( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
ماراثون الانتظار الذي كانت الأنظار الإقليمية والدولية والأمريكية والمحلية على وجه الخصوص مشدودة اليه يبدو انه شهد انفراجاً واسعاً عشية الثلاثاء عندما استمع الكونغرس الامريكي بأغلبيته الديمقراطية الى تقرير ديفيد بتريوس ـ كروكر الذي جاء في كل الاحوال لصالح التوجهات الجمهورية الامريكية في الساحة العراقية مثلما اته ابقى على المناخات التي تتحكم باتجاهات العملية السياسية الجارية في العراق على الأقل لعام اخر.
التقرير الذي ادلى به الجنرال بتريوس والذي اقترن بتأكيده من انه وضعه بنفسه ودون علم او تدخل الادارة الامريكية فيه قد يكون تسبب بأثارة صدمة عنيفة لدى الديمقراطيين الذين كانوا يعتقدون بأن اتجاهات التقرير ستبدو غير ذلك، وعلى نفس المستوى جاءت الصدمة الثانية التي احدثها تقرير السفير رايان كروكر عندما حدد المخاطر الاستراتيجية التي من الممكن ان تتعرض لها الولايات المتحدة الامريكية في حال تغيير سياساتها في العراق والتي فيما اذا حصلت فإنها ستترك فراغاً كبيراً من شأنه ان يطيح بجهود واشنطن في الساحة العراقية من جهة ومن مخاطر تمدد القاعدة في كل انحاء العراق والى الدول الليبرالية والعلمانية المجاورة للعراق من جهة اخرى فضلاً عما وصفه بالقوى (الاقليمية) التي قد تكون مستعدة للتحرك في ذات الاتجاه. التقريران اللذان تقدما بهما المسؤولان الامريكيان حملا مضامين سياسية اعتبرها المراقبون تصب في مصلحة الحكومة العراقية خصوصاً عندما اشّر التقريران على انخفاض معدلات العنف الطائفي وبناء القوات المسلحة العراقية والتقدم الملموس بمشروع المصالحة الوطنية حيث اشار التقريران الى ان معدل العنف قد انخفض في منطقة الانبار الى 80% فيما انخفض معدل العمليات الارهابية في محيط بغداد الى 55% اما في داخل العاصمة فقد كانت عمليات العنف تسير بوتيرة تنازلية مع بلوغها الـ 45% قياساً الى الاشهر الستة الماضية. السفير كروكر كان واضحاً عندما حدد أسباب الاحتقان الطائفي بقوله: ان العنف في العراق كان من نتاج الظاهرة الصدامية وان تأسيسه بدأ مع العام 1968 أي مع مجيء حقبة صدام الى الحكم.. وهو بذلك كان قريباً من الواقع في تشخيصه للمشكل العراقي خصوصاً وانه اكد على ان القيادات العراقية تمتلك الرغبة في الخروج من الازمة التي تعيشها بلادهم بعد توقيع القيادات الخمس على الاتفاق الاخير الذي جمع هذه القيادات على نقاط اشتراك كثيرة حسبما اشار اليه السفير الامريكي بتقريره.
بالتأكيد ان التقريرين كانا لصالح الجمهوريين وبالضد من تطلعات وتوجهات ورغبات الديمقراطيين وكان فيهما ايضاً ما يوقف الزحف الديمقراطي على القرار الجمهوري خصوصاً لجهة ملء الفراغ في حال الانسحاب الامريكي من العراق حيث ان التقرير قد وضع مصير المنطقة والمصالح الامريكية وجهاً لوجه امام تحدي القاعدة لهما وهذا يعني بالدرجة الاساس احراجاً كبيراً لتوجهات الديمقراطيين وماكنتهم البلدوزرية التي تحاول ايقاف توجهات الجمهوريين، الامر الذي يدفع بالمراقبين الى الاستنتاج بأن لا تغيير سيطرأ على السياسية الامريكية ازاء الملف العراقي في ظل هذا السجال على الاقل حتى منتصف العام القادم وهذا ما يسعى اليه الرئيس بوش تحديدا.
https://telegram.me/buratha