغط على المالكي وعلى الشيعة من قبل الاكراد والتصريحات هي خير دليل وكذلك جاءت زيارة الوفد الكوردي برئاسة "نيجرفان البارزاني" الى بغداد والنجف لتؤكد هذه الحقيقة خاصة بعد اعلان مسعود البارزاني في مؤتمر صحفي مشترك عقده في منتجع دوكان شمال مدينة السليمانية مع رئيس الجمهورية السيد جلال ورئيس الحزب الاسلامي "طارق الهاشمي" بان (( الوفد الكردي عاد من بغداد دون ان يحقق شيئا)) ..
وهنا يطرح التساؤل نفسه :
هل يستطيع الكورد الانفراد مع الحزب الاسلامي لفرض شروط ومطالب على الشيعة ؟ وهل من صالح الكورد اسقاط حكومة المالكي الذي يمثل "الائتلاف الشيعي" في قيادته للدولة العراقية ؟
وهل يثق الكورد بالحزب الاسلامي المعروف بتوجهه العنصري والطائفي وكان رئيسه لحد قبل التوقيع على مذكرة التفاهم يرفض تفعيل المادة رقم "140" من الدستور العراقي وهو من الذين وقفوا بقوة في وجه القضاء وحكمه الصادر بحق جزار الكورد "الكيماوي" ورفيقه في حملة الانفال "سلطان هاشم" فما عدى مما بدى ان يتحول الهاشمي بين ليلة وضحايا من ذئب قاتل الى "حمل وديع" ؟!
لنجيب باختصار ..
الكورد يعلمون جيدا وهم يقرأون الاحداث بفطنة ان سقوط حكومة المالكي ليس في مصلحتهم بل سيضرهم لان البديل لن يكون بافضل من المالكي خاصة وان الدول الاقليمية العربية تسعى ومنذ فترة طويلة لاسقاط حكومة يقودها الائتلاف والاتيان بحكومة يرأسها من بدأ يحرض بعض "العشائر" وزعماءهم ـ وهم اقلية وشرذمة ـ في الجنوب الشيعي ضد الفيدرالية وضد ضم كركوك الى الاقليم الكوردي اي "الدكتور علاوي" وهو يدفع الملايين التي تضخ اليه من دول الجوار لتحقيق هذا الامر ولعل ظهور ما يسمى باحد رؤساء العشائر الجنوب قبل ايام في برنامج الجزيرة "المشهد العراقي" وهو كاظم العنيزي جالسا في احدى استوديات الجزيرة في "عمان" او "الدوحة" ورفضه الصريح لضم كركوك الى كردستان العراق وحديثة السخيف ضد الفيدرالية وتخرصاته حول التدخل الايراني في الجنوب وهويته العربية كلها تدل على ان ليس هناك اقوى من الائتلاف الشيعي وافضل حليف للكورد والمعلوم ان نهج الدكتور علاوي ومن على شاكلته من امثل الهاشمي وغيره لا يختلف عن نهج البعث والشوفينيين الاعراب .
الاقليم الشيعي يتمتع بميزات كثيرة تضاهي تلك الموجودة في كوردستان اضعاف مضاعفة وهي اليوم التي تصدر النفط العراقي وتملك مفتاح 80% من نفط العراق واحتياطياته وهو الذي يضخ الى ميزنية اقليم كردستان 17% من وارداته بعد ان يتم استقطاعها من ميزانية حكومة المركز فلا يتصور احدا ان الشيعة رقم سهل بل هو الاصعب في المعادلة العراقية لا يضاهيه رقم ومن يقول ذلك لا يفهم في السياسة او لا يعقل شئيا .
السنة واقاليمهم مجتمعة اراضي جدباء فيها الجرابيع والجرذان وقفاري يباب اضيفت اليها مؤخرا "ضباع" القاعدة والاعراب المتعشطين للدماء ‘ تلك الاقاليم تطمع في ان تكون" كركوك" النفطية امتدادا لمحافظة صلاح الدين وانها ترفض بشدة ضمها الى الاقليم الكردي وهذا ما أكده تصريح "الدليمي" و"المطلق" ضد "مذكرة التفاهم" الثلاثية كما جاء في تصريح الدليمي الهزاز حيث انتقد "بنود التفاهم " اما صالح المطلق البعثي المعروف فقد اعتبر " ان ماجرى توقيعه وبدون علم شركاء حقيقين في الجبهة يثير كثيرا من علامات الاستفهام ‘ في الوقت الذي يحتدم فيه الجدل حول مدينة كركوك والعقود النفطية التي وقعتها حكومة اقليم كوردستان مع الشركات الاجنبية" وأضاف الطلق في حديثه لراديوا سوا "ان هذه العقود جرى توقيعها خارج نطاق الدستور والقانون" على حد قوله ..
هذا اذا علمنا ان اسقاط حكومة المالكي ـ افتراضا ـ سوف يقلب الاوضاع ويعيد الفوضى الى البلاد بمعنى ان عدم الاستقرار في الاوضاع وتدهور الحالة الامنية لن يجدي شيئا بل يفتح ابواب جهنم امام المناطق الغربية وكركوك وان ميليشيات البعث والقاعدة الارهابية سوف تتدفق لتنفيذ مخططاتها وخربطة الاوراق على الطرف الكوردي بالدرجة الاولى وهذا الامر قد لا يبوح به لا الهاشمي ولاحزبه الا ان اطراف اخرى في جبهة التوافه لهم مواقف ثابتة في هذا الخصوص .
اذن على اخينا عثمان ان لا يهدد بالانسحاب فالشيعة قد عرفوا اللعبة السياسية وهم كـ"غيرهم" يلعبون سياسيا ولكن في الوقت نفسه تبقى المبادئ مبادئ وهي ثابتة .. وبذكرنا الاقليم الشيعي نود ايضا ان نعرج الى المرجعية الشيعية في النجف والتي مازالت تشكل صمام الامان لشيعة العراق والعراق ولما تجد المرجعية ان الخطوط الحمراء قد انتهكت او على وشك السقوط فعندها للشيعة رقمهم وهو رقم يصعب بلعه او الغاءه اليوم او تهميشه .
اسعد راشد
https://telegram.me/buratha