المقالات

على ماذا توافقت جبهة التوافق العراقية؟


( بقلم : السيد ابو مرتضى العسكري )

بعد عامين من العمل السياسي عقب الإنتخابات التي اوصلت الكتل السياسية الحالية الى مراتب القرار السياسي التي تشغلها الآن ومنها جبهة التوافق يرى كثير من المتابعين إن هذه الكتلة لن يكتب لها البقاء كجبهة ، وإذا بقيت فستكون اسما ليس على مسمى، فالانتصارات التي حققها مجلس صحوة الأنبار و آخرها الاستعراض العسكري الكبير الذي أقامه تحت رعاية الحكومة العراقية وباسمها بمناسبة أربعينية الشهيد عبد الستار أبو ريشة، والتي ستكون ـ وهذا ما أكدته نهضة بقية العشائر بالمحافظات المعنية ، وشروعها بتشكيل مجالس صحوة على غرار ما حصل في الأنبار ـ المسامير الأخيرة التي تدق في نعش الطائفية البغيضة التي مثلتها جبهة التوافق خير تمثيل، ويرى اؤلئك المتابعون أن الجبهة لم تكون باتجاه وطنيوفقدت قيمتها بعد ان نسقت عملها بالتناغم مع العصابات المسلحة

ومنذ أعلن احد قادتها ( خلف العليان ) أنهم ـ أي قادة التوافق ـ شاركوا بالعملية السياسية بعد أن سمحت ( المقاومة ) بذلك . فان جبهة التوافق لم تعد قادرة بالعمل خارج هذا الإطار وأصبحت أسيرة الأوامر التي تردها من الإرهاب، و ياتي مصداق هذا التصور الواقعي من الزيارتين التي قام بهما كل السيدين طارق الهاشمي ومحمود المشهداني إلى أنقرة ودمشق كل الى عاصمة،واتضحت نتيجتيهما ولما يعودا بعد الى بغداد ، فقد انكشف ان السيدين ذهبا في زيارتي( عمل ) لا من اجل مصلحة الشعب العراقي، بل بالإتجاه المضاد لتلك المصالح، وهذه المرة اختارا اسلوب التآمر المكشوف على الشعب العراقي وقواه الوطنية ،، فالسيد الهاشمي الذي ذهب إلى تركيا ـ وهذه المرة الثالثة يفعلها ـ وبدلا من ان يشيع السيد الهاشمي اجواء التفاؤل والبحث فيما يدرأ نزيف الدماء ويمنع اللهيب ، فانه يحرض الأتراك ويصب الزيت على النار، فقد قال ان مهمته صعبة جدا مستعديا الأتراك على العراق والعراقيين وحثهم ولو من طرف خفي على الشروع باجتياح كوردستان العراق، لا من اجل الخلاص من حزب العمال الكوردستاني بل من اجل هدم التحالف الرباعي القائم بين القيادة الكوردستانية وقيادة الائتلاف العراقي الموحد من خلال قادسية جديدة بطلها اردوغان هذه المرة،وهل فعل مثل هذا الذي يفعله من جهد باتجاه منظمة خلق الإرهابية التي مازالت تشارك في ابادة العراقيين مع القوى المسلحة التي يباركها الهاشمي؟ وهو بعد أن وجد إن البساط بدأ يسحب من تحته ومن تحت جبهته التي تسلقت كراسي الحكم واحتكرت في غفلة من الزمن تمثيل اخواننا في المحافظات الغربية، فقدت مصداقية ذلك التمثيل الزائف، للنجاحات التي حققها مؤتمر صحوة الأنبار وللهزائم التي منيت بها عصابات القاعدة ومن يصطف معها ممن يدعون المقاومة والذين انغمسوا في دماء العراقيين ـ بالمناسبة وجدنا مصطلح ( تلوثت أيديهم بدماء العراقيين) غير صالح تماما فدماء العراقيين طاهرة ولا تلوث ـ وها قد أزيحت اقنعة الوطنية والحرص على الوحدة الوطنية تماما ، و تمثل مطالبته بإلغاء الحكم العادل الذي أصدره القضاء العراقي بحق مجرمي الأنفال من رجال النظام ألصدامي و بكل المقاييس ليس انتهاكا للدستور الذي صيره نائبا لرئيس الجمهورية فحسب ، بل انه يورط نفسه بتلك الجرائم جراء مساندته لمرتكبيها ، ويمكن للشعب العراقي أحالته للقضاء على هذا المطلب الذي يعد استخفافا ممن أقسم على احترام الدستور وما يترتب على ذلك من احترام لقضاء الشعب و لمشاعر الشعب ورغباته وآلامه، ولو كان قد طالب بتخفيف الأحكام لأسباب إنسانية لعد الأمر مقبولا نوعا ما، لكن المطالبة بإطلاق سراح المدانين وعد محاكمة مجرمي الأنفال محاكمة للوطنية والرجولة كما يقول النائب عن جبهة التوافق (الرفيق ) ظافر العاني هو الآخر، تعتبر سياسيا مما لا يلبس عليه ثوب،فمتى كانت الوطنية والرجولة من مواصفات قتلة الأطفال والنسوة الكورد في حلبجة الشهيدة ؟ وهل من الرجولة والوطنية يا ( ظافر ) ان يجلس علي كيمياوي ثملا وقد اصطفت زجاجات الخمرة امامه في باب محافظة البصرة ايام الإنتفاضة الشعبانية ليعدم العشرات بيده القذرة؟ وهل يصح وصف من وقع على وثيقة العار في خيمة صفوان بالبطولة يا بطل ؟!

وعبر بيان رسمي صدر عن حزبه الإسلامي ووقع من قبله ،عزز الهاشمي منهج تحدي الإرادة العراقية بإعلانه انه يبارك التجمع الذي توصلت إليه الفئات المسلحة من الجيش الإسلامي وجيش أنصار السنة وكتائب ثورة العشرين وغيرهم من الفصائل التي أوغلت بقتل وذبح العراقيين وسببت لهم مآسي وآلام لا يمكن تجاوزها أو تجاوز آثارها إلا بمرور وقت طويل، ولم يكتف بالمباركة والتأييد بل منحها الشرعية مجانا وهو نائب رئيس الجمهورية بان عدها مقاومة شريفة، و هذا المنهج يعني إن خندق أعداء التحول الديمقراطي قد اصطف تماما للملمة صفوفه واخرج كل ما في كنانته من سهام ومن بينها سهم تأييد السيد الهاشمي المعلن لعله يقوي بمنصبه الرسمي جبهتهم التي نالتها قدرات الردع العراقي رسميا وشعبيا والتي تتصاعد وتائرها بثبات.

أما السيد محمود المشهداني رئيس مجلس النواب ـ تأمل هذه الصفة ـ فبعد أن انجلى غبار معركة أزاحته عن منصبه التي لم تدار بحنكة مع الأسف عن بقاءه في هذا المنصب فقد حول هذا البقاء إلى استثمار على الصعيد المادي بزيادة امتيازاته وتقويتها تشريعيا، والى استثمار لتقوية النهج ألتآمري الذي جبلت عليه كل قيادات جبهة التوافق والذي يبدو بأنه هو السبب بتشكيلها والقاعدة التي تقعد عليها عوامل التشكيل، وتأتي زيارته المدفوعة التكاليف من أموال العراقيين إلى سوريا في هذا الإطار، فمن خلال المباحثات التي أجراها مع رئيس مجلس الشعب السوري الأشقر والتي تبعها بمؤتمر صحفي مشترك أمام عدسات التلفزيون قال انه تباحث بشان وضع العراقيين اللاجئين في سوريا شاكرا لسوريا قبولها وتحملها أعبائهم منوها بالتضحيات وبالكلف و الأعباء المادية والاقتصادية التي تتحملها بسبب وجود مليوني عراقي على أرضها، وقد فتح الباب في طرحه هذا لرئيس مجلس الشعب السوري أن يعرض ( ظلامة ) سوريا الأسد المسكينة التي تعانيها جراء تلك الأعباء مبتدءا مسلسل الابتزاز السوري الذي عرف به الشاميين منذ أن خلق البشر كما يقول إعلامي مألوم من ذاك الذي يجري بالعلن من تآمر مكشوف.

والرأي العام العراقي المحلي ونقصد بالمحلي الداخلي، يرى ان لا مشروعية بخضوع الحكومة العراقية للابتزاز السوري ومن قبله الأردني وقبلهما مجتمعين ألأممي، فقبل هذا كله كما يرى الرأي العام الداخلي أن العراقيين في الشام والأردن ليسوا لاجئين ومعظمهم مهاجرين شأنهم شأن أي مهاجر خارج بلده، وإذا كان عددهم الآن ثلاثة ملايين أو اقل كما يهول ذلك الإعلام القومجي ويروج له ويشكلون نسبة ملموسة ، فهناك من اللبنانيين في الخارج مثلا ما يعادل ضعف اللبنانيين بالداخل, وهم مصدر من مصادر الدخل للبنان، والحكومة المصرية تفرض على كل مصري يقيم أو يعمل خارج مصر ضريبة مقدارها (300) $ سنويا أسموها حق النيل، يدفعها المصري العائد إلى مصر حال نزوله بالمطار أو المراكز الحدودية، والمصريين بالخارج مصدر مهم من مصادر الدخل الوطني إن لم يكن أهمها على الإطلاق، وعددهم ـ أي المصريين ـ بالخارج اكثر من (15) مليون نسمة وهم حوالي ربع الشعب المصري ! والرأي العام العراقي يقول أيضا أن السوريين والأردنيين يجب أن يعترفوا إن حكاية العبء الاقتصادي مسالة ملفقة تماما وهي ابتزاز عربي، فالعراقيين الذين اتخذوا من الشام والأردن سكنا أصبحوا عوامل دعم لاقتصاد البلدين وجلبوا اليهما استثمارات كبيرة مديمين عجلة الاقتصاد المتعثر في كلا البلدين، والعراقيين ليسوا متسولين هناك أبدا، وهم يملكون مصانع ومحال تجارية وورش وسيارات ومنازل ، وكلهم يدفعون ايجارات بالدولار الذي كان حلما لدى الشاميين، وسوق الاستثمارات العقارية في الأردن انتعش بنسبة 700% منذ أن دخل العراقيين الأردن، ويقول اقتصادي مرموق إن السوريين والأردنيين سيمنون بخسائر كبرى لو عاد العراقيين إلى بلدهم، لكن هذا هو الابتزاز الذي يشجعهم عليه التوافقيين والعروبجية ،وهم في مسلكهم هذا اثبتوا أنهم امتداد طبيعي للنظام ألبعثي الذي كان يفضل الرعايا العرب على المواطن العراقي في كل شيء وشارع حيفا الراقي والذي كان النظام قد اسكن السوريين المعارضين لنظام (الأسد) فيه خير شاهد فيما تتكدس الأسر العراقية في بيوت الشواكة والشيخ معروف المجاورة، وحي البلديات بعماراته السكنية والمخصص للفلسطينيين شاهد آخر فيما يسكن العراقيين في أحياء مكتظة كمدينة الصدر القريب من حي البلديات.

والرأي العام العراقي الداخلي ينبه قياداتنا إلى أن اعدادا مهمة من الذين غادروا العراق واتخذوا سوريا والأردن خصوصا ، هم من فلول النظام ألصدامي ومن العاملين في أجهزته القمعية أو من كبار مسئولي حزبه وهم اخذوا الجمل بما حمل وان اغلبهم ممن يتحملون مسؤولية ما آل إليه حال الشعب العراقي الآن.

أما عن الموقف ألأممي ـ أي موقف أجهزة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ـ فالرأي العام العراقي يرى انه موقف يتسم بانتهازية واضحة ويريد أن يتخذ هذا الشأن ميدانا لتمويل مؤسساتها ورواتب موظفيها كما هو شأنها دائما بالاستفادة من أزمات الشعوب، ويقول المواطنين بألم ـ خصوصا أولئك الذين عانوا من سياسات نظام صدام القمعية التي أدت إلى هجرة العراقيين بالملايين إلى الخارج أيام تلك الحقبة المظلمة من تاريخ العراق ـ أين كانت منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة بالمهاجرين في تلك الفترة ؟ ألا يعني أنها كانت بصمتها عن جرائم صدام ونظامه العديدة ومنها جريمة التهجير شريكة له بكل ما صنعه من سوء بحق العراقيين، ثم أين هي من محنة العراقيين المهجرين داخل وطنهم؟؟

والرأي العام المحلي يطالب بفضح المسلك ألتآمري الذي تسلكه جبهة التوافق العراقية وتعريته أمام جماهير الشعب العراقي والعالم، ويطالب أيضا بعدم الخضوع للابتزاز السوري والأردني، وعدم الخوف من الأمم المتحدة ومن أجهزتها الفاسدة. و كلما مضى مشروع المصالحة إلى الأمام والذي تعمل جبهة التوافق على عرقلته، وكلما ترسخ الوضع الداخلي و استتب الأمن تسقط الذرائع التي تتذرع بها جبهة التوافق ومن لف لفها وكذلك تسقط ذرائع الساسة العرب وعندها لا يبقى للحديث عن ( اللاجئين ) العراقيين أي معنى وهو بلا معنى أساسا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك