المقالات

مشهد من مسرحية"زمال الطمة"..!

2551 2017-01-06

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

   "زمال الطمة" سادتي أجلكم الله، هو ما يطلقه البغداديين؛ على من يعمل ليله ونهاره، دون نتيجة أو أي أمل في تحسين أوضاعهِ؛ فيشبهونه بـ (زمال الطمة).

    الزمال؛ هو نفسه الكائن الصبور المظلوم الذي يدعى (الحمار)، أما (الطمة) بتشديد الميم؛ فهي كلمة عربية فصيحة، تطلق علي ما ُطُمَّ من الجمر تحت رماد موقد الحمام، يوم كان عديد حمامات بغداد الشعبية، تزيد على ألفي حمام، موزعة على شرقي بغداد وغربيها.

    كان وقود الحمامات يُحمل على ظهور الحمير، ويجمع من ما يصح إشعاله من النفايات والقمامة، فيروح الحمار حاملا الوقود وراجعاً بالرماد. والحيوان المسكين؛ من كثرة مواصلة العمل وعدم الراحة، يصاب بالإعياء والتعب، ما يضطره للبروك في إحدى الحفر والأطيان، والتي يصعب عليه التخلص منها فيقولون: (تعال طلِّع هذا الزمال من هذا الوحل).

   لقد أركسنا ساستنا؛ في وحل لا ينتظر الخروج منه في أمد منظور، ومع ذلك هم لا يعترفون أنهم تعبوا وأنهارت قواهم، وأنهم باتوا في حلقة مفرغة يدورون، وأنهم صيروا الشعب مثل زمال الطمة، يحمل حطبهم غاديا ، ونفاياتهم راجعا!

   نحن إزاء مشروع مهم جدا، ولا بد لنا من أن نذهب فيه الى المدى الأبعد، فمشروع إعادة بناء العراق، أو ترميم ما يمكن ترميمه على الوجه الحسن، لن يتحقق ما لم يتحقق أعادة تخليق المشهد السياسي، وتنقيحه من طحالب الرغبات المريضة، فإننا سنتجه الى خانق ضيق أذا بقينا فيه نختنق، وإذا خرجنا منه "معصورين" سنتجه نحو المجهول.

   شعبنا تحمل كثيرا الوجوه السياسية، التي تشكل العناصر المهيمنة على المشهد، وهي ما تزال تدفع به بقوة، الى قنوات مليئة بالمياه الآسنة، ولأن القاعدة العلمية ووفقا لقوانين الوراثة؛ هي تنحي الصفات الحسنة لصالح السيئة عند تزاوج الطرفين، فإن أقدام الرجال الشرفاء ستنجر مرغمة الى المستنقع السياسي، وسيتلوثون بـ "سيانه"، مهما أتخذوا من إحتياطات، وهم في أقرب توصيف، كالذي يجلس قرب كير الحداد، فأما السخام في الوجه، أو الشرار الذي سيحرق ثوبه..!

     قبيل كل استحقاق سياسي؛  يشمر سماسرة السياسة عن سواعدهم، ويشرعون في التلويح بهذه الأحدوثة السياسية أو تلك، رمياً إلى الظفر بالسراب؛ قاصدين تمويه المواطن؛ بمسرحية باهتة ذات مشاهد مفككة..

    كلام قبل السلام: أذا رأيت بائعة خضار ترش الماء على بضاعتها، فأعلم أن البضاعة ذابلة ولا تصلح للأكل، هكذا يتحول الفعل السياسي الى فعل هجين، لا يختلف في نتيجته عن عما كان يفعله "زمال الطمة"!

 

    سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك