المقالات

سؤال مخيف: كم تبقى من عمر العراق الموحد؟!

3759 2017-10-31

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

يبدو العنوان مستفزا الى حد ما؛ بل ربما سأرمى بتهمة التثقيف لتفكيك الوطن، تلك الثقافة التي يروج لها بكثافة هذه الأيام، بطريقة لا تخلو من ذكاء، إذ غالبا ما يدعي المروجون لها، أنهم حريصين كل الحرص؛ على وحدة العراق أرضا وسماءا وشعبا!

ما دفعني لإختيار العنوان المستفز أعلاه، أن الأحداث تلاحقت في دول عدة، في محيطنا الأقليمي وفيما هو أبعد منه، فقد تهدمت دولا عديدة خلال الثلاثين سنة الأخيرة، وأختفت دولا أخرى من خارطة الوجود..أختفى الأتحاد السوفيتي ويوغسلافيا، وتفككت وتكونت إتحادا دولا أخرى، وجرى ذلك بفعل عوامل عديدة، لكن يبقى عامل الهدم الذاتي، أهم عوامل تهدم الدول.

ما حدث في المنطقة الكردية من العراق، على مدى أربعة عشر عاما الماضية؛ من نظامنا السياسي الجديد، وقبلها ثلاثة عشر عاما؛ حيث عاشت تلك المنطقة، شبه في عهد الطاغية صدام بقرار امريكي ـ دولي؛ يدخل في هذا التوصيف؛ لتنتهي القصة الى إستفتاء بارزاني على إنفصال المنطقة عن العراق، بمخطط حيك بشكل محكم، وكان مقدرا له أن يكون بوابة أحداث دراماتيكية، تعصف بالعراق كوجود.

 سرعة رد فعل الحكومة المركزية، وقوة الرد من قبل الجيش العراقي والحشد الشعبي، وإدراك قيادة الإتحاد الوطني الكردستاني؛ أن النتيجة ستكون كارثية ليس على العراق فحسب؛ بل على المنطقة الكردية نفسها، قعد الأمور على قواعد جديدة، أوقف عملية هدم العراق ولو الى حين، فكيف تتهدم الدول..؟!

 يحصل ذلك؛ حينما تبنى الدولة على فلسفة خاطئة، فلقد أنشأت الدولة العراقية الحديثة، مطلع القرن الفائت، على إفتراض جغرافي غير دقيق، والجغرافية لا تعني الحدود والتضاريس فقط، بل تعني أيضا الجغرافية الإقتصادية والبشرية والسياسية، التي لم تكن منسجمة في حالتنا، مع مبادئ تشكل الدول.

 حوت دولتنا مشاكل ديموغرافية وسكانية كثيرة وثقيلة، ولم تتعامل الدولة مع تلك المشاكل بانفتاح، يمهد لحلول عملية سليمة، تذوبنا جميعا في وطن واحد، بل لجأت الى حلول خلفت مشاكل أعقد، ولجأت الدولة الى عمليات التهجير والتطهير العرقي، والتسفير وحجب الجنسية وإسقاطها على نطاق واسع، وفقد مبدأ المساواة تماما..

لقد بنيت الدولة على عقد اجتماعي مقلوب، فبدلا من أن تكون الدولة أداة بيد الشعب، لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتتصرف على أنها منفذة لآماله، فإنها تعاملت مع الشعب وفقا لثقافة القطيع، فالشعب وفقا لتلك الثقافة، أداة بيد الدولة وليس العكس، وتلك كانت هي نقطة التي آذنت بزوال الدولة وهدمها..

صاغ المؤسسون للدولة العراقية الحديثة هذا السيناريو، اعتقادا منهم بأن ذلك أفضل طريق لحشدالشعب خلف الدولة، أي أن الدولة في الأمام والشعب ينبغي أن يسير خلفها، على قاعدة:" سيروا الى الأمام ونحن من ورائكم، جنود أمناء لحماية الدولة" وتلك كانت الغلطة التصميمية، وهي الغلطة القاتلة، لأنها غلطة هادمة!

كانت فلسفة بناء الدولة العراقية، التي أنشأها مؤسسوها، تقوم على إفتراض تناقضها مع محيطنا الأقليمي، وعبيْ مواطنونا بفكرة: أن لجيراننا أطماع في أرضنا، وهكذا تناقضت دولة العراق مع محيطه، وبقيت طيلة قرن بأكمله مصدر قلق للمحيط، وعمليا فإن دولتنا كانت على خلاف، مع كل دول الجوار، وأن اختلفت حدة تلك الخلافات من دولة لأخرى.

الصورة كما ترون  قاتمة بعض الشيء، واليوم وبعد وشوك تهدم الدولة العراقية، فإن محاولتنا نحن الوارثين لكل هذه العوامل، لبناء دولة على أسس جديدة، تصطدم وبقوة ببقايا فلسفة الدولة السابقة.

كلام قبل السلام: سيكون مشروعا أن نسأل السؤال المخيف، الذي أتخذناه عنوانا لهذه المقاربة!

 

سلام...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك