المقالات

حدث اعدام صدام والتغطية الاعلامية المنحازة

1549 14:38:00 2007-12-22

( بقلم : محسن النجم )

يحاول كل هؤلاء الذين يخشون تكرار ما حصل في العراق ,أدامة الصراع الدائر هناك والعمل على تغذيته وبشتى الوسائل ليضمنوا عدم استقراره خوفا من وصول النار الى بلدانهم  ولعل من اهم احدى تلك الوسائل (وسائل الاعلام) او السلطة الرابعة والتي ينبغي ان تكون محايدة هدفها الاساس البحث عن الحقيقة مهما تكن واينما تكون ؟ لا ان تكون رخيصة لخدمة هذا الطرف او ذاك !

فمصطلح النزاهة (عدم التحيز)والدقة والانصاف احد اهم العوامل الجوهرية في القانون الاعلامي فضلا عن الامانة واللياقة  ومفهوم عدم التحيز كما يعرفه قانون الوسط الاعلامي  (هو ان لا تساند حزبا او دينا او افرادا او مجموعة عرقية بعينها ليعطي مجالا لعرض وتحليل أراء وقرارات كلا الاطراف) *معهد صحافة الحرب والسلام وبالمقارنة مع ابسط هذه المعايير يكون الاعلام العربي قد احدث خروقات كبيرة فيما لو اخضعناه للمقارنة مع تلك المعايير , فمثال بسيط ان هؤلاء الذين تصفهم الفضائيات بانهم (أرهابيون) وفئة ضالة فيما لو قاموا باية (اعمال تخريبية) وفيما لو وقعت اعمالهم على اراضي تلك الدول لكنهم وعلى حد وصف نفس فضائيات تلك الدول بانهم (مجاهدون) واعمالهم التخريبية اعمال (مقاومة) للمحتل فيما لو وقعت في العراق ,كون ان هؤلاء حسب ادعاءهم يقاتلون الجيش الامريكي الغازي لدولة العراق وبديهي للجميع كيف جاء الجيش الامريكي من قواعده الموجودة على اراضي تلك الدول ,فقاعدة السيلية مثلا لا تبعد الا أميالا بسيطة عن مقر قناة الجزيرة الفضائية والتي تعد من ابرز المطبلين لما يسمى "بالمقاومة "! وربما كان حدث اعدام الدكتاتور السابق صدام العامل الابرز لرصد سلوكيات هذه الفضائيات ووضعها على المحك وهل انها تعمل بمهنية ام لا؟

فالطريقة التي تعاملت بها هذه القنوات كانت مفضوحة ومستهجنة وتفتقر للحيادية اذ لوحظ الفرق الواضح بانحيازها للجلاد على حساب ضحاياه وهم كثر, ومن العيب ان نرى الفضائيات العربية قد صورت للمشاهد ان ذلك "الوحش الكاسر والذي لم ينجو من بطشه حتى اقاربه" على انه ملاكا طاهرا راح الى مثواه شهيدا مظلوما في صبيحة يوم العيد  لكنها عدالة السماء التي جعلت اعدام هتلر بغداد في نفس المكان الذي لطالما شهد صدورا قد مزقتها قسوة وابل الرصاص واعناقا سئم حبل الجلاد من كسرها لكثرتها .

لكن ماالذي جرى ليتحول دكتاتور العراق الى اسطورة لدى هذه الفضائيات التي ما انفكت تمسخ عقول الشعب العربي  اذ اوحت للجماهير ان بموت "صدام" يعني ضياع مشروع الامة النهضوي لتصاب الجماهير بعدها بالهستريا لتنطلق المظاهرات والاحتجاجات بلا ادنى تفكير هنا وهناك  ولست بالمحلل النفسي لاجيب عن ذلك السؤال او غيره او لاعطي تعليلا علميا منطقيا لظاهرة النوح والبكاء بل وارتداء الملابس السوداء من قبل مذيعي ومقدمي برامج تلك القنوات الفضائية في ذلك اليوم

ورب سائل يسال اين مهنية الاعلام وحياديته من كل ذلك ؟ فالجلاد معروف وضحاياه معروفيين ولازالت مظلوميتهم تقرع الاسماع فهلا قرعت اسماعهم ؟ الم يسمعوا لصدام بهياته ولسانه كيف يهدد ويتوعد بانه لن يتردد بقتل الالاف دون ان تهتز له شعرة" ليكفيهم ان هذا الرجل كان جلادا ؟ ألم يشاهدوا الافلام الوثائقية التي تظهر مدى قوة بطش سلطته ليقتنعوا ان الرجل كان دكتاتورا فاق اقرانه؟

من منا لم يشاهد ما حصل لمدينة حلبجة الكردية المنكوبة من بربكم لم يشاهد مجازر الوسط والجنوب ابان فشل الانتفاضة الشعبية عام 1991 التي كادت ان تطيح بصدام لولا تدخل امريكا حينها بدفع من بعض الدول الاقليمية كالسعودية وتركيا اللاتي خشت من وصول طائفة معينة لدفة الحكم

الم تكفيهم المشاهد المرعبة لاعدام اولئك الشبان الثلاثة كل من علي عبد الله شوكي الربيعي وجمعة محمد عزيز الماجدي والضحية الثالث مهدي صالح علي وكيف تم تفجير اجسادهم بعد ان جئ بهم لمكان امتلا بحضور البعثيين ليتقدم أحدهم ليقرأ بيان ادانتهم وما ان ينتهي يعلو تصفيق الحضور ثم يبدا عدة اشخاص باقتيادهم لمكان وعر ومن ثم يبدا بلصق مادة تي ان تي شديدة الانفجار ويساقوا الى حتفهم ليفجروا عن بعد بواسطة الريموت كونترول كلا على انفراد ألا يكفي هذا لوحده دليلا كافيا لاثبات سادية جلاد بغداد

كم سنحتاج من الوقت لنقنع كل هؤلاء ان ضحايانا الذين غيبت اجسادهم المقابر الجماعية التي قاربت 300 مقبرة جماعية في عموم العراق,لم يموتوا بسبب وباء الطاعون الخطير او بزلزال كبير او بتونسامي ضخم ضرب العراق قبل أندونيسيا  وانما هم ضحايا بطش ذلك الجزار الذي صورته فضائياتهم على انه أسطورة او بطلا قوميا ولا اعتقد انه من الصواب ان نوجه اللوم لتلك الفضائيات التي تعمل باجندة طائفية قذرة حيكت بكل مهارة ولا تراعي اي مهنية بل تعمل ضمن مبدا كذب حتى تصدق كذبك  اذن لا استغراب فيما لو خرقت تلك الفضائيات القوانيين والاخلاق الاعلامية

لكن عتبي على كل هؤلاء , بما فيهم من منظمات وجمعيات تدعي انها تعمل لصالح كرامة الانسان وما اندهاشي وعجبي  الا لاستنكارها وادانتها اعدام فرد اذاق شعبه الويلات طيلة سنين حقبته المظلمة على مراى ومسمع منها لم تكن لتحرك ساكنا ولم تستطع ان تغير شيئا  وهي تشاهد كرامة الانسان العراقي تهدر كل يوم فما بالها كسرت صمتها الرهيب الذي دام لسنوات لتتحدث عن خرق حصل باعدامه لحقوق الانسان ولتعرب عن اسفها باعدام هتلر العراق الذي ازهق ارواح الالاف الالاف الابرياء رجالا ونساءا واطفالا  اين انسانيتهم من كل ذلك ام ان جميع هؤلاء لم يكونوا بشرا وبالتالي لم تكن تلك المنظمات معنية بهم  ام ان الموازيين اختلت حتى عند هذه التي تدعي انها معنية بحقوق الانسان

محسن النجم

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
نوري الساعدي
2007-12-22
ان العرب الطائفيين لا يهمهم ابدا سقوط مئات الالاف من الضحايا الابرياء من الكرد والشيعه وكل همهم هو ضياع الملك والسلطه من العراقيين الطائفيين الذين احتفضوا بالسلطه زمنا طويلا دون اي حق والذين اذاقوا الاغلبيه الشيعيه والاكراد اقسى انواع العذاب. ان القوميه لديهم تساوي الطائفيه وهم متعصبون بشكل اعمى لطائفتهم وينتصرون لملتهم حتى ولو كانوا معتدين اي انصر اخاك ظالما او مظلوما.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك