المقالات

هل العراق فعلاً الاسوء امنياً؟

2277 2016-06-21


نشرت وكالة "روسيا اليوم" تقريراً عن احتلال العراق المرتبة 161 بين 163 دولة، حسب "مؤشر كلوبل بيس" (Global Peace Index)، الذي استحدث (2007) لقياس السلمية النسبية للبلدان. يعتمد "المؤشر" الجدية والموضوعية، ويتابع 3 مؤشرات: الامن والسلامة.. والنزاعات الداخلية والخارجية.. والعسكرة. ويسجل 22 معياراً بالارقام المطلقة، وبالدرجات (1 الى 5).. كعدد القتلى، والجريمة الاجتماعية، والاستقرار، والنشاطات الارهابية، وعدد الجرائم والسجناء، والنازحين، الخ.

قد نجد بعض العزاء، ان دولاً متقدمة ومجاورة تحتل مراكز متأخرة ايضاً.. فمرتبة روسيا 151، ولبنان 146، وتركيا 145، واسرائيل 144، ومصر 142، والهند 141، وايران 133، والبحرين 132، والسعودية 129، والولايات المتحدة 103.. ويمكن توجيه انتقادات "للمؤشر"، بسبب معاييره الغربية.. وانخفاض اوزان فيه كالكراهية العنصرية، والتمييز الديني والمذهبي، والعنف نتيجة المخدرات والجنس والكحول. فالمسلم والمهاجر في عدد من البلدان الغربية قد يشعر بعدم الامان لهذه العوامل، بما لا يقل عن شعور الغربي بعدم الامان للعوامل الاخرى.

يخوض العراق المعركة الاهم عالمياً ضد الارهاب و"داعش"، وورث حروباً وانقسامات وصراعات اقليمية، وخضع للاحتلال والاجتياح. رغم ذلك فان تعميم ارقام "المؤشر" على العراق ككل يولد استنتاجات متناقضة.. الاول حالة اللاامن المنهارة في المحافظات والمناطق التي يسيطر عليها الارهاب او يهددها مباشرة.. والثاني الامن النسبي ومظاهر الحياة السلمية في 13-14 محافظة، كما تشهد، الازدحامات وحشود الملايين في الليالي والاسواق والمناسبات والزيارات والاجانب الوافدين للبلاد.. والتي لو طبقت عليها المعايير الـ22 لتحسن رصيدها عن رصيد العراق ككل.

يواجه العراق تعسفين.. الاول من الاخرين.. فهم يصدقون ما يسمعون.. فكثرت التقارير المغالية والمغلوطة التي تزيد المخاوف والتوتر والانطباعات الخاطئة.. والثاني بحق انفسنا. فالمفاهيم السائدة متصادمة، والمقولة المشهورة ان الجمهور يحب ويصوت للقوي، تمثل عندنا المتعسف والمعتدي. فيُساء استخدام الحريات العامة، وينصب البعض نفسه سلطة وقانوناً. فاذا تركنا الشأن السياسي والانقسامات وفوضى اساليب التعبير، والاقتصادي والسرقة والقتل لاجل المال، ووقفنا عند الشأن الاجتماعي فقط، فسنجد اعتداءات (من غير قوى الامن) تطال محال بيع المشروبات والدعارة والمفسدين، واخرى تحت يافطة الفصل العشائري خارج مناطقه وحدوده، ولاسباب عديدة، كقضايا المرور، والنزاعات العقارية، والتوظف، وملاحقة اطباء لوفاة ابن العشيرة، وهو تحت العلاج، الخ.

اما العسكرة فواقع تاريخي، وهي اليوم، اضافة للواقع الامني، واقع مالي واقتصادي ايضاً، يسعى اليه الشباب لاجل الرواتب. فارتفع معدل العسكرة (نسبة العسكر للسكان) من 8.71 بالالف 2005 الى حوالي 32.4 بالالف حالياً، دون حساب القوى شبه النظامية وغير الرسمية.. فازداد غرق البلاد بالشؤون السياسية والكلمات المُضخمة، واهمل الاهتمام بالتفاصيل اليومية الحسية والحياتية للمواطنين في رزقهم وخدماتهم ومصالحهم واسرهم ومواهبهم واوقات فراغهم والتسلية والاحساس بالرضا والسعادة، لتتوسع مساحات الحياة المدنية المسالمة، وليشعر المواطنون اساساً، والعالم معهم، اننا رغم صعوباتنا، قادرون على النهوض وقلب الصورة.

نشرت الـ"بي بي سي" تقريراً لـ"مارتن فليتشر" عن مركز "البصرة تايمز سكوير" التجاري. يقول "وبعد فحص امني سريع، دخلنا عالماً بعيداً كل البعد عن الصورة التقليدية للعراق. عالم يدعوك لان تكون سعيداً.. كان المركز لا يقل من حيث الضوء والاشراق والسعة عن اي مركز تجاري في الغرب. وكانت الطوابق الاربعة، ممتلئة بالمحلات والاكشاك. لكن الاكثر اثارة.. هم الناس انفسهم الذين تدفقوا بالمئات، رجالاً ونساء، صغاراً وكباراً، واولياء امور مع اطفالهم الرضع في عربات صغيرة"، الخ.

عادل عبد المهدي
 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك