( بقلم : محمد الشمري )
القيادة الحكيمة دائما نظرتها ورؤيتها وتحليلها إلى القضايا والأمور تخضع لموازين شرعية وعقلية وأخلاقية فإذا توافرت تلك الأمور أعطت حكما ورأيا وموقفا صائبا، فهي تتأنى ولا تستعجل في إصدار أي موقف إلا بعد الدراسة والتمحيص وخصوصا إذا ارتبط الأمر بالدماء والأعراض والدين.
فهل إن شخصية الأمينين العامين للعتبتين المقدستين في كربلاء تؤكد على تمتعهم بالكثير من الصفات القيادية ومنها مثلا لا حصرا العدالة (لما اختارهم المرجع الأعلى للطائفة حسب ما نص قانون العتبات التي أقرته الجمعية الوطنية أمينين عاميين للعتبتين بالإضافة إلى ذلك اختارهم إمامي جمعة كربلاء المقدسة) وتحقيق المساواة بين منتسبي العتبتين.
وان كان اتضح ذلك جليا من خلال الإحداث الماضية التي مرت على المرقدين طوال السنوات الأربعة الماضية وتلك الإحداث لم تضع العتبتين على المحك كما حصل في إحداث شهر شعبان 1428هـ حيث مرت العتبات بلحظات عصيبة ومنزلق خطير أراد المخربون اقتحام الحرم واحتلاله وانتهاك الإعراض بذلك لان الصحن كان مليئا بالزوار الذين احتموا به بسب أطلاقات العيارات النارية والضرب بالهراوات والعصي ورمي الحجارة عليهم من قبل المهاجمين على العتبتين. في هذه اللحظات تجلت حكمة الأمينين عندما أصدروا تعليماتهم التأني من الاشتراك بالإحداث قدر المستطاع وعندما بداءت المواجهة مع العتبتين أول قرار حكيم أخذوه بغلق أبواب العتبتين وعدم الرد على تفاهات المهاجمين من سب وشتم على المنتسبين وبدوا الاتصالات مع الحكومة للتدخل بالأمر لان الأمور ستنحى إلى أمر لا يحمد عقباه وخصوصا لمسوا من خلال اتصالاتهم مع غرفة العمليات بان هناك خيانة أحيكت ضد العتبتين وفعلا النداء الذي وجهته العتبة من خلال القنوات الفضائية سبب رئيسي بتدخل رئيس الوزراء وحضوره بنفسه إلى كربلاء. والحمد لله بفضل حكمة القيادة الناجحة لإدارة العتبتين. انتهت الأزمة وخرجت العتبتان منتصرتين بفضل تلك الجهود الخيرة التي تضافرت مع جهود جميع المنتسبين.
فالتقيت بأحد المنتسبين بعد انفراج الأزمة وخروجهم إلى دورهم وكان صديق لي وسألته ماكان دور الشيخ الكربلائي والسيد الصافي الأمينين العامين بعد هذه الإحداث الرهيبة قال قاما بتقديم الشكر للمنتسبين وتثقيف المنتسبين للمرحلة القادمة خاصة إن الحسين للكل وسوف يأتون نفس الأشخاص الذين قاموا بالعمليات الخسيسة لزيارة الإمام عليه السلام فبدأ الأمينان العامان بعقد لقاءات مع المنتسبين داخل الحرم وذكرهم الروايات التي تعكس أخلاق الحسين عليه السلام وكيف كان تعامله مع جيش الحر رضوان الله عليه أو كيف تعامل أمير المؤمنين مع جيش معاوية عندما سيطر جيش الإمام عليه السلام على الماء.
أيضا تحدثوا مع المنتسبين بأنهم هم فعلا أنصار الحسين عليه السلام وان وقفتهم هذه تغبطهم عليها مراجع الدين ويتمنون إن يكون هم معهم في تلك اللحظات الحرجة للدفاع عن حرم الإمام الحسين عليه السلام ويطلبون مراجع الدين من المنتسبين إن يدعون لهم.وبلغا من اهتمامهما بمنتسبيهم حرصا على أن يكونا قريبين منهم يتلمسان احتياجاتهم بنفسيهما.. ويقفون على أحوالهم هذا لاشك من الصفات القيادية النادرة.
من هذا يتضح إن الصفات التي اتصفوا بها هي الحكمة والصبر والأناة.. والرزانة والهدوء، والثقة بالنفس واستشراف المستقبل.. وتركيزهما على التطوير والتحديث المتوازن في شتى مناحي العمران في العتبة مع المحافظة على الأصالة والتراث الإسلامي لتسير جنبا إلى جنب مع المعاصرة وتحقيق السبق مع الأمم الأخرى.. ولأنهما يدركان أهمية التعليم في تحقيق التقدم القيادة الحكيمة هي التي تكون قادرة على قيادة الآخرين من أجل تحقيق إنجازات متميزة وهذا النوع من القيادة يكون له السبق في فهم الوضع الحالي وما يؤثر عليه من مستجدات كما أنها تكون قادرة على فهم ما سيكون عليه المستقبل حيث تنظر إليه بطريقة ذكية وتعمل على تطويعه لخدمة أهدافها. كل هذه التصرفات من الأمينين العاميين لم تأتي من فراغ بل هما ربيبي المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف .
https://telegram.me/buratha