المقالات

نسيان الدستور أسوأ الأمور


 

قال الفيلسوف والطيب والكاتب المصري, مصطفى كمال محمود: " دولة الكَيف دولة بلا دستور, والمزاج هو الرقعة الوحيدة الحرام, التي لا تدخلها معقولية ولا منطق ". 

لا يمكن لأي دولة, أن يتم حكما كيفما يشاء الحاكم, وذلك عن طريق, سَنَّ دستور مؤقت, قابل للتغيير في أي لحظة, حسب أهواء الحاكم ,كما هو الحال في الحكومات الدكتاتورية, التي حكمت العراق, والتي كان آخرها, حكم الطاغية صدام. 

وافق الشعب العراقي بأغلبيته, على الدستور العراقي الدائم, عبر استفتاء شعبي, من أجل إنهاء عصر الدكتاتورية, وجعل ونظام الحكم, جمهوري نيابي, لضمان عدم تصرف الحاكم, حسب أهوائه, فأعضاء البرلمان, يمثلون رأي وتطلعات الشعب, ومن خلالهم يمكن, سن القوانين وضبط إيقاعها, لصالح المواطن العراقي. 

جاء في تعريف الدستور, "أنه كلمة فارسية مركبة, دست وتعني قاعدة وَر وتعني صاحب, ليصبح معناه صاحب القاعدة", ولا يمكن بناء دولة, دون قاعدة رصينة, يمكن التعويل على بناء قوانينها, بصورة سليمة يتم البناء عليها, وكلما تكون القاعدة, رخوة التكوينات, فهي لا تُنتج غير بناءٍ ضعيف, سرعان ما يتهاوى, أمام المتغيرات المستحدثة. 

جاء في المادة السابعة من الدستور, ضمن الفقرة الأولى," يحظر كل كيانٍ او نهجٍ يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير أو التطهير الطائفي، او يحرض أو يمهد أو يمجد او يروج أو يبرر له، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه، وتحت أي مسمىً كان، ولا يجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق، وينظم ذلك بقانون", إلا أن بعض ساسة العراق, لم يلتزمون بهذه المادة, وانحرفوا نحو الطائفية والعرقية, مخترقين الدستور دون محاسبة!. 

ظروف العراق غير المستقرة, وأمل بعض الساسة, في تحسن الوضع العراقي, جعلهم يتغاضون عن بعض التجاوزات, من أجل سير عجلة, بناء العراق الجديد, ليصار إلى حكم توافقي, بين الكتل السياسية فوزعت المناصب, حسب عدد التمثيل الانتخابي, ما أنتج حكومة سياسية, ذات توجهات متعددة, مختلفة الرؤى, ناهيك عن الأجندات الخارجية, التي تتبعها تلك الأحزاب, مما أخَّر عجلة المسير نحو الأمام, لتتراجع بعدها كل الخدمات, لعدم إرسال الحكومة, لمسودات تلك القوانين. 

إنَّ وضع تأريخ محدد, من اجل تطبيق مواد الدستور أمر جيد, كي يتم الإسراع في تنظيم الدولة, وكان على الحكومة القيام بذلك, لقطع الطريق أمام المندسين, بالعملية السياسية لمآرب مريضة, من الذي كانت اول مطالبهم, إلغاء الدستور الدائم, والعفو عن كل المنتمين, لحزب البعث الصدامي, وإقامة حكومة رئاسية, حيث العودة للمربع الأول, وهذا ليس من امهات أفكارهم, بل بدفع من دول الجوار. 

عندما لم يصل بعض الساسة, لما خططوا له مع أسيادهم, لم يجدوا غير طريقين, أولهما كان اعتلاء, منصات الخيبة والخسران, التي ما رسها بعض الساسة, والطريق الآخر, البقاء وانتظار فرصة الانقضاض, وعلى ما يبدو من المشهد الحالي, أن الأنياب بدأت بالظهور, بعد استفتاء الكُرد للانفصال, لتبدأ تحركات لانفصالهم, ناكرين الجزء الأكبر من المضحين, من اجل تحرير عشائرهم, من أسر داعش. 

قال جورج واشنطن, مؤسس الولايات المتحدة الأمريكية:" الدستور هو المرشد, الذي لن أتخلى عنه أبداً", كونه يعي جيداً, أن الاستغناء عن الدستور, يعني فقدان قاعدة الدولة, لتصبح دولة أشبه ما يكون بدولة الغاب؛ يأكل فيها القوي الضعيف, فتسود الفوضى ويستفحل الفساد. 

فهل يعي ساسة العراق, بعد كل هذه المآسي, ووصول العراق لمفترق الطريق, ومنعطف خطير يوحي, للتقسيم أو الحرب الأهلية؟, وهل يمتلك العراق حكيمٌ, باستطاعته ضبط إيقاع الأزمات, لديه المقبولية ولو من الأغلبية؟ 

قرأت مثلاُ انكليزياً يقول:" من طمع في الفوز بكل شيء خسر كل شيء", ولا أعتقد أن أحداً سيربحُ, إذا تم تقسيم العراق, والعودة للدستور أسلم. 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك