بقلم : سامي جواد كاظم
بعد ان تنعمت محافظة الرمادي بصحوة شيوخها وشبابها وما آلت اليه نتائج اعمالهم بطرد مجرمي تنظيم القاعدة من محافظتهم ، فكانت هذه الخطوة ايذانا لامرين الاول الايذان لبقية المحافظات بان يخطو على خطاهم والايذان الثاني هو بدأ تقهقر هذا التنظيم الارهابي في العراق بعد ما كان يراهن على الرمادي وابناء الرمادي .وفعلا تكونت مجالس صحوة في بعض مناطق العراق وهذا مما جعل القوات الامريكية تلتفت الى هذه المجالس والتي تعتبر تهديد حقيقي لما تقوم به القوات الامريكية من اعمال تخريبية ارهابية سواء على مستوى السياسة او على مستوى العمليات العسكرية على الارض العراقية بحجة القضاء على الارهاب .
فكما انها تعمل وعملت سابقا على خلق جو طائفي في العراق فانها لا يكون بصالحها ان تتكون مجالس صحوة تنظر بعين الحق ما يجري في العراق وبالتالي تنضم الى من تعتقده هو الصحيح ، وبما ان خطى الحكومة العراقية الحالية كانت رائعة بالرغم من بطئها فانه يقينا فان الكفة ستميل لصالحها ، وهذا ما حصل فعلا من خلال اللقاءات المتعددة التي حصلت بين اعضاء صحوة الرمادي والمسؤولين الحكوميين ابتداءا من رئيس الوزراء ومرورا ببقية الوزراء والتي نتج عنها نتائج ايجابية انعكست على الواقع في محافظة الرمادي .
وفي نفس الوقت فان العناصر التي لا تريد استقرار الوضع في الرمادي على حساب القاعدة بدأت تعمل جاهدا لخلق مشاكل وعلى جميع المستويات لعرقلة عمل مجلس الصحوة في الرمادي واكثر الاحزاب والكتل التي عملت على هذا المنحى هي التي تنتمي الى نفس طائفة اهل الرمادي واعتقد بل انا متاكد ان الانتماء اسما لا حقيقيا . فما اقدمت عليه هذه الاحزاب على وضع العصي في عجلة الصحوة بات واضح للعيان من خلال الشكاوي والتصريحات التي ابداها مجلس الصحوة وعلى راسهم الشيخ حميد الهايس وابو ريشة .
اما القوات الامريكية فكان لها تخطيط اخر من خلال تكوين مجالس صحوة صناعة امريكية حتى تحصل على عدة مكاسب منها مثلا تشويه صورة الصحوة الحقيقية وزحزحة الثقة التي اكتسبوها من المواطنين والامر الثاني تصفية من لا تريد له البقاء من خلال رجال الصحوة المزيفين وكما قلت ( ميد ان يو اس أي )، والامر الثالث اذا ما تنامت هذه الفكرة فانها أي القوات الامريكية تقدم على تسليحها وجعلها كفة مسلحة تؤثر على الواقع العراقي اذا ما استتب الامر للشيعة في الحكم حتى تكون الورقة الضاغطة على الحكومة العراقية والمقيدة لما تريد الاقدام عليه او اتخاذ قرار معين تراه امريكا لا يصب في مصلحة الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة سواء كانوا داخل العراق او خارج العراق ففي الداخل بقايا البعث وفي الخارج الدول المجاورة .
وهنا نقطة جديرة بالانتباه والتعقيب وهي ماهية عناصر الصحوة المزيفة ؟ ومن اين جاؤا ؟ وكيف وثقت بهم القوات الامريكية ومنحتهم هذه الثقة في استخدام السلاح على مرأى ومسمع القوات الامريكية ؟، ومن خلال الاتصال مع اهالي بعض المناطق التي تكونت فيها مثل هكذا صحوات اكدوا ان رجال الصحوة هم نفسهم الارهابيين الذين اغتالوا وفجروا وهجروا في المنطقة .
سابقا كانوا أي مجرمي الصحوة يمارسون اجرامهم من غير غطاء امريكي والان اصبح بغطاء امريكي حيث اغلب الاعمال الاجرامية التي اقدمت عليها هذه الصحوات كانت تتم بوجود القوات الامريكية .
وفي اخر تقرير للاتحاد الاوربي والذي اظهر قلقه من مجالس الصحوة التي كونتها القوات الامريكية ، وهذا التقرير نتج من المعلومات التي وردتها اكثر من سفارة اوربية عاملة في بغداد واوضحت هذه المصادر الدبلوماسية ' ان هذه المخاوف تتعلق بنمو ظاهر الصحوة التي بلغت حاليا تستتقطب اكثر من 70 الف مقاتل من الميليشيات والتي لاتخضع لسيطرة الدولة
ومن جهة اخرى باتت هذه الدول الاوروبية ترصد توجها متصاعدا لدى الادارة الامريكية ، على استثمار هذا النجاح ، بشكل يمكنها من امتلاك جيش ضارب من السنة في العراق من شانه ان يعزز اطمئنانا كبيرا لدى انظمة الحكم السنية في المنطقة وخاصة السعودية ،وذلك من خلال تحويل مجالس الصحوة الى منظومة عسكرية وامنية لها بناؤها الاداري الخاص وضوابطها الوظيفية المتميز، لتشكل رديفا للجيش العراقي في حالة عدم دمج المجالس في القوات المسلحة ، اما اذا تم دمجها في القوات المسلحة فستكون انذاك قد حققت الادارة الامريكية ، الهدف الرئيسي منها، وهو تحولها الى القوة الضاربة الحقيقية للجيش العراقي '
وقالت هذه المصادر ' حينها ، وبعد هذا الدمج لقوى عسكرية سنية محضة ، مع الجيش العراقي الحالي الخليط من كافة الكيانات ، ستشكل نسبة قيادات الجيش العراقي من السنة ومن الافراد باكثر من سبعين بالمائة ، ومن شان هذا التغيير، ان يشكل خللا مقلقا ودافعا الى استفزاز الشيعة ،كما ترى ذلك اكثر من دولة اوروبية ، لان ذلك سيمثل خللا واضحا في التمثيل الطائفي ، ويساهم في ارباك حقيقي في توازنات الوضع الطائفي للقوات المسلحة العراقية '
واشارت هذه المصادر قائلة : ' ان تقارير موثوقة اكدت بان مجالس الصحوة ،كانت تدار من قبل ادارة تابعة لقيادة عمليات الجيش الامريكي بدعم وتوجيه من دائرة الاستخبارات والمعلومات فيه ، بينما استجاب الجيش الامريكي مؤخرا ، لاوامر من ادارة الرئيس بوش وبتوصيات من كبار مستشاريه ، باشراك عناصر من ضباط المخابرات الامريكية السي آي أي للتنسيق والاتصال مع اكثر قيادات هذه الصحوة ، وتم تعريفهم لها باعتبارهم موظفين من السفارة الامريكية في بغداد بينما هم في الحقيقة ضباط اتصال يتبعون الادارة المركزية لعمليات الاستخبارات والمعلومات
وختمت هذه المصادر الاوروبية قولها انها تخشى من استخدامها ( أي مجالس الصحوة هذه ) ضد قوى عراقية معارضة لوجودها . ولكن واقع الحال بدأ ينكشف امام انظار الكثير من العراقيين وما هي عليه عناصر هذه الصحوات المزيفة وما على الادارة الامريكية الا التفكير بالخطوة اللاحقة وما يتقدم عليه من تصرف يخص هذه المجالس .
بقلم : سامي جواد كاظم
https://telegram.me/buratha