( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
شهدت العملية السياسية العراقية خلال مراحلها الممتدة بين عامي 2006 ـ 2007 حراكاً محموماً من قبل القوى الاقليمية بهدف الاطاحة بها عبر محاصرتها واضعافها وفرض الاجندات الخارجية عليها.وقد اتخذت تلك الممارسات والضغوطات اشكالاً متعددة كان اهمها تقديم الدعم اللامحدود للجماعات الارهابية بما فيها القاعدة لإشاعة الرعب والهلع، ومحاولات اثارة مشاريع الحروب الاهلية العرقية الطائفية التي كادت ان تشتعل في كثير من الاحيان لولا حنكة مرجعياتنا الدينية وقياداتنا السياسية ووعي وادراك شعبنا للمخططات الاجرامية، التي ادركت بوعي ونضج اهداف تلك المشاريع الكارثية، التي كانت ترسم خارج الحدود.
وقد بلغت تلك المشاريع ذروة خطورتها مع الاعتداء ولمرتين متتاليتين على احد اهم الرموز العقائدية للشريحة العراقية الاكبر عندما قام مجرموا القاعدة والتكفيريين والصداميين باستهداف مرقد الإمامين العسكريين(ع) في سابقة غير مألوفة من قبل ولم يجرأ احد على ارتكاب مثيلاتها على الاقل خلال القرن الفائت. واستمرت تلك المشاريع الاجرامية لتقدم للمجتمع العراقي مشاهد غريبة في اشكالها واحجامها وخطورتها كما حصل من مجزرة حقيقية عند جسر الأئمة، وكذلك من خلال الاعتداء على الروضة القادرية الشريفة والمحاولات العديدة التي استهدفت مقامات أهل البيت(ع) ومزارات المسلمين العراقيين دون استثناء.
وتأتي في هذا السياق الجريمة النكراء التي تعرضت لها الطائفة الايزيدية في سنجار والتي وصفها المراقبون على انها تصنف بالنكبة واطلق على محيطها بالمنطقة المنكوبة، عندما كانت حصيلة تلك المجزرة قد فاقت الـ(2000) مواطن بين شهيد ومصاب، ولم تتخلى جماعات القاعدة التكفيرية عن محاولاتها فقد طالت اياديها زعماء عشائر المنطقة الغربية في فندق المنصور ميليا في محاولة لخلط الاوراق خصوصاً ان اولئك المشايخ كانوا في زيارة عمل التقوا خلالها قبل يوم واحد برئيس الحكومة، وهكذا استمرت تلك المساعي والاجندات حتى وصلت الى حدود عقد المؤتمرات العلنية في دولة عربية شقيقة تفترض ان تكون راعية او حاضنة لمشاكل العرب وازماتهم لغرض حلها وإزالة الفتائل المتفجرة فيها، لكنها بدل ان تفعل ذلك قامت بأستضافة اجهزة المخابرات الاقليمية الفاعلة في المنطقة خصوصاً التابعة لبعض الدول المجاورة للعراق لغرض وضع الخطط الكفيلة للإطاحة بالتجربة العراقية من الخارج.
ربما عامل التوازنات الاقليمية والدولية قد فرض على ذلك المخطط التوقف عند الحدود التي انطلق منها، لكن ما حصل في كربلاء المقدسة أبان زيارة النصف من شعبان، قد افضح عن الدور الخطير الذي بدأت تمارسه تلك الاجهزة عبر الاستعانة بجماعات الضد النوعي وعصابات البعث المقنعة التي تسترت تحت مسميات دينية. هذا الدور بدأ يترك بصماته بقوة في الساحة العراقية مع العملية الاجرامية التي استهدفت الشهيد المجاهد ابو ريشة زعيم مشروع صحوة الانبار الذي لقن القاعدة دروساً اجبرتها على التقهقر والانكفاء، لكن اصطدام تلك المشاريع بالارادة العراقية الصلبة دفع بالقوى الخارجية الى مواجهة التجربة من الداخل بعد ان عجزت على ما يبدو محاولات الخارج، لذا فإن المشهد السياسي العراقي الذي يتعرض حالياً لحالات انشطارية وانسحابية بات يشكل ملامح المشروع الاستهدافي الجديد.
من هنا تبرز رجاحة العقل السياسي العراقي الذي على اكثر التقادير كان قد استشرف حتمية الوصول بالقوى الخارجية الى هذا المفصل الخطير، الامر الذي دفع بالقادة العراقيين الى اعلان الاتفاق الرباعي قبل شهر ونصف تقريباً كخطوة استباقية لافشال أي مشروع يريد الاطاحة بمنجزنا وهذا مبعث أطمئنان جميع المخلصين.
https://telegram.me/buratha