المقالات

ساسة صم لا يسمعون صداهم!

2091 2015-05-17

يحكى أن أحد الحكماء خرج مع ولده الصغير الى أطراف المدينة، ليعرفه على تضاريسها الجغرافية، بعيداً عن صخب الحياة وهمومها، فسلكا وادياً عميقاً تحيط به جبال شاهقة، وتعثر الولد أثناء سيره، وصرخ تعبيراً عن ألمه الشديد: آه ثم آه فإذا به يسمع صوتاً من أقصى الوادي، من يشاطره الألم بصوت مماثل، وسارع مندهشاً للسؤال عن مصدره، ومن أنت؟ فإذا الجواب يرد عليه بسؤاله، ومن أنت؟. 

إنزعج الولد من الشيء الذي يرد عليه؟ فرد عليه مؤكداً: بل أنا أسألك من أنت؟ ومرة أخرى لا يكون الرد، إلا بنفس الحدة: بل أنا أسألك من أنت؟ فقد الولد أعصابه صارخاً: أنت جبان وبنفس القوة يجيء الرد: أنت جبان، فتدخل الأب فجأة، وطلب من ولده أن يصيح في الوادي: إني أحترمك، وكان الجواب بنفس النبرة: إني أحترمك، عندها ذهل الولد مما سمع، ولكنه لم يفهم!. 

سر التحول في الجواب، هو ما شغل فكر الولد، فأجابه والده: إن الشي الذي حصل معك، هو ظاهرة فيزيائية تسمى الصدى، لكن عليك أن تفهم شيئاً واحداً مما حدث، وهو أن الحياة مرآة أعمالك وصدى أقوالك، وفي الواقع الحياة بعينها، لا تعطيك إلا بقدر ما تعطيها، فأدرك الصغير فصلاً جديداً تعلمه من أبيه، الذي ترك إبنه يتبادل أطراف الحديث، مع الهاجس الخفي بنبرات مختلفة، ليتعلم الصبر والحوار. 

وطن يتنازع فيه الفاسدون من أجل لا شيء، إلا شيء واحد يغفلون عنه، وهو البحث عن صداهم الذي ملأ الحياة كذباً وعنفاً، فإن كان الطفل قد صحح منطقه بإتجاه صدى الجبال، فما بال الساسة يحاربون أبناء جلدتهم، وكأن الأخوة الأعداء، أيحب أحدكم ان يأكل لحم أخيه ميتاً؟ الحقيقة سلاح فتاك يستطيع بها الشرفاء، تسويق ما في الخواطر من عواطف وعواصف، تهب على عراقنا الجريح، وما الخالق بظلام للعبيد. 

بعد إنطفاء الصمت، ورحيل الموت قريباً، وولادة الضمير المخلص الناطق بالحق، نرى من الضروري وجود حكماء، يتدخلون في الوقت المناسب، لإعادة الحياة ليس بصداها فقط بل بمحتواها الحقيقي، للخروج من الأزمات، التي أريد للعراق من خلالها، أن يعيش التطرف والتكفير واقعاً وهاجساً، ليمزق الامة شر تمزيق، وهذا لا يحتاج الى الخروج لأطراف المدينة فحسب، وإنما الغوص في مسار العملية الديمقراطية ومصداقية رجالاتها، الذين نتمنى أن يكونوا على قدر المسؤولية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك