المقالات

هويتنا بين الأزمة وضياع الملامح.


يحاول الإنسان دوما, أن ينتمي إلى شيء ما, فكرة كانت أو عقيدة أو ثقافة, أو قومية أو جنسية .. وربما تتبسط الأمور, فيحاول أن ينتمي ولو لعشيرة أو أسرة حتى. 

تعرف هوية الإنسان بأنها جوهره وتوصيفه الحقيقي, وعقيدته التي يؤمن بها, وتختلف بين شخص وأخر, حتى لو إتفقنا على مبدأ أو عقيدة, لكننا نختلف في كيفية فهمنا للموضوع وتفسيره. 

نتيجة لما مر به العراقيون, من تاريخ مليء بالصعاب, والإختبارات الشديدة, والأهوال العظيمة.. إمتلئت الشخصية العراقية, بمزيج غريب من التناقضات.. جزء من تلك التناقضات أنعكس على هويتهم التي يقدمونها لأنفسهم.. هذا التناقض, جعلهم في حالة صراع داخلي وأزمة دائمة. 

رُبينا منذ صغرنا, على قيم تعطي للدين مكانة مقدسة في نفوسنا, ولتمسكنا بتراث أهل البيت, عليهم وألهم أفضل الصلوات, صار المذهب, لا يقل أهمية, وملتصقا بالدين, وواجهة له.. وعندما كبرنا, وتلاصقا مع ما سبق, فهمنا ما هو معنى الوطن, لكننا فهمنا الوطنية بشكل خاطئ, وزرعت في دخالنا أفكار وعقائد أخرى, كالقومية والعشائرية والمناطقية, وغيرها كثير. 

تمزقت عندنا الوطنية, بين ما كان يحاول الحكم البعثي زرعه في الأجيال, من خلال سياساته لغسل الأدمغة, وبين ما نراه من قتال وجهاد ومعارضة, لهذا النظام القمعي المستبد. 

تمزق عندنا مفهوم التدين, بين ما كنا نراه ونقدسه, من حياة زهد وبساطة وعرفان, لرجال الدين وطلبته, وبين ما كان يحاول, بعض أدعياء التدين, من عملاء النظام ورجالاته المزيفين فعله, لتقديم صورة مشوهة عن التدين. 

صارت عندنا أزمة هوية, عندما ربط الإعلام الموجه, وبكل ثقله وحملاته المستمرة, بين الدين والتخلف, والعلمنة والحداثة.. فلا نحن صرنا من أهل الحداثة والتمدن, ولا بقينا على تديننا, فصرنا نتحدث بالعلمانية ونتشدق بها, ونحن متخلفين في أفعالنا. 

صار عندنا التدين مخالفا للوطنية, والحداثة تعني الإنفلات, والرقي بابا للتفسخ, فضاعت قيمنا وضاع كثير منا معها.. وكل ذلك مرتبط بضخ فكري وإعلامي ممنهج, ونماذج سيئة, أفقدت بعض قيمنا كل معانيها السامية. 

صرنا لانعرف هل نحن مسلمون, أم شيعة وسنة, وهل نحن عراقيون أم عرب, هل نحن مدنيون حداثيون أم نحن تراثيون أصيلون؟ 

ماهي هويتنا الحقيقية, وما هي ملامحها, في وسط كل هذا التوصيف المتقاطع متداخل؟! 

وهل هو توصيف متقاطع أصلا؟! هل هذا يعني أني, لا يمكن أن أكون, مسلما عربيا عراقيا, شيعا مدنيا أصيلا؟! 

ما الذي يمنع ذلك؟ 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك