المقالات

لغة الخناجر والحراب والرصاص لا تبني عراقا جديدا

1847 2016-05-22

الحوارات الجادة المخلصة تبعدنا عن الطرق المتشددة والتعصب اللاواعي والتصرف غير المسؤول. وتخلق أجواء من التآلف والتفاهم تصب في مصلحة بناء هذا الوطن الجريح وشعبه الصابر. إن حصر الاخلاص في جهة أو كتلة أو تنظيم معين، أو قياس هذا الاخلاص بالتزام آراء وتبني منطلقات ومواقف متفردة وغير منفتحة على الآخرين أو التفاعل مع آرائهم يخلق حالة من التوتر والحساسية المفرطة بين الجميع ويبقى الباب مشرعا للقوى التدميرية والنفعية والوصولية الانتهازية لتحقيق مآربها وأهدافها الموبؤة. لذا فالواجب يحتم على الأطياف السياسية بكل اتجاهاتها وأفكارها أن تضبط توازنها بخط وطني حقيقي مخلص لاغية عن سلوكياتها نزعة الأنانية الضيقة، واضعة مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

صحيح أن العراق نفض عن جسده غبارا كثيفا من تراكمات العهود الدكتاتورية المقبورة معلنا بداية عهد ديمقراطي تعددي. ولكن من الطبيعي أن تشهد هذه البداية تجاذبات وموازنات سياسية مختلفة ريثما يتم إزالة الإرث السلبي لتلك الحقب التي امتدت عهودا طويلة.

نفس هذا العراق الذي ظل محكوما بسلطة الانقلابات والحزب الواحد، تشترك الآن في إدارته أحزاب وقوى سياسية متعددة تنتمي الى مذاهب فكرية وعرقية وأثنية شتى تتحرك جميعها تحت عنوان استوعبها رغم الخلافات وتعدد الانتماءات. على أن هذا الانجاز الرائع لم يتآتى من فراغ بل كان خلاصة تمازج وانصهار إرادات وأفكار وتضحيات تضاءلت أمامها العقبات والمصاعب قادتها حركات سياسية عملت وفق آليات متحضرة لدعم المسيرة الجديدة حتى جاء انجازها مذهلا لجميع شعوب العالم أخرج العراق من عزلة سياسية ومحلية وإقليمية وجعله مثالا وقدوة لشعوب المنطقة. كما أن هذه الخطوات المتسارعة في بناء الديمقراطية جاءت هي الأخرى من خبرة عراقية صنعها الشعب بكل أطيافه بعد ما تنسم أريج الحرية وقرر بناء دولته الدستورية والتي على نهجها ستحدد المسارات الأساسية للمراحل المقبلة وفق هذا التصور وعلى هدى هذا المسار لن تكون هناك أطراف خاسرة باعتبار أن النتيجة جاءت خلاصة لجهود الجميع، وإن المسلة عليها بصمات الجميع، وأن النسيج لحمته وسداه الجميع فالكل رابحون طالما ولت لغة الخناجر والحراب والرصاص الى غير رجعة.

وعودة على بدء فالذي لا يختلف عليه اثنان، ولا يرقى اليه شك أن الذي تحقق في العراق من إنجاز -خلال فترة قياسية في زمن الشعوب، وفي ظل أحلك ظرف وأعتى هجمة بربرية عرفها شعب من شعوب العالم على مر التاريخ الإنساني- ما كان ليتحقق لولا سياسة الحوار والنفس الطويل التي انتجتها الحركات السياسية العراقية بكل فصائلها ولغة التوافق والائتلاف والتفاهم التي طبعت مسيرتها وصارت علامة فارقة وسمة بارزة في تاريخها النضالي تفخر به قواعدها الجماهيرية على مر العصور.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك