بسم الله الرحمن الرحيم
مرت اسابيع عديدة وما من نشرة اخبار الا وفيها خبر عن استقرار الوضع في بغداد نسبياً وعن عودة العديد من العوائل الى مناطق سكناها ، ولما كنت ممن يمسهم الامر حيث انني ضمن المهجرين طوعاً من مناطق سكنانا في بغداد وجدت قلبي يدق سريعاً لتلك الاخبار خائفاً !! نعم اخفيت هذا الاحساس عن كل من حولي ورسمت بسمة زائفة على وجهي مستبشرة خيراً داعية لقوى الامن بالنصر على من يضمر لوطننا الشر والاذى .
تلقيت العديد من الاتصالات الهاتفية من الاهل تؤكد تلك الاخبار وكان الخبر يزيد في قلبي خوفاً !! بعد تهجير دام سنة كاملة ، صديقات وجيران وجسور ومناطق مشتاقة لها لكنني اخشى لقائها !!استجمعت قوتي وتوجهت بسؤال مباغت الى قلبي قائلة ما بك ؟!! الا تتمنى ان يستقر الوضع ! الا ترجو الرجوع الى من تبكي فراقهم في كل نبضة من نبضاتك !! أم ان بكائك نفاق قد وجد طريقه اليك !! وكيف لي ان اشك بأمرك وانا اقرب الناس اليك ياقلبي ، كل ما اريده ان تفسر لي انا بعد ان خشيت ان تفسر لاحد فالامر صعب .
انت حزين لخبر سعيد فلماذا؟ سأفصل ارتباط اناملي بعقلي لاربطهم بك مباشرة واترك لك أمر تسطير الحروف لتوضح لي ما الامر ؟ وها انا ذا اسمع واقدر ولا تخف فالامر بيننا !!!! ( ماذا اقول لك يا من اتوسط ضلوعك التي طالما امتلئت بالحسرات على وطنك وعاصمتك الشهيدة من قبل ان نأتي الى الدنيا معاً كنت دائما ادعو الله ان يصبرك فالله قد رحمني بانني لا ارى ما ترين غير انني اشعر به اهات وحسرات وهموم تثقلين بها كاهلي ).
اه يا قلبي قد صدقت ، فأنت تروي ما اشعر به ولكني اخشى ترجمته أريد ان اصرخ باني لا اريد العودة الى بغداد لكني اخشى ان يصل صدى صوتي لقباب الكاظمية فاجرح أئمتي اللذين الفا دموعي الحارة شوقاً عندما اسمع دعاء التوسل ويذكر اسمهما فأشعر ان روحي تغيب عن جسدي الماً وها انا ارفض ان اعود فكيف ذلك !!
لم اعلنها واضحة صريحة لحد هذه اللحظة امام بشر لكنها تملىء كياني يقينناً فلقد مللت البدايات الجديدة ، نعم يا بغداد لا تجمعي الرجوع اليك بأمر الولاء لاال محمد ، اه يا بغداد كم اعتب عليك يامن تحتضين العاقين دون المخلصين في احضان مناطقك والمخلص على ارضك خائف يترقب باقي لهدف سامي عسى ان يرق قلبك وتنصريه !! الان لماذا تريدنني ان اعود اين كنتي قبل عام عندما خرجت بحقيبة ملابسيتراقبينني وانا عالقة في شوارعك اثر مجابهات تصورت فيها انني لن اخرج منها سالمة واني ساكون خبر عاجل في احد الفضائيات مجرد جثة مرتمية على حقيبة سفرها !!! تمنيت ان تنصرينا ونحن ننتظر بالقرب منك في احد المحافظات يوم بعد اخر وشهر بعد اخر حتى مر عام كامل احترت فيه في ايجاد منزل وعمل اعيش منه هذه الفترة الصعبة راقبت اهلي وهم ينامون على الارض وليس لي الا ان اخبرهم ان هذا توفيق من الباري بان يجعلنا نرضى بالقليل وان لا ينالوا منا بقتلنا ببساطة ، اشهر مرت ابحث عن عمل حتى وجدته في مدرسة ولتمر الايام لابني علاقة قوية مع طالباتي فلقد صرن حياتي كلها لم يكن الامر مجرد درس يعطى فالدرس العلمي كان سرعان ما ينتهي حتى ادخل في درس ثاني يكون فيه التنافس فيه في حب ال محمد وال محمد فلا وجود لمعلمة وتلميذة وانما قلوب تهيم في حب ال بيت لرجل هو لله حبيب .
حاولت زرع الامل في قلوب تلك الازهار وهن يرتدين السواد على الاب والاخ الذين اخذهم لهب الارهاب فكثير منهن حزينات وفاقدات في الماضي والحاضر القريب مهجرات متألمات غريبات لقد حولنا ال 45 دقيقة في كل درس الى بانوراما بسمة هادفة وفكرة مضيئة ، عندما كنت انجح في رسم الفرحة على وجوههن كنت ارى انتصاراً ضد لصوص بغداد ممن يضمهم البرلمان كصاحب المفخخات المنزلية ، بدأت من جديد بمكان وعمل وخط تفكير جديد بعيد عن الذي كان في بغداد ونسيت انني كنت اعيش عندك يا بغداد فنجاحي في هذه البداية شغلني عن أي الم وحزن على من نسيتني ولم تهتم بي يوماً الى ان بعثتي لي بتلك الرسالة بأنك تتعافيين فأرجعي ايتها المهندسة التي تدعين نفسك بأسمي !!!!
الان يا بغداد بعد عام وربما يعتبرني البعض محظوظة فثمة اناس ينتظرون منذ عقود في بلاد الغربة !! ماذا تريدين الان ان نعود هكذا ببساطة !! لنبدء من جديد ، عزيزتي لقد تعبت من كثر البدايات في حياتي ، ما ذنبي في ان لا استقر في مكان بسببك وبلدي الذي لا يعرف معنى للهدوء !! لابد لي من جمع امتعتي ثانية لارجع اليك على غير فرحة ، لملمت اشيائي اثر قرار بالمغادرة يظن اغلب الناس انه قرار بالعودة اليك لكني لم اقرر للان غير ان اجمع حقيبتي اما لمكان ثاني أو اليك ، صار قدرنا ان ندور في ارجاء الوطن أو ربما في ارجاء العالم فالعراقي طرق كل باب !!!.
وفي صباح يوم ، دخلت الى صفي كما اعتدت قدمت مادتي متضمنة بعض الوقفات التي اعتادوا عليها طالباتي تضمنت نقداً كوميداً بناءاً لذواتنا وبلدنا والحالة التي نعيش فيها ولنتبادل الضحكات الهادفة وقبل ان يرن الجرس قررت اخبارهن بأني مغادرة على عكس كل يوم يمر علي وانا اودع طالبة اما راجعة الى بغداد أو مغادرة الى اخر بلاد العالم أو الى محافظة اخرى أو.... كان الوداع نصيبي كل هذه الفترة وكان قلبي يعصر يومياً الماً لفراق من لم يجمعني بها الزمن الا فترات وجيزة الى ان وصلت الى قناعة نطق بها قلبي وانا اودع طالبة ستهاجر من العراق قالت لي باكية بانني لن اراك بعد الان واننا لن نلتقي ، كانت راحتي في راحتها فخرجت من فمي جملة لا اعلم كيف انها خرجت عن الم عن ايمان عن يأس لا اعلم ، قلت لها باسمة بأن ملتقانا في الجنة !!! تفاجئت وتفاجئت من نفسي وفرحت بتلك الجملة نعم لماذا لا نعمل لهذا اللقاء الذي لايفنى !!!
اليوم هو يوم وداعي لهن فانا من كتب لها المغادرة اخبرتهن متماسكة باسمة رغم الدموع التي لقيتها في عيونهن والتي تسارعت لتكون جمل شديدة اللهجة في انك لماذا اتيت اساسا وعهود عقودها على نفسهم بأن لا يحبوا احداً ابداً وان بلدهن قاسي اخذ الاقارب والاهل والاصدقاء وانهن يكرهن الحياة و..... غادرت الغرفة سريعا متوجهة لزميلة سائلة اياها بأن تذهب اليهن وخرجت من المكان الى الشارع لأبلله بدموعي لماذا يحصل كل هذا لماذا ؟ الى من اوجه العتب الى بغداد أم العراق أم الحكومة أم لنفسي لا اعلم شعور مؤلم امر به وما من معين يعينني الا زيارة عاشوراء التي اتاملها لاهدىء قليلا وليهيج الالم ثانية .
قابلت تلك الزميلة المؤمنة لاحقاً والتي اخبرتني بما جرى بعد تركي للمكان وعن كم الالم الذي يشعرن به لانهن دائمات التوديع والفراق للعديد من الاشخاص فبكيت وهي تتحدث فضحكت قائلة ولماذا تبكين ؟!! فاخبرتها ليس الفراق فقط هو ما يؤلم بل القدر الذي رسم لنا كل يوم بداية جديدة ، فاخبرتني بانها رسالة من الله الي والى كل انسان ؟؟ فاخبرتها وما فحوى تلك الرسالة ، قالت : ان الله يقول لك انظري حولك كل الناس تفارقك وانتي تفارقيهم الا انا فأنا دائما معكي فانا احق بحبك من الاخرين ، احبي الاخرين حبا فيّ تجديهم سواسية . حمدت الله على تلك الزميلة المؤمنة والتي غطت قلبي بالطمائنية لتلك الجمل .
والان يا بغداد نشكرك على الدعوة ولن افتش عن اسباب تذكرك لنا ربما ان اشجارك التي اعتادت شرب الدماء دون الماء قد عطشت لقلة ساكنيك !! فها انتي ترسلين الينا لنكون حطب لنارك التي ما ان تخمد حتى تستعر ثانية ، حقيبتي في يدي فلقد مضطرة للرحيل الا انني لست متاكدة من مكان التوجه فحقيقة يا بغداد صرت اخر من افكر فيها لكثر ما لقيت فيك من الالم ومن جانب ثاني لا زال في العراق امكنة لم اشاهدها اثناء حياتي السندبادية والتي قررها لي بعث احتضنته انتي بحنان !!
اه يا عراق اه ايها البلد الجريح ماذا نرى في جوارك وما يرون خارجك الى الله المشتكى ، الى الكوفة اتوجه بقلبي في هذه اللحظات الى مسلم ابن عقيل عليه السلام وهو وحيد هناك بين الجحافل اعان الله قلبك سيدي في تلك اللحظات يا شهيد الطف الاول حري بنا ان نكون بقلوبنا معك اليوم مولاي وان ننظر الى حيث نظرت الى حيث ابا عبد الله الحسين ع وانتة تسلم عليه في اخر لحظات فما من دواء لجراحنا الا التوجه لكربلاء بقلوبنا وعيوننا الدامعة ليهون علينا كل الم ، عظم الله اجور المؤمنين بهذا المصاب .انا لله وانا اليه راجعون ولاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق محمد واله الطيبين الطاهرين نسالكم الدعاء
اختكم المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha