المقالات

غريب في الفلوجة..!

1758 2015-05-30

حتى للإجرام حدود، فعندما يتعلق الأمر بالشرف تتحوّل الجريمة إلى هزيمة بشعة تعكس مرضاً خطيراً بالنفوس. في الفلوجة حدثت مجازر بشعة، بعضها روت تفاصيلها حكايات الجنود أو المارة الذين لا سبيل لهم سوى هذا الطريق؛ طريق الشر!..الحقيقة قدمها لنا أحد أبطال الارض بوضوح ودون أي حجاب أو تورية..الشهيد مصطفى، حكى حكايات ستبقى خالدة وشخّص المرض المستفحل في تلك البقعة المسرطنة بداء الإرهاب..
بعضهم يولد أكثر من مرة..

الشهيد مصطفى معروف في وسط محدود جداً، حاله حال الملايين، قدم نفسه كأحد أساطير حربنا المقدسة. لقد ولد مصطفى من جديد، وقدّم شهادات ميلاد عديدة؛ لنفسه ولإهله وللعراق المقاوم للغزاة. إنّ الشموخ الذي واجه به الشهيد الموت، هو شموخ العارف الذي ينتظر لنفسه مقاماً لا يصله إلا القلة، وقدم لشعبه بيان تفاهة وجبن وهزيمة القتلة، عندما واجههم بجراحه رافعاً رأسه وصامتاً ومتحدياً جميع من هتف أو صفق أو أعدم، بنظرات عز وشموخ أبدي.

عبرة وشهيد..
لقد تلثّم القاتل وسط إمارة غدره وحاضنة فجوره؛ وبقي مصطفى كاشفاً وجهه حتى اللحظة الأخيرة دون تردد، بل إن تعابير ذلك الوجه البطولي، تنم عن إحتقار وإزدراء للقتلة الذين بان إرتجافهم من ذلك الصمود. رفع مصطفى رأسه، بينما تطأطأت الرؤوس كلها تنظر لأقدامه المعطرة بأريج المعركة. إنّ الشهيد ألقى سلسلة من المحاضرات في البطولة، وكأنه يستنهض همم الجميع؛ أنا الجريح الأعزل أتحدى هؤلاء الأوباش!. وفاضت روحه الطاهرة بطريقة مشابهة لشهادة مسلم بن عقيل سفير الحسين.

فلوجة الهزيمة!..
فرق كبير بين القتل والقتال، فلا يقدر على القتال سوى الأبطال؛ إما القتل فهو ميزة الجبناء الغدرة، بالضبط كما حصل في الفلوجة..مصطفى أسقط الحجج والمبررات؛ عندما بحث بعينه عن شريفٍ في وسط ذلك الجمع ليطلعه على حقيقة الأمر، لكنه لم يجد للشرف أثر في تلك البقعة. إن الفلوجة خرجت من تاريخ العراق وشرعية الشرف الإنساني الذي يجعلها ترتبط بالرافدين وحضارته، لم يعد لساكنيها شرف الإنتماء؛ فهذه الأرض لا تقبل بمن يغدر. الفلوجة أثبتت هزيمتها عندما إحتفلت بجريح أعزل نفذت ذخيرته وهو يقاتل الغزاة، ولعمري لو غدروه خفية لما أتضحت هزيمتهم؛ غير أنّ إرادة السماء أربكتهم أمام بطل من أبطال الوغى. 

ثمة حق أخير للفلوجة على العراق؛ فإن كان ولا بد أن تبقى ضمن الجسد العراقي، يجب إعادة ترميم نفوس سكانها وإدخالهم مصحّات نفسية، وتحويل مآذن السوء ومساجد الضرر إلى مدارس يبتغى منها إنتزاع حيوانية أهلها وإرجاعهم إلى الطبيعة البشرية..!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك