المقالات

‏ المالكي..المحاكمة أو السقوط!‏

2087 2015-08-12

‏"هل سيعتذر المالكي لحزب الدعوة؟"..سنتان ونصف مضت على مقال كتبناه بهذا العنوان, كان بمثابة الإستشراف لمصير ‏الرجل المتحكّم بالحزب والكتلة, والساعي لبسط نفوه على الدولة بطريقة مشابهة تماماً للنظام البائد, فحتى الأصهار تمت ‏إعادة تدويرهم!.. 

لم يكن نائب رئيس الجمهورية المطاح به موقناً بحتمية النتائج, إذ بقي يلعب على الإختلافات وهموم الناس. إنّ المقدمات التي ‏صنعها المالكي لا يمكن أن تقود لغير النتيجة التي يعيشها العراق بكل أزماته الأمنية والسياسية والإقتصادية؛ لذا إنتهج السيد ‏المالكي طريق اللاعودة, حرصاً على ديمومة زخم الأزمة كوسيلة لبلوغ "حلم السلطة المزمنة".‏

إنّ الأدوات التي إستخدمها نائب رئيس الجمهورية المقال, من جنس لا يتوائم مع طبيعة النظام العراقي الجديد وقواه الفاعلة ‏وعلى رأسها المرجعية الدينية, ربما فقر التجربة أدى به إلى إستيراد تجارب من أزمان وأنظمة أخرى (كالنظام البعثي ‏الصدّامي). ظاهرة (المالكي) ليست بالظاهرة الجديدة في المجتمع السياسي العراقي إذا ما جردناها من الإختلاف في ظروف ‏وعوامل تكوين البيئة السياسية, سيما إنّ الرجل صعد إلى السلطة وقُدم (لم يتقدّم) إلى الطبقة الأولى, كمرشح تسوية, بعد أن ‏كان ينشط في هامش العملية السياسية أبان تأسيسها.‏

لا تشذ النتائج عن طبيعة المقدمات, وكحال معظم أصحاب النزعة التسلّطية في مأسسة حالة من اللاشعور الشعبي المتجه ‏نحو الهاوية. وقد وصلت الدولة إلى الهاوية فعلاً؛ إحتلال, إنسداد سياسي قاد إلى صورة قاتمة, نزيف في الثروات والدماء, ‏وغياب شبه تام في البنى التحتية لجميع مقومات الحياة الضرورية كالكهرباء والخدمات الأخرى بعد ثمان سنوات!.‏

تلك هي الكوارث, ولا حاجة للقول "إننا نتجه للكارثة", الأمر الذي دعى المرجعية الدينية وقوى سياسية وإجتماعية إلى ‏التدخل. المرجعية العليا تدخّلت بشكل مباشر لإبعاد (حاضنة الكوارث). المرة الأولى عندما وجهّت علنا بالتغيير أثناء الإنتخابات ‏البرلمانية العامة. والمرة الثانية عندما أمسكت زمام المبادرة للدفاع عن الوطن, والثالثة حينما وصفت السيد المالكي ‏ب"المتشبّث", والرابعة حين أجابت على رسالة حزب الدعوة بـ"ضرورة التغيير وإختيار رئيس وزراء جديد", والخامسة في ‏أزمة التظاهرات الشعبية المطالبة بالقضاء على أزمة الخدمات والفساد الذي هتك ستر الدولة.‏

لقد حاول نائب رئيس الجمهورية, إستغلال التظاهرات عبر زجّ بعض العناصر ودس بعض المطالب البعيدة عن أصل المشكلة ‏مثل (تغيير شكل النظام). ‏
الدولة تعيش أسوأ الظروف, وزعيم حزب رئيس الحكومة يتآمر على الحكومة..مفارقة تبدو مثيرة لفضول الباحثين في شؤون ‏أحزاب الشرق الأوسط. وبغض النظر عن محاولات تجيير الحراك الجماهيري لجهة بعينها, يبقى طابع ذلك الحراك جماهيرياً ‏مطالباً بكسر الجمود والتقدّم نحو المستقبل.‏
‏ إنّ دعم المرجعية والجماهير العراقية لحكومة السيد العبادي وحلفاؤه, أسقط ورقة خطيرة ومحاولة قد لا تكون الأخيرة, من ‏محاولات العودة إلى السلطة. ‏

قفز المالكي من سفينة مخرومة عندما تبرأ في الوقت الضائع من (تجيير التظاهرات), وبهذا القفز إعتذاراً تكتيكياً لحزبه. غير ‏أنّ الخلافات بينه وبين الحزب لم تعد تتمحّور حول موقع؛ إنما أخذت نمطية الإنسجام أو التقاطع مع متبنيات الأمة ومصالح ‏الناس. مضيّ العبادي بطريق الإصلاح, يفترض حتمية فتح جميع الملفات المساهمة في الفساد والفشل, وكلها تخضع ‏لمسؤولية الرجل الأول خلال ثمان سنوات..أمام المالكي أمرين لا ثالث لهما: المثول بشجاعة أمام القضاء وتحمّل مسؤولية ‏تلك الملفات, أو الخروج من الحزب وإجماع الأمة إلى الأبد.‏

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك