المقالات

سلوكياتٌ خاطئة في التعاملِ الإِنْساني

1358 18:40:15 2016-07-05

مع حلولِ شَهْر رمضان المبارك، تبدأ استعدادات المسلمين في مشارقِ الأرض ومغاربها لاستقبالِ ضيف الرحمة بطقوسٍ بعضها يمني النفس في أنْ تتكلل أيام الشَهْر ولياليه بالمناجاةِ وفضائل التقرب إلى الباري عز وجل، وبعضها الآخر سائر مثلما هو حاصل في كلِ الأعوام عَلَى هدى الموروث الاجتماعي بعاداتِه وتقاليده، الَّتِي تعكس بنقاءِ الكثير منها صوراً زاهية مِنْ ذاكرةِ الشعوب الإسلامية والعربية الَّتِي تميز المسلمين في جميعِ أنحاء العالم عن غيرِهم.

طقوسُ المسلمينَ وعاداتِهم في شَهْرِ رمضان المبارك يغلب عليها طابع الامتزاج بالفرحِ وطلبِ المؤمنين الرحمة والمغفرة، بالإضافةِ إلى سعي نسبة لا يستهان بها مِنْ أفرادِ المجتمعات الإسلامية إلى تأصيلِ ثقافة المحبة والتسامح عبر مجموعة فعالياتِ استمدت كينونتها مِنْ إرثِ الدين الإسلامي الحنيف. وعَلَى الرغمِ مِنْ تفاوتِ النشاطات الرمضانية مِنْ بلدٍ لآخر، إلا أنَّ هذا التباين لم يكنْ عقبة في طريقِ المحافظة عَلَى العاداتِ الرمضانية، والَّتِي أصبحتْ تحظى باحترامِ الكثير مِنْ الشعوبِ والأمم الَّتِي لا تدين بالإسلام، إذ دأبتْ منذ عقود طوال عَلَى مشاركةِ المسلمين استعداداتهم لاستقبالِ شَهْر الرحمة مِنْ أواخرِ شَهْر شعبان، مع العرضِ أنَّ المراكزَ والمحال التجارية في بعضِ البلدان غير الإسلامية تقوم قبيل حلول شَهْر رمضان المبارك بالإعلانِ عن عروضٍ ترويجية هدفها خفض أسعار السلع والبضائع، بخلافِ ما يحدث في البلدانِ الإسلامية، ولاسيَّما العربية مِنْ تسيدِ موجة ارتفاع أسعار المواد الَّتِي يحتاجها الناس في هذه المواسمِ بصورةٍ غير مقبولة ولا مبررة، إلى الحدِ الَذي أصبحتْ فيه ظاهرة الغلاء علامة بارزة لأسواقِ تلك البلدان في أيامِ الاستعداد لقدومِ شَهْر الخير والبركات !!.

وليت الأمر يتوقف عند حدودِ مشكلة غياب رقابة الأجهزة الحكومية عَلَى الأسواقِ في بلادِنا وبقية البلدان المعنية بالأمر، والَذي ترتب عليه وقوع المستهلك فريسة لجشعِ بعض التجار مِنْ الَذين يستغلون المواسم الَّتِي تلامس وجدان الناس وفي القلبِ منها شَهْر الرحمة، والَذي يتّسم بطابعٍ ديني وفولكلوري مميز في المدنِ الإسلامية والعربية بقصدِ رفع أسعار السلع والبضائع غير آبه أي منهم بانتظارِ معظم الفقراء والمعوزين لشَهْرِ رمضان. إذ أنَّ ما أنضجته الثقافات السائدة في المجتمعاتِ العربية مِنْ سلوكياتٍ هوجاء، ولاسيَّما ما برز منها في العقودِ الأخيرة، والَّتِي تتجسد بتقاليدٍ تدفع البعض إلى الامتعاضِ والتساؤل عن جدوى تناميها في أعوامِ الألفية الثالثة، وفي المقدمةِ منها تكديس الأطعمة من أصنافٍ مستوردة ومحلية لمواجهةِ متطلبات شَهْر رمضان المبارك بحكمِ الأعراف المتوارثة، والَّتِي بنيتْ عَلَى التمادي في الإسرافِ والتباهي بضروبِ أطعمة حملتها أطباق لا ترى النور إلا في شهرِ الزهد، ثم لا تلبث أنْ تتوارى في حاوياتِ القمامة مِنْ دونِ أنْ يسمح للجياعِ والمشردين الصائمين حتى مجرد النظر إلى ما تبقى منها بعد أنْ تبدأ أعراض التخمة تسري في عروقِ الغافلين عَنْ حقيقةِ فلسفة الصوم الَّتِي تلخصها الأدبيات الإسلامية بوصفِها عبـــادة لتهـذيــبِ النفـــــوس والرجوع إلى الله تبارك وتعالى.

عجبي عَلَى مَنْ تصدعتْ إنسانيته وهو يسعى جاهداً إلى التنعمِ بما لذ وطاب متناسياً أجسام عيال الله وقد تكورت مِنْ خواءِ بطونها. 
في أمانِ الله.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك