المقالات

لماذا يسرق شعب "علي بابا" الدولة؟!

2813 2018-04-13

قاسم العجرشqasim_200@yahoo.com 

ليس سبب الأزمة الأقتصادية التي نمر بها، متعلق فقط بالفساد وسوء الإدارة والتخطيط، ولا بتداعيات المعركة ضد الإرهاب والوضع الأمني فحسب، بل ذلك يرتبط بسلوكنا الأقتصادي الجمعي.

موضوع السلوك الإقتصادي الجمعي للعراقيين؛ واسع ومتشعب، ونستطيع الحديث عن الطبيعة الإستهلاكية، وعدم نزوعنا الى الإدخار، وإنفاقنا على اللاضروريات، وتقديمنا الأقل أهمية على المهم، وغيرها من المواضيع!

 لكن يبقى موضوع اننا نتصرف مع المال العام كمزرعة، يمكننا تناول ما نشاء من ثمارها بلا حساب، وكذا بالنسبة الى الخدمات العامة، لإننا ثقفنا أنفسنا، على أنها يجب أن تكون مجانية وبلا حدود!

هذا النمط من التفكير، لم يكن سائدا في مجتمعنا قبل عام2003، فقد كنا ندفع لنظام البطش الصدامي صاغرين، وكان يتفنن في حلبنا، ولكن ومع دخول طلائع المحتلين الأمريكان، وسماحهم وتشجيعهم على نهب موجودات الدولة، بدأ هذا السرطان بالنمو، وتحولت فئات واسعة من شعبنا الى "علي بابا"!

بالحقيقة أن هذا السلوك له ما يبرره، إذ أن الدولة كانت عدوا للشعب، وبعد سقوطها طغت مشاعر الإنتقام، وكان نهب الدولة وممتلكاتها، هو الوسيلة الأقرب لتحقيق الإنتقام، شجع على ذلك؛ أن البعثيين كانوا أوائل الذين نهبوا ممتلكات الدولة، التي تحت أيديهم، وتتذكرون الصورة جيدا، وليس هناك من داع لإجترارها!

على نفس النمط من التفكير، وكوسيلة للإنتقام من الطبقة السياسية، التي حلت محل النظام السابق في إدارة الدولة، ونتيجة لسوء الأداء والإدارة، وتراجع مستويات الخدمات والأمن، وإستغلال ذلك من قبل أعداء الديقراطية والعملية السياسية، بالتثقيف المضاد وبكم هائل، باتت الحبة كبة في وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الإجتماعي، حيث تم تضخيم الإخفاقات؛ الى مئات الأضعاف من حجمها الحقيقي، وبات في نظر الشعب؛ أن "كل" العاملين في الدولة "حرامية"، وإن لم يكونوا كذلك!

النتيجة أن الدولة؛ إنتقلت من وصف "الدولة الظالمة"، وهو الوصف المستحق للنظام الصدامي، والذي تم الإنتقام منه، بتدمير مؤسسات الدولة ونهبها؛ على طريقة الحواسم، نقول أنتقلت الدولة؛ الى وصف "الدولة اللص"، كما رسمت ذلك الصورة المكبرة التي أشرنا اليها، وبالتالي بات تبرير سرقتها وإحتقارها، مشرعنا ومقبولا  وسهلا!

إن إحجام المواطنين؛ عن الإيفاء بإلتزاماتهم المالية تجاه الدولة، وعدم دفعهم أجور الخدمات التي تقدمها لهم، يقع في إطار هذا الوصف، وهكذا فإنه ومنذ أكثر من خمسة عشر عاما، ونحن نستخدم شبكات مياه الشرب، والمجاري والكهرباء، وقنوات الري والبزل للأغراض الزراعية، ونستخدم الشوارع وننتفع بالإنارة العامة، وغير ذلك من الخدمات، دون أن نقدم أثمان ما نستخدمه، بل ونذهب الى تحطيمه كلما زعلنا على الدولة!

تشكل تلك الأثمان مبالغا كبيرة جدا، وموارد مهمة بذمتنا، كان بإمكانها لو تم تحصيلها بكفاءة ونزاهة، أن تسد العجز المالي، ويمكن توظيفها في القطاعات الخدمية ذاتها، التي نشكو من ترديها!

كلام قبل السلام: صحيح أن العملية السياسية رافقتها أخطاء فادحة، وصحيح أيضا أننا لم ننل ما كنا نتمناه، وصحيح كذلك أن هناك؛ عدد كبير من الساسة الذين خيبوا آمالانا، أما بإنشغالهم بمنافع العمل السياسي، أو لفسادهم، أو لعدم قدرتهم على تحقيق آمالنا، لكن هذا كله لا يبيح لنا أن نسرق الدولة!

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك