المقالات

الرسائل المشفّرة بين المرجعية والعبادي..!

1789 2015-09-02

لا شك إنّ الدولة العراقية بحاجة إلى إصلاح ممارسة، وإصلاح إداري واسع يصل لدرجة "الثورة الإدارية". غير إنّ المطالبات بتغيير نظام أو تجميد دستور، دعوات لا يمكن إخراجها من دائرة الشك والريبة، فدولة دستورية كالعراق يمكنها الفخر بإطارها الدستوري المدني العصري، مع وجود بعض الملاحظات، والممارسة في كثير من الأحيان تكون شاذة عن روح الدستور ومبادئه.

تلك الممارسة هي محور النقد السياسي للطبقة الحاكمة منذ وضوح بوادر تراجع الدولة على الصعد السياسية والأمنية والخدمية..المرجعية الدينية لم تخرج عن هذا المحور -الممارسة- وكل توجيهاتها تتلمس عمق المشكلة المُختزلة في الأداء السياسي للسلطة، وليس البعد النظري للدولة (من قوانين ودستور ومؤسسات أولها البرلمان). من هنا حدث شرخ بين الحكومة السابقة برئاسة السيد المالكي وبين المرجعية العليا، إنتهى بإزاحة المالكي عن دفة الحكم مرة ثالثة. 

البديل ينتمي لنفسه المنظومة الحكومية المدافعة عن تلك الحقبة التي شهدت مواجهة بين المرجعية والحكومة، ورغم مجيئه على أثر زوال المالكي بواسطة النجف والقوى السياسية الأخرى، غير أنه ليس بأفضل حالاً من بدايات سلفه الذي بدأ مشواره ضعيفاً لا وجود له في الشارع. وربما هذا التحوّل من الضعف إلى القوة النسبية، يغري السيد العبادي ويدعوه لإستثمار الفرصة!..

قد تكون حالة الإحتجاجات في البلد، هي الفرصة، سيما إنّ المرجعية دعت رئيس السلطة التنفيذية إلى أخذ دوره كمسؤول تنفيذي لا أكثر ولا أقل. يبدو إنّ العبادي قرأ الدعوة على نحو مغاير أو ربما بلغة أخرى؛ وهذا ما يتضح من خلال طلبه الغريب بما أسماه "تفويض شعبي مليوني لحل البرلمان وإسقاط الدستور"!.

المرجعية أجابت بشكل مباشر على هذا التوجه الخطير، إذ دعت إلى تعاضد السلطات جميعها في عملية الإصلاح سيما البرلمان الذي يعد الحاضنة الأولى والرحم الأم للحكومة وتفرعات الدولة الأخرى. رسالة المرجعية هذه، تحمل إنذاراً مبكراً يمكن تحوّله إلى تحذير مباشر في حال أصر رئيس الحكومة على طلبه.

إن الإصلاح يبدأ من الخطاب السياسي، وللأسف الشديد لم يتجاوز السيد العبادي مرحلة الشكوى وخطاب التبريرات، ولعل لجوءه إلى طريقة مستحدثة (المقايضة من أجل الإصلاح)، نابعة من الشعور بضرورة مخاطبة مشاعر الناس، لكسب نقطة قوة جديدة من جهة، ولإلقاء اللوم في الأخطاء والمشاكل على الآخرين من جهة ثانية. المعنى الوحيد لهذا التوجه، هو إستعداد العبادي لخوض صراع سياسي جديد لا طائل منه سوى رفع رصيده الشخصي ورصيد الحزب مقابل القوى الأخرى. أي إننا نعود لذات المفسدة التي تأسست عليها كوارثنا!.

السؤال البارز من تلك المعطيات: هل سيدفع الشعب ثمن هذا الصراع سنوات جديدة من عمره، أم إنّ العبادي فهِم الرسالة؟!.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك