( بقلم : عباس الياسري )
سيبقى الشرق الاوسط بؤره للتوتر وعدم الاستقرار في العالم ومصنع لتصدير التطرف والارهاب مالم يعالج وبجديه ملف حقوق الانسان ومن ضمنه حقوق الاقليات وتبقى الحلول العسكريه والقسريه وكل التسويات المجتزئه والحلول الدوليه التوفيقيه والمبنيه على المصالح عاجزه عن نزع فتيل الازمات وهي معالجات انيه لمشاكل مستعصيه ستكون نتائجها عكسيه في المستقبل القريب وهذا ما سيدفع المنطقه الى الانهيار والفوضى العارمه والتي ستعيد رسم الخارطه السياسيه من جيد ولكن بعد ان تدفع المنطقه وشعوبها الثمن،
في هذا السياق يمكن تناول التصعيد التركي الاخير تجاه مقاتلي حزب العمال والاصرار على ملاحقتهم داخل الاراضي العراقيه في محاوله غزو مع سبق الاصرار حيث لوح القادة الاتراك ومنذ سنوات بهذا الغزو وقاموا باكثر من محاوله وهنا لا يمكن قراءة اسباب هذا التصعيد بمعزل عما تعانيه تركيا والمنطقه ،وفي الشان التركي وهو مايعنينا نلاحظ ان تركيا تعاني من قلق الانتماء وهذا ماانتج النفس الشوفيني وافقدها القدره على حل مشاكلها فمنذ ان صوتت الجمعيه الوطنيه التركيه في تشرين الاول من عام 1923 على اعتبار تركيا جمهوريه وانتخاب مصطفى كمال رئيسا لها ثم التصويت على الغاء الخلافه العثمانيه في اذار من عام 1924 ونفي الخليفه عبد المجيد الى سويسرا بدات معانات الاتراك مع الانتماء بعدما كانت مشدوده ولقرون عديده الى الشرق تم جذبها بقوه نحو الغرب ومحاوله الغاء الماضي بكل تفاصيله وبداية عملية تاسيس لحاضر مشحون ومستقبل غامض والعيب ليس بالتغير كمبدا وانما في الاليات القسريه التي اتبعت، وبذلك لم يكن تحولا سلسلا وطبيعيا فمهمة التخطيط واتخاذ القرار حكرا على الرئيس والطبقه الارسطوقراطيه الجديده التي حلت محل الباشوات والباكوات وهم من العسكر ورجال المقاومه الشعبيه والذين تم تحويلهم الى حزب سياسي منظم اطلق عليه حزب الشعب وهو الوحيد الذي اجيز للعمل في تلك الفتره هؤلاء كانوا يقررون وعلى الامه الطاعه وتعقدت الامور بعد وفاة اتاتوك عام 1938 وهذا اللقب يعني ابو الاتراك ، جرت بعدها محاولات عديده لسد هذا الفراغ واغلب هذه المحاولات سيطرت عليها النزعه العسكريه وذلك من اجل صنع اتاتورك جديد يخرج الامه من حاله اليتم التي تعيشها وابقاء قبضة العسكر تمسك بزمام الامور تحت شعار حماية العلمانيه والمبادى الاتاتوركيه وهذا ماسبب احراج للتجربه التركيه لانها مازالت مرتبطه بالشرق خاصة في جوانبه المظلمه من كبت للحريات ومصادرة حقوق الانسان وقمع الاقليات ، ومحاولاتها الانضمام للاتحاد الاوربي وهذا الانضمام له استحقاقات كثيره لاتستطيع تركيا الوفاء بها وقد انتقد هانز جورج كلايتستمر مبعوث الاتحاد الى انقره تدخل العسكر في الامور السياسيه والحديث في تفاصيلها ابتداء من شؤون التعليم الى المسائل الدينيه،
وكانت المؤسسه العسكريه قد تخلصت من اربع حكومات تركيه على مدى الخمسين عاما الماضيه هذه المؤسسه تريد ان تبقى في الواجهه دائما وتسعى دائما الى صناعة الازمات وتصديرها، وهنا كان ربطها مابين مشكلة مقاتلي حزب العمال ومشكلتها مع قرار مجلس النواب الامريكي والذي اجازت فيه لجنة الشؤون الخارجيه قرارا يعتبر مجزرة الارمن ابان العهد العثماني خلال الحرب العالميه الاولى اباده جماعيه والذي تزامن مع مقتل ثلاثة عشر جندي تركي في اشتباكات محافظة سيرناك جنوب شرق البلاد وهم الان بانتظار موافقة البرلمان لشن عمليات عسكريه عبر حدود كردستان العراق ولهذا التدخل ابعاد عديده غير ملاحقة حزب العمال اهمها الضغط على الاداره الامريكيه من خلال ارباك عملها في العراق سياسيا ولوجيستيا، لاسيما وان الجهد العسكري الامريكي في العراق يمر من هناك وحسب تصريحات غيتس فان سبعين في المائه من الشحنات الجويه العسكريه والوقود تمر عبر تركيا وكي لا تتعرض الاداره للابتزاز السياسي كانت تبحث منذ زمن عن منافذ جديده نظرا لتنامي الاعتماد على تركيا في المرحله الراهنه وتريد تركيا من هذا التصعيد ايضا محاصرة اللوبي الارمني الذي بدا يتنامى في الولايات المتحده وكذلك ان تدخل كلاعب اساسي في الترتيبات التي تجريها اميركا بخصوص العراق خاصتا فيما يتعلق بالاقاليم والماده مائه واربعين من الدستور المتعلقه بكركوك ومحاولة التدخل بالشان العراقي والضغط على الحكومه العراقيه من خلال تهديد اراضيه، والمتابع للخطاب التركي في السنوات الاربعه الاخيره يرى نبرة التهديد بالتدخل بمناسبه وبدون مناسبه وانها تركت القضيه الكرديه بدون حل لاستخدامها كورقه ضغط فهي ترفض كل الحلول السلميه واخرها رفض رئيس الاركان الجنرال يشار بويكانيت لمبادرة حزب العمال لوقف القتال من جانب واحد وتوعد بالقضاء عليهم ،
وترى تركيا تتحرك باتجاه واحد فقط وهو الاكراد والعراق رغم ان مشكلة الارمن ليست جديده فبعد اعلان فوز الكاتب التركي اورهان ياموك بجائزة نوبل للاداب عام 2006 وكان الكاتب قد اعتقل في تركيا لدى حديثه عن قتل مئات الالاف من الارمن خلال الحرب وقتل الاكراد فيما تلاها من سنين وبعد قضية ياموك قام البرلمان الفرنسي بالمصادقه على مشروع قانون يجرم انكار تعرض الارمن لمذبحه على يد الاتراك العثمانيين وتقول ارمينيا ان الاتراك قتلوا مليون ونصف من الارمن عام 1915 وهذا ماتنفيه تركيا ،اذا العمليه اكبر من ملاحقه بضعة الالاف من مقاتلي حزب العمال رغم ادراك الاتراك فشل الحلول العسكريه وقد جربوا ذلك اكثر من مره وصل التحشيد في احداها الى اكثر من خمسين الف جندي ولم تحقق اي نتائج تذكر، فاذا كان الهم الامني التركي هو اصل التصعيد الاخير لماذا لا تطارد الجماعات المسلحه الاخرى ولماذا لاتهدد دولا حدوديه اخرى فيها عناصر من حزب العمال وهي مصدره ايضا لتنظيم القاعده الارهابي والذي هو اخطر بكل المقاييس وقد سبق للشرطه التركيه ان القت القبض على زعيم تنظيم جبهه المحاربين للشرق الكبير ومجموعته وهو مرتبط بالقاعده وكان مسؤول عن عمليات تفجير معبديين يهوديين والقنصليه البريطانيه وبنك بريطاني في اسطنبول عام 2003 رغم معرفة تركيا اين توجد منابع الارهاب في المنطقه،
لذلك على القياده التركيه ان تعالج ازماتها داخل حدودها لا خارجها وتعطي للحلول السلميه الوقت الكافي لان العمل العسكري لا يلغي مجزرة الارمن ولا يوقف هجمات حزب العمال ، ويكمن الحل بوقفه جاده من كل الاطراف العراقيه والتصدي للتصعيد التركي لانه تهديد للمشروع الحضاري العراقي ومحاوله لافشال تجربته الديمقراطيه فلا بد من الدعوه لمؤتمر برعاية الامم المتحده تحضره جميع الاطراف لحل المشاكل العالقه وعلى الاتراك ان يحسموا امرهم ويفضوا الاشتباك في مسالة الانتماء وعلى الاتحاد الاوربي ان يحذر تركيا من غزو كردستان العراق واعتباره القشه التي تحرم تركيا من الانضمام الى الاتحاد الاوربي وهي محاوله لمنعهم من تصدير ازماتهم ،وهذا دور الحكومه العراقيه والاداره الامريكيه والاخيره هي الطرف الاخر في الازمه الاخيره
https://telegram.me/buratha