بقلم : سامي جواد كاظم
خطيب المنبر له خصوصية ومكانة مرموقة لدى المسلمين عامة والشيعة الأمامية خاصة لما له من دور تثقيفي وتوعوي إضافة إلى إثارة شجون وأحزان نفوسنا بذكر ماسي وأحزان آل البيت الأطهار (ع) . ودائما تزدحم المنابر في أيام المناسبات وخصوصا المناسبات التي تخص ذكرى وفاة الأئمة (ع) .
كثيرة هي الدراسات التي قدمت ودرست تبحث تطوير العمل الخطابي وكلها جاءت بالنزر اليسير من الفائدة وحيث أغفلت نقطة مهمة جدا يجب إن تتصف بها الخطابة لا الخطيب وهي مادة الخطابة أو الموضوع الذي يستحق تسليط الضوء عليه ومطابقة لماهية المناسبة . إلى اليوم لم يتطور الخطيب في الانتقال من أداء المواضيع الروتينية والتي تلهب عاطفة الناس البسطاء الذين يستمعون إليه إلى الخطاب العلمي .
هنالك ثلاثة أصناف من الخطباء ، صنف منهم يرتقي المنبر للتكسب بغض النظر عن حجم الفائدة العلمية المهم هو حجم الفائدة المادية وصنف يرتقي المنبر لغرض الشهرة وهم كثر حيث أنهم لا يلتفتون إلى ما يقولون وصنف ثالث هم وان كان هدفهم هو تثقيف السامعين وذكر بعض الجوانب التربوية للمعصوم من خلال ذكر أحاديث صاحب المناسبة إلا أنهم يؤكدون على تهيج مشاعر المنصطين له ، والأصناف الثلاثة لا تخدم المسلمين .يقول الوائلي طيب الله ثراه عن أصحاب المنابر الحسينية ( الذين حولوا الشعائر الحسينية إلى مسخرة وتفاهة ، وحولوا مبادئ الحسين إلى بعير أو ناقة تسير في الهايدبارك بلا خجل ).
وأخر مناسبة مرت علينا هي ذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام ، وهذا بطبيعته مناسبة عظيمة تجعل المنبر مزدحم بخطبائه ولكن للأسف لم اسمع ولا خطبة تليق ولو بجزء بسيط بمكانة صاحب المصيبة ، احد قرّاء المنابر يذكر حديث الإمام علي (ع) عندما قال سلوني قبل أن تفقدوني وقام إليه شخص يسال أمير المؤمنين عن عدد شعرات رأسه وبدأ صوت الخطيب يعلو بلعن السائل ومن ثم ذكر كم هائل من صفات علي (ع) انه البطل ... العالم .... الإمام المعصوم .... والـ ... إلى أخره ، خطيب أخر يذكر ليلة الجرح كيف صاحت ألوزة وكيف تعلق ثوبه بمسمار الباب وما إلى ذلك ومن ثم قول الإمام علي (ع) إنها الليلة الليلة وما لهذه العبارات من تأثير في الشجون وبالتالي يزداد العويل والنحيب ، خطيب أخر يذكر ضربة علي (ع) في يوم الخندق وأخر يذكر نومه في فراش النبي وهكذا ، وكأن هذه معلومات لا يعلمها احد أو إنها ترتقي بالثقافة الإسلامية إلى درجة نستطيع مواكبة التطور في العصر .
مسالة مهمة دائما يتعرضون لها الكتّاب والخطباء والعلماء وهي ما إن يتم اكتشاف شيء مهم يفيد البشرية من قبل الغرب حتى ينادون كتّابنا وخطبائنا وعلمائنا أن هذا الاكتشاف الذي اكتشفوه هو أصلا آية قرآنية أو حديث للمعصوم ، طيب لماذا لم تكتشفوها قبل الغرب ؟
هذا علي (ع) الذي لا يمكن لفرد إن يحتوي علومه والتي تتطرق لكل مجالات الحياة ، هل حقا عجزنا عن إظهار روائع الإمام علي (ع) العلمية ،على اقل تقدير ولو الفكرية على اعتبار إن الناحية العلمية تحتاج إلى إمكانات مادية من مختبرات ومواد أولية حتى نستطيع تفسير أقواله العلمية إلا أن أقواله الفكرية والتي تؤدي إلى الارتقاء بالبشرية هل حقا عجزنا عنها ؟
بقلم : سامي جواد كاظم
https://telegram.me/buratha