( بقلم : نضير الخزرجي )
تمثل حوادث كربلاء المقدسة عشية زيارة النصف من شعبان للعام 1428 هـ (2007م) حلقة في سلسلة حوادث شهدتها مدن الوسط والجنوب العراقي خلال حكومة المالكي، وما يلاحظ فيها أنها تأتي متزامنة مع خطوات أمنية تتخذها الحكومة في بعض المناطق الساخنة، أو بصدد إجرائها في هذه المنطقة أو تلك.ومن المفارقات الباعثة على القلق، ان مثل هذه الحوادث تحصل عقب نجاحات تحققها حكومة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي، وبخاصة في المجالات الدبلوماسية والسياسية والأمنية والاقتصادية، أي أنها حوادث ليست بنت لحظتها.
فعلى سبيل المثال وفي الوقت الذي كانت القوات العراقية تخوض عمليات عسكرية لإعادة الأمن الى جنوب بغداد وديالى حصلت حوادث في البصرة والناصرية، وفي الوقت الذي كانت الحكومة تحقق الانتصارات على الجبهة الدبلوماسية والمصالحة الوطنية وقعت الاغتيالات لمحافظي الديوانية والمثنى، أي أنها عمليات مقصودة لتشتيت أنظار الحكومة المتمثلة بقائد القوات المسلحة السيد رئيس الوزراء تدفعه الى تحريك قوات عسكرية مجبرا بعيدا عما اعد لها من قبل.
وأما ما حصل في كربلاء المقدسة، وان كان في ظاهره محاولة لاحتلال المدينة والسيطرة عليها، لكنها لم تكن هي المقصودة بالتأكيد، لأن نتائج حوادث النجف ماثلة للعيان فلا يمكن تكرار سيناريو غير محمود العواقب، وإنما وقائع كربلاء واحدة من محاولات خفية وأجندات مبيتة على نار هادئة لإرباك الحكومة المركزية وحملها على تحريك قواتها الى المدينة المقدسة بعيدا عن المساعي الحثيثة المبذولة لبناء لواء سامراء، بل وهذا ما أراه مربط الفرس، بعيدا عن مدينة البصرة التي طالب مجلس محافظتها من الحكومة المركزية مده بالعدة والعدد لتلافي انسحاب القوات البريطانية من القصور الرئاسية وفي مرحلة لاحقة من مطار البصرة، والاستعداد لأي انسحاب مفاجئ، وقطع الطريق على أي ميليشيا للسيطرة على مقدرات المدينة.
من هنا اعتقد ان على الحكومة المركزية الالتفات الى ثغر العراق التي تحاول العصي كسر ثناياه، فالمقصود من حوادث الناصرية وسوق الشيوخ والديوانية والمثنى وقبلها في النجف الأشرف والآن في كربلاء المقدسة، إنما إخضاع البصرة لقوى بديلة عن السلطة المركزية وإخراجها من دائرة السيطرة كليا، ومن ثم في خطوة لاحقة متزامنة مع الانسحاب البريطاني اتخاذ المدينة قاعدة للانطلاق والزحف على بقية مدن الجنوب والسيطرة عليها، مع تحريك بعض القواعد النائمة في بغداد وحواليها، لوضع الحكومة المركزية تحت المطرقة والسندان، ووضعها أمام الأمر الواقع. وبالطبع فان مثل هذه السيطرة سيعطي المسوغ الميداني لتفريغ قانون النفط المعروض على مجلس الأمة من محتواه بعد ان تكون البصرة قد خرجت عن السيطرة الحكومية، وفي نهاية الأمر إسقاط حكومة الوحدة الوطنية، أو محاصرتها في مساحة صغيرة من بغداد.
https://telegram.me/buratha