المقالات

المرأة...شهادة الموت والحياة

1255 2015-11-26

في زيارة قصيرة في يوم شتائي ممطر لقرية من أكواخ متناثرة في ريفنا الجميل لإحدى محافظاتنا وصلنا إليها بسيارة مصنوعة من الخشب {من أيام ألأول } وسلية نقل لا تتوفر غيرها أثناء المطر تحمل الإنسان والمواشي معا ..وتسير في شوارع طينية وخوف الانزلاق تشد وتربط الإطارات بالحبال .. رأيت صورة مدهشة ومذهلة للمرأة ألريفية تحمل شهادة الموت والحياة ..فهي تتكفل بطحن الحنطة والشعير وتجمع الحطب وتهيئة العجين والتنور ومن ثم الخبز الحار ..ترعى وتحلب المواشي ..تشارك في الحصاد ..والحمل ورعاية المولود مهمتها الربانية .

كل هذا تحمله في صدرها في ارض الإرهاق وسوء التغذية وقلق {المسعدات} في القرى العصرية وأفياء المدينة ..أخذتها كل هذه الاشياء وضاعت في حياة صاغتها عذابات الدنيا وقلقها .. يتولى أمرها جاهل ومتسلط وثقيل يمضي وقته في تجمع دكان أصحابه أو مقهى من طين نهارا وبعد العشاء يكمل السهرة في بيت شيخ أو امام جامع القرية الذي يتحدث بالحلال والحرام والمحرم يأخذ فتواه من الطارئين على الحياة المدنية ومن أدعياء الإسلام ان ترتدي المرأة غطاء اسود يجللها من قدميها الى رأسها كأنها سارية تسير على الأرض .. لا تميز هل هي رجل ..أم مفخخة ..أم حزام ناسف .. وأن تلازم البيت في حق باطل من تسلط الدين والرجل !

الأمور حائرة وأكبر من تصورها ..ولكنها تعودت منذ الصغر على حياة قاسية الى الكبر وبمرور السنوات العجاف لم تعد لها القدرة على الاستمرار في تحمل كل هذه المصائب والمصاعب فتمرض وتضعف عيونها وإرادتها ..وزواج الثانية هو الحل والمفتاح لانها تعبت.. وتتكالب عليها الأحداث وتكثر العثرات ويصعب ان ترى فلاحة خالية منها أو فلاح فلكل منهم كابوسه يسير معه ويزداد سؤا مع مضي الأيام والأعوام .

عالم مضطرب يسبح في الخوف من تسارع الحياة انعكس على اداء وتعبيرات وجوه مجتمع صغير قاسيا في العمل ..قاسيا في الانتاج ..قاسيا في الحب ..فالتي تعشق تقتل .. لاتنظري لا تقولي .. لا تفعلي !! والمدنية بعيدة عنها فلا تزال النهوة والفصلية {وكبعها وأخذها } وتفض بها نزاعات باطلة مفاهيم سارية المفعول لم يعد سهلا القضاء عليها رغم انها لا ترتدي الحجاب وكاشفة الوجه ومنها من تظهر العيون السود بحجاب الوجه الذي يزيدها سحرا وسعة.

وبعيدا عن الحداثة والحياة العصرية فالهوة لا زالت كبيرة في عادات واسرار لا تبوح بنفسها وتتحفظ تجاه الغرباء العابرين بثقل العبارات والانفعالات ...والحجر لايعود بعد القائه والوقت لا يعود أيضا بعد مروره وهذه هي الحياة والعمر وتبعات السنيين إيقاع يمر لا يعصم من الزلل .. ولا يحمي من الخلل .. وان كانت نصف المجتمع وتلد النصف الآخر .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك