المقالات

هل تُمَزق معارضة الشارع عباءة الصوف؟!

1669 2017-03-09

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

   كلما يمضي الزمان بنا الى الأمام، خصوصا بعد أن أمضينا قرابة اربعة عشرعاما، من التعاطي مع ما أصطلح عليه بـ"العملية السياسية" جزافا، يتأكد لنا أن هذا المنتج الأمريكي؛ "شيء هلامي" لا يحتمل هذا الأسم البتة، نظرا لأن المفهوم العملياتي لم يتحقق فيه لحد الآن.

    مفردة"العملية" تفترض نظما للأمور، وهو شأن مفتقد فيما نحن فيه من حال، فالسائد هو التشرذم السياسي، وعدم الثبات على المواقف، وإفتقاد الروح المنهجية، وشيوع أجواء فقدان الثقة بين مختلف الفرقاء.

   توصيف الأشياء بمسمياتها المُستحقة؛ أمر ضروري جدا كي نتجنب خطأ التوصيف، ولهذا سنقترح أسما بديلا لهذا الهلام السياسي، وسنطلق عليه أسم"الوضع السياسي".

   في "وضعنا السياسي" الراهن؛ نرى أن هناك أفرادا ليسوا مؤهلين بقدر كاف "للعمل" السياسي، أنخرطوا في الحقل السياسي، يتصارعون بأدوات بدائية على الحكم، معظمهم يقول أنه يريد مصلحة الشعب، وهو في الحقيقة لا يريد إلا مصلحته الضيقة، في إطار حزبه أو فئته أو منظمته أوما شئت من إنتماءات؛ تضيق كلما كان ريع النشاط السياسي عالي المردود!

   في "وضعنا السياسي" الراهن، ونتيجة لتعقيداته ومهما خلُصَت نيات الذين يرغبون بالبديل الصالح؛ أن يأتوا بشيء جديد لحل المشكلات، أو تقديم رؤية صالحة لإصلاح و تنمية البلد؛ أفضل مما جاءت به القوى الموجودة راهنا، داخل أطار الوضع السياسي الراهن، لا لشيء؛ إلا لأنهم خرجوا من بيئة واحدة، وإذا كانت هناك استثناءات، فهي قوى غير قادرة على الفعل، لأنها مغلوبة على أمرها؛ تحت ظل توازنات "الوضع السياسي" المعقدة.

   في ظل هذا الوضع؛ وبعيدا عن هذا الهلام الذي ألتصق بنا؛ ألتصاق قطعة قير بعباءة أعرابي مصنوعة من صوف! يتكون شكل من أشكال العمل السياسي، بعيدا عن التواصل والإتصال بالقوى السياسية المنظمة، هذا الشكل هو ما يمكن أن نعبر عنه بمعارضة الشارع..!

   معارضة الشارع؛ تعني ببساطة أن ثمة وعي ميداني يتشكل وبثبات، هذا الوعي  يبنى؛ على أساس رفض "كل" الذين داخل الوضع السياسي الراهن، ويشمل أيضا والى حد كبير؛ الذين هم خارجه!

   معارضة الشارع؛ عبرت عن ذاتها ووجودها وبشكل عفوي، من خلال وقفات إحتجاجية صغيرة هنا وهناك، أو من خلال تظاهرة متواضعة؛ من حيث عدد المشاركين فيها، في هذا القطاع البشري أو ذاك، جميعها تطرح مطالبا معظمها مشروع، يؤكد أن "الدولة" وهي منتوج "الوضع السياسي"، لم تفلح في بناء علاقة سليمة مع الشعب، تجنبها تكرار مظاهر الإحتجاجات، التي إذا جمعناها الى بعضها، سنجدها تشمل قطاعات واسعة من المواطنين، وبنسبة يمكنها أن تسلب الشرعية عن "الوضع" الراهن.

   ثمة أمر ثان لا يقل أهمية، وهو أن معارضة الشارع؛ وهو تراقب تصارع القوى السياسية، على المواقع الحكومية بعلنية فجة، سيكون لديها ما تعبر فيه عن مقتها؛ لهذا الأسلوب القذر من أساليب الصراع السياسي، وستجد القوى السياسية نفسها، أمام مأزق فقدان"الوضع السياسي" الراهن، ما تبقى له من شرعية وغطاء..!

   كلام قبل السلام: الأمر الثالث؛ وهو أن معارضة الشارع ونتيجة لعفويتها؛ فإنها وفي طريقها للتخلص من قطعة القير، التي التصقت بعباءة الصوف، لا يستبعد أن تمزق العباءة نفسها..!

 

   سلام...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك