( بقلم : عدنان الخفاجي )
ان بعض من قرأ مقالي السابق حول القومية قد فهمه بصورة خاطئة ،من انني ضد العرب او اني مجوسي او صفوي وما إلى ذلك مما تردده بعض الجهات ليلا ونهارا او وني لا اساير الكب الحضاري العالمي الذي يهتم بهذه القضية اي القومية ويتبناها٠
هناك نوعين من القومية الاول إيجابية ، وهي التي تنطلق من الخصائص الاصيلة للانسان اي من انسانية الانسان وتنتهي بالخصائص الثانوية والطارئة ،بمعنى انها تضع الاطار الانساني ومن ثم الاطار القومي والمحلي والنوع الثاني هي القومية السلبية على العكس من الاولى تضع الانسان في اطاره القومي ومنه الى الاطار الانساني٠ فديننا الاسلامي بمبادئه العليا لايتعارض مع المفهوم الاول للقومية اي الايجابي الانساني يقول النبي صلى الله عليه وآله كلكم لآدم وادم من تراب ، وقول الامام علي عليه السلام وهو التلميذ النجيب للنبي الناس صنفان إما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق ، وقد حث الاسلام على حفظ الانساب والعوائل والاقوام وعدم تعويمها وتضييعها بشكل كامل ضمن الاطار الانساني نفهم ذلك من قول النبي صلى الله عليه وآله في باب الزواج تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس ،فإختيار المسلم للبيت او القوم او العرق الذي يريد الزواج منه ،يفهم منه ضرورة حفظ الانساب والاعراق٠ اما القومية الحديثة فهي من النوع السلبي القائم على العنصرية وتصغير الاخرين ، فهي ود ترعرعت في اوربا بعد فشل لقطب الكنيسة في جذب الانسان الاوربي ونتيجة لما عاناه الاوربيون من الكنيسة ابان حكمها ،فمع انهيار نظام الكنيسة بدأ ظهور البديل القومي وهو على طرف نقيض من نظام الكنيسة ،إذ يستند على اساس مادي ليكون البديل الاجتماعي الجديد ،وهكذا ولت اوربا ظهرها لإله الكنيسة، وحيث ان القومية هي بديل ارضي من صنع الانسان ،وحيث ان النقص من صفاته فكل ماينتجه البشر فهو ناقص ،فتركت المطلق كمثل اعلى وجاءت بقيم نسبية محدودة فتخلت عن اخلاق السماء وآمنت بقيم القومية المحدودة العنصرية ،حيث الحق والفضيلة هو كل ماتقتضيه المصلحة الوطنية والقومية والرذيلة كل مايتعارض مع ذلك حتى لو كانت غير مشروعة وتدمر الاخرين ، يقول براتراند رسل : إن الشعور القومي يتسم بعنصر خفي او واضح من العداء للاخرين ويقول مستشرق هولندي : ان القومية أضحت إلهاً تضحّى على مذبحه جميع مبادئ الحق والعدل والخير٠ويؤكد عالم الاجتماع والتر لاكور على حب الذات والانا في القومية في قوله : من الخصائص الرئيسية للقومية حب الذات والتقليل من شأن الاخرين وفقدان روح النقد الذاتي وعدم الشعور بالمسؤولية وعدم رعاية جانب الانصاف ،ولذلك تفقد القومية الرؤية الواقعية بالتدريج ليسيطر التصور الخيالي على المجتمع ٠
وقد تعمدت سوق اقوال المفكرين الغرب ،لاوضح الصورة امام من يتصور ان من يتبنى القومية من العالم الاوربي هم من محدودي الفكر او المنتفعين من ذلك العالم٠ يقول جاسن جون هرمان راندل : إن الفاشيست الايطاليون اول من فاخر بصراحة من جديد بالانانية المقدسة للدولةالقومية٠ اقول وهل قامت الحروب في القرن التاسع عشر والعشرين إلاّ بدافع قومي عنصري وبشعور قومي لايكتفي بحفظ الوطن ولكن للتوسع على حساب الاخرين ، يقول الدعتور هات : إحد رواد القومية في القرن التاسع عشر : إن الإكتفاء بحفظ سيادة الوطن ليس كل شيء لان التخلف عن التنافس الاقتصادي ـ السياسي العالمي٠٠٠٠٠ الى ان يقول وعدم الاقدام على التوسع يعنيتعريض الغرور القومي للصدمات والموت في معركة تنازع تنازع البقاء بين الاول وان الاقتدار والمخاطرة والنزعة الحربية هي الكفيلة بالابقاء على غرورنا القومي وحفظه٠ ومن امثلة ذلك القريبة ،ماقام به صدام المقبور من حروب خارجية وداخلية ضد شعبه بكل مافيها من وحشية تحت شعار حفظ سيادة الوطن٠والحرب العالمية الاولى والثانية كانت حربا عنصرية قومية ،فراح ضحيتها الملايين واهدرت الثروات ودمرت البلدان ،إذ يقول لويس ل. شنايدر : وقد زادت حدة التنافس بين الدول الوطنية يوما بعد يوم اخر وبتأثير واقع المصالح الانفعالية المتخلفة من الماضي اخذ الجنس البشري يميل الى تناسي ان جميع الناس متشابهون في الاساس افراداً ،والواقع ان ضرورات التكامل القومي قد جعلت من الضروري ان تغلب الدولة الاخرى قبل ان تعيش احدى الدول بسلام٠
ويقول ايضا : إن دماء الملايين الاخرين التي اهدرت وثروات الشعوب التي نهبت والفضائح الانسانية التي ارتكبت كل ذلك قد جعل العالم نتحيرا في امه فيما اذا كان الشعب الالماني قد اصبح فاقدا شعوره وخصائصه الانسانية٠ وسأتطرق في المقال القادم ان شاء الله الى النتائج الفكريةالسيئة للقومية والتعنصر٠
https://telegram.me/buratha