المقالات

تهوية سياسية.."هذا الشعب وحده طلع لا تركب الموجة"

1215 2015-09-08


تحتمل مفردة "تهوية" معنيين، هما: صنع هوية، ونشر الهواء، وكلاهما يصحان على إثنتي عشرة سنة، مضت، من عمر التحول.. مسافة بينية، تمتد من الديكتاتورية، الى الديمقراطية.. إذ لا هوية خارج دفتي غلاف "الدستور" المكتوب، تطبق على ارض الواقع العراقي، المكتظ بزحام ساسة مفسدين تتدافع مصفحاتهم رباعية القطع للطرقات، نحو المغانم، تركين البلد لعبث الشيطان، يسوسه بالمفخخات ويدير شؤونه بالمشاريع الناكلة!

من ينظر للإثني عشر عاما، على أنها بلورة هوية، فهو مخطئ ومصيب في الوقت ذاته، مثلما أخطأ مصيبا، من ظنها حرث تمهيدي لـ "طش" بذور الديمقراطية؛ لأن العراق منذ 9 نيسان 2003 ولحد الآن من دون هوية واضحة.. إشتراكي ام علماني ام ليبرالي ام ديني ام مدني أم... ماذا!؟
فالعمائم منقوعة بصديد الفساد، ودعاة الليبرالية يمارسون أقصى حريتهم بالسرقة، والكل يوظف القيم المثلى.. المقدسة في إبتزاز الدولة، ولوي أذرع نصوص الدستور الإخطبوطية.. يكتفها بقوى أكبر من الدولة!

أرض سبخة وهواء فاسد وفضاء مجدب، هل ثمة متفائلون؟ بالخصب والنقاء والخضرة والوجه الحسن؟ بعد ان جرت الأحداث نحو إنعطافات حادة، مالت بها عن جادة الأهداف المبتغاة. فئة قدمت زرافات وأفواجا، الى ساحة التحرير، تهتف بإهزوجة، تجير التظاهرات لزعيمها الروحي والعسكري، الذي تخبط طويلا وخلط الأوراق؛ ما إضطر المتظاهرون لمقابلتهم بالهتاف: "هذا الشعب وحده طلع لا تركب الموجة".

نهازو الفرص، أثروا سلبا على المواطن، الى درجة غائرة في نخاع العظم، مستهونا الهجرة غير الشرعية، المحفوفة بأسماك القرش، وأمواج البحر تتلاطم مثل قمم الجبال، والمهاجرون على ظهور عبارات من دون أسيجة، صنعت ليلهو بها نفران.. حبيب وحبيبته، في مسبح قصرهم الفاره، حملت عشرات العوائل؛ لتغرق بعد مغادرة الشاطئ ببضعة كيلومترات في عرض البحر،...

أهذا هو العراق النابع من سويداء القلب حنيا؟ يا قهر! فلا أم تحمينا، حين يخطف الخطر: "أنا الذيب وآكلهم"! كنا.. أيام الحكم البعثي، نردد: "الله وحده قادر على إنتشال الشعب العراقي من مخالب الطاغية" وبعد سقوطه تعلقنا بأهداب الأمل، فخاب ما أملناه، والآن تعلقنا بتظاهرات، إلتف عليها القرار الرسمي، حتى بدت "الإصلاحات" ثلاث رصاصات رحمة، الى عقل وقلب و... عجيزة المتظاهرين! فلا خبر جاء ولا وحي نزل... إذهبوا أنتم وهتافاتكم، إنا هنا.. خلف أسيجة المنطقة الخضراء قاعدون، نتمنطق بمتاريس دججت بالرجال والأسلحة الفتاكة، الكافية لحملكم على العدول عن المطالبة بالكهرباء وسواها، لكننا نرأف بكم فإشكرون!

جل ما يخشى ان يشكر المظلوم للظالم كونه لم "يكصي" به، و"أردن للمحطة إردود.. مخنوك بألف عبرة.. يراويني النهر موكاف حبنا وديرة العشرة" لأن بعض الشر أهون، من لصوص إستولوا على بنك "العراق" منذ إثني عشر عاما، ولم ترتوِ شهوة المال في نفوسهم الشرهة.

فالتظاهرات تتضاد مع من لصالح من، تاهت على الجموع، التي تأتي من كل فج عميق، تعلن براءتها من "قدس الأقداس" المستتر، لصالح واقع تطالب بإعلانه، وكل يبارك للآخر: "تظاهرة مقبولة" يرد عليه: "تقبل تظاهرك" و... تتسفه الأمور رويدا، وربما تتوقف، من دون تحقيق أهدافها، حالما يصل محركوها المستترون الى مرادهم.


*مدير عام مجموعة السومرية الفضائية

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك