المقالات

قصة شاب..من يُتمِ الى ظلمِ..فكانت نهايته… !

1910 2015-07-22

قيل في الحكمة: إنّ على العاقل أن لا يأمن بالدنيا، فهي متقلبة بأهلها من حال الى حال، وطبعها المكر والغدر..! 

قرأتُ كثيراً في كتب الرواية والقصة، لكتاّب وأدباء، أمثال: اليزابيث غاسكل، وسلمى لاغرلوف، ودان براون، وبول سارتر، ونجيب محفوظ، ونبيل فاروق، وبراوي عجينة، وغيرهم. 
لكنّي لم أجد، اجمل واروع من قصة( بول وفرجيني)، للكاتب الفرنسي الشهير( برناردين دي سان)، تلك القصة التي أبكت كل من قرأها، فأثرت بي تأثير شديد!عندما قرأتها، حتى أعدتها عدة مرات، ولكنّ قصة صديق لي كانت أشد منها تأثير. 

كان لي صاحب وصديق عزيز عليّ، ولد 1971م، من أسرة عرفت بالألتزام الديني، مكونة من أبوين صالحين، وتسعة من الاخوة( ألاغلبية للبنات)، والدهُ يعد من الأغنياء، عاش تحت ظل ابيه في عزّ وثراء، كانوا أطفال الجيران يغارون منه، بسبب حسن هيئتهِ، وجمال منظره، وزينة لباسه، و كثرة الألعاب التي لديه. 

صادقتهُ منذ صغري، كنت صاحبه ونديمه، وجليسه بالدراسة على رحلة واحد، من الأبتدائية الى نهاية الأعدادية، عرفتهُ صادقا، ودودا، طيبا، متواضعا، كان فعلا يستحق الصداقة..! 

قضى طفولته في ترف ودلال، حتى جاءت سنة 1982م، التي توفى والده فيها، وكان عمره أنذاك 11عام، فذهب ذلك الأب الطيب الكريم الرؤوف والرحيم بأبنهِ، و بعد موت والده، جاء ما لم يكن في حسبان طفل صغير، عاش الغنى، من هنا بدأت قصة حياته المؤلمة والحزينة! 

هكذا هي الدنيا لمن خبرها وجربها، لا تديم لأحد، وتلك الأيام نداولها بين الناس، ذهب ذلك العز والمال، والجاه والثراء، وتلك السعادة، برحيل أبيهِ عنه، فلم تطل المدة، حتى أصبحت هذه العائلة تعد من الفقراء..! 

في عام 1986م، فقد اخوه الأكبر، الذي كان له بمثابة والدهِ، في الحرب العراقية الأيرانية، أمضى أعوام الثمانينيات، في يُتم وفقر، وعوز شديد، فلا سائل من الأقارب والجيرن، يسأل عنهم، وكأنما أنسلخت الرحمة والأنسانية من قلوبهم! بعد ان كانوا عندهم مجتمعين كالذباب..! 

كنت أنا وهو، من المشاركين في الأنتفاضة الشعبانية، خرجنا في المظاهرات، وهتفنا بشعارات ضد النظام البعثي الجائر، نادينا وطالبنا بحكومة إسلامية، يكون قائدها، السيد محمد باقر الحكيم( قدس سره)، حيث كنا لا نعرف أسم او معارض غيره! 


رأيته أشد الناس بهجة وفرحة، عند سقوط حكم الطاغية المجرم 2003، كان يأمل ان تتحسن أوضاعه، لكون الحكم شيعي، ويقوده أبناء الدعوة، المحرومين والمضطهدين مثله، لكن تفاجئ بظلمها له كحكومة البعث! 
لأنها لم توفر له فرصة عمل، أو وظيفة يتقوت منها لعياله، إلاّ أن يكون في حزبهم! بل لم يحصل حتى على راتب من شبكة الحماية الأجتماعية، في حين موظغين وميسورين، ما زالوا يستلمون رواتب الى الآن من تلك الشبكة! بسبب سوء الحكم والادارة، والفساد، وتغليب المحسوبية والمنسوبية، التي تعيشها الحكومة العراقية بعد السقوط البعثي..! 

عندما أعلنت المرجعية، الفتوى بالجهاد الكفائي، كان هو من المسارعين لتلبية ندائها، وبقى شهرا كاملا، يتدرب في احد المعسكرات، بالرغم من إنّه كان كاسب، ولم يملك سوى قوت يومه..! 

بعدها ألتحق بالحشد، مع احد الفصائل الجهادية، فخاض عدة معارك مع العدو، الى ان جآءت معركة( جرف النصر)، فنتصرت فيها آخرته، التي اختارها له المولى عز وجل على دنياه الغدارة المكارة، فبعد اليتم والظلم، كانت نهايته الشهادة!!! 

ذهب شهيدا، تاركا وراءه 5 بنات كالورود، وولدا كالقمر، وزوجة في عز شبابها، وأمّ عجوز مريضة خاوية! 
أقول: كم في العراق شابا؟ مثل صديقي( محسن)، نعم!ـ أسمه محسن أسم على مسمى ـ غدرت بهم الدنيا، وظلمتهم حكومة البعث، وحزب الدعوة ..!؟( مجرد سؤال؟).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابوايمن البحراني
2015-07-22
أخي العزيز عندما قرأت الأسطر الأولي لقصتك اعتقدت للوهلة الأولى أن البطل تمرد على واقعه حتي صار على النقيض من اعتقاده السابق لكن الشهيد هنا أصر على عقائده لأنه أدرك فساد الناس ونقاء العقيده لذا وجدناه أصر على مسك ختام اخرته وان جارت عليه دنياه لفساد الناس وغفلتهم. هيئأ له الشهادة وحشره الله فى زمرة محمد وآله الطاهرين
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك