المقالات

ليس أمام العراقيين إلاّ أن ينجحوا.. أو يجنحوا

1834 2016-12-15

حميد الموسوي هذه الهجمة الإرهابية المسعورة التي تجتاح العالم بصورة عامة، والعراق وسوريا  بصورة خاصة لم تكن وليدة ساعتها ولم تأت من فراغ. إنها ثمار أفكار سوداوية تحريضية تخريبية تلبست بلباس الدين موظفة بعض النصوص المقدسة حسب أمزجتها المريضة لتختمر في رؤوس المريدين من صغار السن والذين عادة ما يكونون فاشلين دراسيا وعائليا ومتحللين اجتماعيا أو يائسين قانطين من الحياة لسبب أو لآخر، ومن المؤكد أن عملية غسيل الأدمغة لهذه الرؤوس، وتوجيهها حسب الطلب كما يوجه المنوم المغناطيسي ضحيته قد استمرت فترة طويلة لتنتج ما أنتجته من مخلوقات لا تمت للإنسانية بصلة إذ لم تعرف البشرية على طول مسارها التاريخي مخلوقات بهذه الوحشية والبربرية وما يجري في العراق لا يحتاج الى شاهد أو دليل، كما أن ظهور بوادره في البلدان العربية ينبئ بأن ما يجري في العراق سيتكرر في جميع البلدان العربية طالما توفرت الأرضية الخصبة لانتشار تلك الأفكار. وما جرى في الجزائر والمغرب والسعودية والأردن واخيرا في مصر هو بداية الشرر المهيئ لحرائق يصعب اطفاؤها !. والأسباب معروفة ، والعلاج معروف أيضا لكنه يضر بالأنظمة الحاكمة والدكتاتورية منها خاصة والتي تستمد ديمومتها من تجهيل وافقار وافساد المجتمع، وهذه العوامل بحد ذاتها تمثل الجزء الأول في عوامل انتشار الفكر التدميري والغاء الآخر والتي بدورها توسع فجوة التخلف وتعيق تطور وتقدم شعوب المنطقة العربية.
إن الشعوب العربية قادة وجماهير ومنظمات مجتمع مدعوة للوقوف بحزم وبجدية بوجه هذه الهجمة والتي في استفحالها عودة المجتمعات العربية – الخاوية اصلا -  الى عصور الجواري والسلاطين في وقت يخطط فيه العالم لتنظيم سفرات السياحة الفضائية!. والذي يدفعنا لمثل هذه الأحاديث وتكرارها هو هذا الصمت العربي المطبق عما يجري من خراب ودمار وتقتيل على الأرض العراقية والسورية ، وقد لا يتوقف عند حدود الصمت بل يمتد الى الدعم والاسناد والتحريض. وعليه فليس أمام العراقيين إلا النجاح أو النجاح! وهذا لا يتأتى عن طريق التنظير وابداء النصائح وكيل التهم والانتقادات.
كما إن الحكومة لا تستطيع بمفردها القيام بهذا الدور بعدما تحول العراق الى نقطة استقطاب لكافة القوى الإرهابية وإن تعددت أهدافها ومذاهبها ومشاربها مدعومة من مصادر دولية ومحلية واقليمية لها أجندتها الخاصة، السياسية منها والاقتصادية، مضافا لها اجندة تصفية الحسابات لبعض الجهات، وتسويق الأسلحة والأعتدة لجهات أخرى، حيث كشفت المصادر المطلعة صفقات سرية لأكثر من ست عشرة دولة تسوق الأسلحة الثقيلة والخفيفة وأنواع الأعتدة -بعيدا عن الرقابة الدولية- حتى صار العراق ترسانة لأنواع الأسلحة بين عصابات الإرهاب المنفلتة.
صحيح أن الحكومة يقع على عاتقها الثقل الأكبر وتتحمل المسؤولية في توفير الأمن لمواطنيها. لكن هذا لا يعفي المواطن من القيام بواجبه الداعم لكل مساعي الحكومة في القضاء على الإرهاب. وعليه فإن الخطط الأمنية التي بدأت بتنفيذها الحكومة في تحرير المدن من عصابات داعش ، والانقضاض على الخلايا النائمة في المدن الاخرى  لابد أن يسهم المواطنون في انجاحها بمساعدة الحكومة على تجاوز العراقيل والتلكآت التي تقف في طريقها، وأن لا يستعجل النتائج فهجمة شرسة بهذا الحجم لايمكن القضاء عليها بين عشية وضحاها، ولأن القوى الإرهابية والتكفيرية والصدامية ومن يقف وراءها والتي تعاضدت على تدمير العراق وشعبه او استعباده ستصعد من عملياتها وتكثفها كما ونوعا لسببين رئيسيين: أولهما التأثير على نفسية المواطن المتعبة وزعزعة ثقته بحكومته الوطنية، وثانيهما أن بغداد تمثل آخر ورقة بيد الإرهاب وانكسار الإرهاب فيها يمثل سقوطه ونهايته في العراق والى الأبد. ولذلك أكد الخبراء العسكريون والمحللون المختصون على أن الزمر الضالة ستظهر كل ما لديها من وسائل في مواجهة الخطة الأمنية الخاصة بمدينة بغداد، خاصة  وهي تسمع بتصميم الحكومة على أن الخطة لن تتوقف إلا بعد تطهير بغداد والمناطق المحيطة بها وتدمير قواعد انطلاق الإرهابيين وتجفيف حواضنهم في جميع مدن ومحلات بغداد وضواحيها وقطع طرق إمدادهم من المحافظات المجاورة. ويبدو أن الخطة تركت المجال أمام تلك الزمر مفتوحا لتستنزف قوى تلك الزمر وان كانت تحركاتها ستلحق ضررا هنا وأذى هناك لكنها في حسابات النتائج النهائية ستكون طفيفة. حيث سيهلك من يهلك منهم ويفر من يفر وييأس الباقون في البؤر الساخنة ولا يكون مصيرهم بأفضل من شركائهم في الإجرام والذين تم سحقه في مدن الفلوجة والرمادي وصلاح الدين وديالى وجرف البصر والموصل .
إن العمليات والهجمات الاستباقية التي تقوم بها أجهزة مكافحة الإرهاب في العديد من الدول على أوكار الجريمة وقبرها في مهدها إسلوب ناجح وجدير بالدراسة. وبالتأكيد إنه قائم على معلومات استخبارية دقيقة ومتطورة وبتعاون تام بين الشعب والحكومة. فمن باب أولى أن نحذو حذو هذه الشعوب باستنفار كل الطاقات، وتوجيه جميع الجهود الرسمية والشعبية لتطويق هذه الهجمة الشرسة وقبرها، والبدء بعمليات البناء، والاعمار واعادة تأهيل لكل النفوس التي خربتها سياسات الحقب السود، وزادتها خرابا تراكمات الفساد الإداري والمالي، وإلا فإن وباء الإرهاب سيطال الجميع وان سعاره سيعض حتى الأيادي التي مدته ومولته وساندته وسيخنق حتى الأصوات التي أيدته أو سكتت عنه، وسيحرق حتى حواضنه والملاذات التي آوته ولات ساعة مندم.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك