بعد ان وضعت الحرب العراقية الايرانية اوزارها في الثامن من آب 1988 كان العراقيون مثخنين بالجراح من تبعات هذه الحرب التي اثرت سلبيا وبشكل كبيرعلى كل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والانسانية التي ظل الشعب العراقي يعاني منها بعد انتهاء الحرب فلم تترك الحرب غير الدمار والخراب في البلد . وبالرغم من كل الوضع المأساوي الذي خلفته الحرب وما زال الشعب لم يلتقط انفاسه بعد كان النظام البائد يخطط لعمل اجرامي اخر بحق الجار الجنوبي الاخر بعد ان خلص من جاره الشرقي . فكانت كارثة اجتياح دولة الكويت في الثاني من آب 1990 ونشر قواته فيها بعد تدمير بناها التحتية وتشريد سكانها في ابشع جريمة يندى لها جبين كل شريف حر. استطاعت الكويت ان تحشد الرئي العام العالمي لتحرير اراضيها . هكذا سهل صدام المهمة على الولايات المتحدة الامريكية للتواجد في منطقة الخليج العربي وبفتاوى اغلب علماء المملكة الوهابية ووعاض سلاطينها الذين اجازوا التواجد الامريكي "الصليبي" في المملكة وبقية دول الخليج , امتلآ الخليج بالاساطيل الحربية الامريكية وبالتعاون مع حلفاء اكثر من ثلاثين دولة غربية اتخذوا من دول الخليج قواعد عسكرية ومراكز لتوجيه الضربات الى القوات العراقية بطائراتها الحربية التي كانت تنطلق من تلك القواعد وباستخدام أحدث ما أنتجته المصانع الغربية من تكنولوجيا الأسلحة المتطورة .
هكذا ورط صدام الجيش وادخل البلد في حرب كانت نتائجها محسومة سلفاً . حلت الكارثة ودفع الشعب من جديد ثمناً باهظاً من دماء مئات الألوف من خيرة شبابه وتحمل تبعات حصار اقتصادي ظالم فرض من قبل النظام قبل فرضه من دول العالم ، وإنزال أقصى ما يمكن من الدمار بالبنية الاقتصادية ،والعسكرية للعراق وجرى إذلال الجيش والشعب الذين انتفضا عليه على اثر انسحابه الذليل من الكويت. أوقدت تلك النتائج المفجعة للحرب نار الحقد والغضب العارم على النظام الصدامي البائد لدى الجيش المنسحب والشعب بانتفاضة عارمة لـ 14 محافظة في الجنوب والشمال كادت تطيح بالنظام ورؤسه العفنة الذين كانوا السبب في دمار البلد وضياعه . وقد خاب امل العراقيين بقوات التحالف التي لم تتعرض للنظام ورأسه صدام وقتها ولا كان في حساباتها إسقاطه بعد ان تلقت اشارات من الدول العربية المحيطة وخاصة السعودية من خطر نجاح الانتفاضة وانتشار المد الايراني ويقصد به التشيع اذا ما اطيح بالنظام العفلقي المجرم .
في هذه الاثناء في يوم 3|4 آذار 1991 كان يعد امر توقيع وقف اطلاق النار بين قوى التحالف بقيادة شوارتزكوف والقيادة العسكرية العراقية بقيادة رئيس اركان النظام البائد وقتها سلطان هاشم احمد في الخيمة الشهيرة التي سميت بخيمة صفوان, كنا نراقب ما يحدث في اللقاء من اوله رئينا سلطان هاشم ومن معه وكيف تم تفتيشه قبل الدخول للخيمة التي تم فيها ضياع البلد والذل والهزيمة التي لحقت به عن طريق تلك الايادي التي وقعت على استسلام الجيش العراقي والموافقة على جميع الشروط لوقف اطلاق النار التي امليت عليهم من قبل التحالف, وحسب ما وصلهم من تعليمات من صدام الذي شعر بنهاية نظامه قد اقتربت بتصاعد الانتفاضة الجماهيرية بان يوقعوا على بياض ! فعجل بالتنازل عن كل شيئ في سبيل بقائه على رئس السلطة والاستمرار بها . ومن ضمن ما تم التنازل عنه عشرات الكيلو مترات إلى دولة الكويت في إطار اتفاق ترسيم حدود البلدين وهذه الاراضي تحوي 13 بئر نفط , التي اتخذها صدام ذريعة في بادئ الامر بان الكويت سرقت من حقول نفط الرميلة ورفع شعار قطع الاعناق ولا قطع الارزاق!، كما تم الموافقة على قرار مجلس الامن وقبول وصاية دولية كاملة على العراق وتقسيم اراضيه والحظر الجوي الذي عمل به منذ توقيع سلطان هاشم على وثيقة الاستسلام .
ونتيجة لهذه التسهيلات والمرونة من الجانب العراقي خففت قوى التحالف الضغط على النظام البائد والسماح له باستعمال طائراته العمودية (كمكافئة له على التنازل) لضرب المنتفضين في الجنوب باعنف الاساليب واكثرها وحشية . جهود سلطان هاشم احمد وطلبه استحصال الموافقة على استخدام الطائرات العمودية كان له مغزى بعيدا عن استخدام تلك الطائرات في التنقل في ظل ظروف البلد الحربية وتحطم جسوره واغلب طرقة وبناه التحتية فكانت تلك الطائرات لها الدور الفعال والسريع في قمع تلك الانتفاضة في الـ 14 محافظة وقتل الاف من الشباب وتهجيير الاف الاخرى وابادة قرى بكاملها ,, سيبقى التاريخ يذكر هذا الدور الذي قام به سلطان هاشم الذي استأسد على شعبه بتوجيه جام غضبه عليه اثر الضربات التي لحقت به بعد الانسحاب المهين من الكويت .
هذا ما قام به سلطان هاشم احمد الذي تدافع عنه جبهة التوافق وعلى لسان الدليمي الذي اشاد بدوره في الدفاع عن الوطن ضد الغزاة كما اسماهم والمطالبة بالتراجع عن قرار اعدامه . هكذا عودتنا جبهة التوافق التي تغرد خارج السرب العراقي والاجماع الوطني بالحنين لنظام وحكم البعث والدفاع عن كل رموزه المسؤوليين عن دمار العراق وخرابة وعن شخص وقع بيدية على قرار لتقسيم العراق في خيمة صفوان وتبديد وحدته التي يذرف اعضاء التوافق دموع التماسيح عليها !!!, فلو كان شخصا كما وصفه الدليمي في البيان "من رجال العراق المدافعين عنه" لما وضع نفسة موضع ذل وخنوع امام الامريكان في خيمة صفوان او لاعترض على قرار صدام القبول بكل شروط الاتفاق بدون نقاش !!, فلو صدر قرار اعدامة بهذه التهمة لكانت كافية لتطبيق الحكم عليه بعيدا عن بقية الجرائم التي ترتبت على ذلك !!. فهل يجب تكريمه واعتباره من رجال العراق والمدافعين عنه ؟.الدوافع الطائفية هي التي دعت جبهة الدليمي لاصدار بيان يطلب الرحمة والرئفة بمجرمين قتلوا بايديهم اوكانوا السبب في قتل عشرات الاف من العراقيين وتهجير الاخرين وحرق قرى باكملها في جنوب الوطن وشماله والتغاضي عن الالام والمعاناة والحرمان التي كان يعيشها الشعب , فهذا في عرفهم هو الواجب والدفاع عن الوطن بقتل وتهجير ابنائه من الطائفة الثانية والقومية الاخرى وتقسيمه الى مناطق حظر !!.
فلو كان شخص شيعي وقع مع قوات التحالف على وثيقة خيمة صفوان لما سمعنا من الدليمي وجوقته اي موقف ايجابي او طلب وقف تنفيذ حكم الاعدام بحقه بل العكس لانقلبت عاليها سافلها ليس لجبهة التوافق فحسب وانما في جميع الدول التي تسمى بالعربية ولاصبح الموقّع ابن العلقمي الثاني الذي يسلم العراق للصليبين حسب ما تم تشويه الحقائق في كتب التاريخ والتأويلات عن تسليم ابن العلقمي مفاتيح بغداد للمغول في حين ان ابن العلقمي رد هجوم المغول الاول على بغداد ولو اخذ الخليفة العباسي بحكمة ابن العلقمي لانقذ بغداد مرة ثانية من الغزو المغولي. العامل الطائفي له دور كبير في تغير الحقائق التاريخية التي مر عليها سبعة قرون ونصف من الزمن ولكن خيمة صفوان لم يمر عليها سوى 16 سنة فقط , فاذا كان الدليمي خرّف وبدأ يهجر فان ذاكرة اغلبية الشعب العراقي ما زالت حاضرة .
عراقيـــه
https://telegram.me/buratha