( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
بالرغم من كل المؤاخذات التي سجلت في السابق على اداء المفوضية العليا للانتخابات الا ان الانصاف يفرض حتمية الاشارة الى دورها الاساسي والفعال في ادارتها لاول انتخابات تشريعية انتقالية وصفها المراقبون آنذاك بانها فاقت التوقعات لجهة الشفافية والتنظيم والمشاركة والاستقلالية والنزاهة والتمسك بالتشريعات القانونية والاعلانية التي شكلت لدى الشارع العراقي ظاهرة لم يألفها من قبل وكذلك معظم ان لم نقل كل دول المنطقة.
وبنفس الآليات والحرص والشفافية نجحت المفوضية نجاحاً كبيراً في ادارتها لملف التصويت على الدستور العراقي رغم كل المحاولات والضغوطات التي تعرضت لها او تلك التي مورست ضدها، الا ان في كلا الحالتين الاولى الخاصة باول انتخابات تشريعية والثانية المتعلقة بمسألة الدستور والتصويت عليه جاءت نتائجها متقاربة مع نتائج العديد من الاستبيانات والقراءات الميدانية والسياسية ذات العلاقة بالممارستين.
وقد برز دور المفوضية العليا للانتخابات بشكل لافت مع حلول الاستحقاق الثالث والمتمثل بخوض الانتخابات الدستورية للمرحلة الدائمية بعد ان انجزت العملية السياسية استحقاقات المرحلة الانتقالية لتجد نفسها أمام الاستحقاق الدستوري الكبير والمتمثل بخوض الانتخابات التشريعية للمرحلة الدائمية، وقد رأى المراقبون وقتذاك ان المفوضية قد وضعت امام اختبار حقيقي وهي ستمسك بواحد من الملفات المعقدة خصوصاً بعد ان ابدت قوى سياسية ومكونات اجتماعية استعداداً نشطاً لخوض غمار العملية الانتخابية لتحقيق ما فاتها في العملية الانتخابية الاولى بسبب قراراتها التي ابتعدت بسببها عن تلك العملية وتمخضاتها.
ان الزخم الكبير والجهد المكثف الذي بذلته جميع القوى والاحزاب والتيارات بالرغم من انه اعطى نكهة دستورية فريدة في ذوقها وشكلها وحجمها الا انه كشف بنفس الوقت عن حجم المهمة التي اضطلعت بها المفوضية العليا السابقة الامر الذي اكسبها احترام المؤسسات الدولية المماثلة والمراقبين الدوليين والأهم، منظمة الأمم المتحدة وامينها العام السابق السيد كوفي عنان.
وبالرغم من الطعون والإشكالات التي كنا قد سجلناها على المفوضية وقتذآك الا ان الاداء الاجمالي لتلك المؤسسة كان اكثر من جيد استناداً الى شكل التجربة ذاتها والاوضاع الامنية التي كانت وما زالت سائدة في البلاد واظهار المفوضية قدرة فائقة في تعاملها مع الطعون كل حسب الحالة الخاصة بها ومن ثم الشفافية التي رافقت الاعلان عن النتائج مع احتفاظنا الكامل بالتحفظات التي اشرنا اليها في حينه.
الآن وبعد ان استطاع العراق خوض ثلاث تجارب دستورية عدا الانتخابات الخاصة بمجالس المحافظات فان ذلك يلقي على المفوضية العليا الجديدة مسؤولية وطنية وتاريخية اكبر لجهة تحقيق استقلاليتها باعتبار ان الاستقلالية هي الضامن الوحيد لخوض عملية انتخابية مستقبلية نزيهة ونظيفة خالية من الاختراقات وضامنة للنتائج، لكن ما يرد الينا من معلومات حول هذه الموضوعة يجعلنا متوجسين خيفة من احتمال اختراق استقلالية المفوضية بمكائن بلدوزرية معروفة باتجهاهاتها السياسية الفاقعة بلحاظ ان المفوضية ذاتها وحسب المعلومات المشار اليها كانت قد تقدمت الى القوى والاحزاب بطلب تقديم اسماء مرشحيها لشغل بعض المواقع الرقابية والوظيفية وهذا ما يشكل مخالفة لاستقلالية المفوضية وارباكاً لجهة تحقيق الشفافية التي هي اساس نجاح عمل المفوضية من جهة والعملية السياسية على وجه التحديد.
https://telegram.me/buratha