( بقلم : عدنان آل دام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
ثلاثة او اربعة من اهم المتغيرات السياسية التي عاشتها الساحة العراقية خلال الشهر الحالي، كانت كافية لأن تكون عامل جذب وقلق للمراقب السياسي المعني بالمشهد العراقي. هذه المحاور تبدأ بالحدث الأهم والمتمثل بتقرير كروكر باتريوس حيث تعاملت معه الماكنة الاعلامية المحلية والعربية والدولية بشكل فاق حدود المبالغة، وقد اعتبره البعض بأنه سيكون الحد الفاصل بين مرحلتين عراقية _ امريكية في آن معاً، فيما كانت هناك رؤى وتصورات اخرى ازاء ذاك التقرير سنمر عليها تباعاً.
الحدث الاخر الذي شغل المهتمين بالشأن العراقي وكذلك بعض الدوائر المحلية والاخرى الاقليمية ذات الاجندات غير المنسجمة مع المعادلة السياسية العراقية الجديدة هو قرار انسحاب الكتلة الصدرية من دائرة الائتلاف العراقي الموحد وما رافق ذلك الانسحاب من استشرافات واستنتاجات وتحليلات وتوقعات وقراءات مختلفة، راح معظمها يتساءل عن موقف زعامة الائتلاف العراقي الموحد من هذا القرار والذي سنجيب عليه لاحقاً ايضاً.اما المحور الثالث الذي بات هو الآخر عرضة للتساؤلات والاستفسارات والاستفهامات العديدة فإنه يقع حصراً بموقف الائتلاف من الأداء السياسي والاقتصادي والامني والخدماتي لحكومة الأستاذ المالكي.
وعن هذه الاسئلة والمحاور الثلاثة كان للاجابات الحاسمة التي ادلى بها سماحة السيد عبد العزيز الحكيم لصحيفة الاستقامة عبر اللقاء الذي أجرته معه يوم امس الاول، ما يكفي المراقب وضوحاً ازاء تلك الاستفهامات.ففي تقييم سماحته لتقرير باتريوس _ كروكر حدد زعيم الائتلاف رؤيته من هذا التقرير بعدة نقاط جاء في اولها بان هذا التقرير كان قد تناول القضايا العراقية من وجهة نظر امريكية الا أنه لايخلو من بعض الفقرات الصحيحة لجهة قراءته لبعض فصول المشهد العراقي، لكن ما يؤخذ على التقرير هو ذلك النقص الكبير الذي غيّب دور المرجعية العليا في النجف الاشرف وعلى رأسها سماحة اية الله العظمى السيد علي السيستاني(دام ظله) وموقفه المشرف في الوقوف بوجه الحرب الطائفية التي كانت بعض القوى تريد اشعالها في العراق بالاضافة الى موقفه من الارهاب ومجمل العملية السياسية والذي يعد من المواقف العظيمة والكبيرة والمهمة التي ينبغي ان لا يغفلها أي مهتم بالشأن العراقي وما يؤخذ على التقرير ايضاً اغفاله لمواقف الاحزاب والكتل السياسية العراقية الوطنية ذات الدور التأريخي في مواجهة الحقبة المظلمة والساعية لبناء الدولة العراقية الحديثة بالاضافة الى مواقفها الداعمة لاستتباب الامن واعادة الاستقرار ووقوفها المبدئي بوجه القاعدة والارهاب التكفيري وذهاب التقرير الى الانتقائية في موقفه من الانظمة الاقليمية حيث انحاز لدول أضرت بالعملية السياسية العراقية واساء الى اخرى كان بعضها من اوائل الانظمة الداعمة للعهد العراقي الجديد.
اما فيما يخص قرار انسحاب الكتلة الصدرية فقد كان سماحته واضحاً جداً عندما ابدى اسفه الشديد لهذا القرار وتاكيده على حتمية استمرار تحرك اللجنة التي شكلها الائتلاف للتباحث مع الاشقاء في الكتلة الصدرية لاقناعهم بالعودة الى حاضنتهم الائتلافية باعتبارهم رقم مهم من ارقام الائتلاف ويزداد وضوح سماحته اهمية قصوى مع تركيزه على مسألة البحث في الاسباب التي ادت الى اتخاذهم قرار الانسحاب وضرورة معالجتها. وعن رأي سماحته بالأداء الكلي لحكومة السيد المالكي، اكد زعيم الائتلاف وبمنتهى الدقة والصراحة بأن خيار الائتلاف هو الوقوف بقوة وراء هذه الحكومة، واعرب سماحته عن اعتقاده بأن الاخوة الكرد والأشقاء السنة العرب يتجهون بنفس المنحى لمواجهة التحديات التي يمر بها العراق، لكن سماحته لم يغفل الاخفاقات والنواقص التي وقعت بها الحكومة رغم تحقيقها الكثير من المكاسب، وتمنى عليها ان تنظر الى آراء المخلصين وتقييماتهم بشكل اكثر جدية والسعي للاستفادة من أي نقد موضوعي هدفه الاصلاح مطالباً الحكومة بذات الوقت تطوير ادائها في المجالات كافة.
نستطيع ان نؤكد ان الاجابات الثلاث للمحاور الثلاثة كانت قد رسمت خارطة الطريق لمرحلة تعد هي الاصعب والاكثر خطورة خلال مدة التجربة العراقية الجديدة وهذا ما يميز القادة عن غيرهم خصوصاً عندما يرى البعض ان الاحداث تسير بإتجاه المجهول.
https://telegram.me/buratha