المقالات

(نيسانُ) العِراقي (٢)

1048 01:51:58 2015-04-07

انّ خطر الفكر العنصري الشوفيني يتضاعف بشكل واسع جداً في المجتمعات ذات التركيبة المتنوعة والمتعددة كالعراق، ولذلك جرَّ هذا الفكر على العراقيين الكثير جداً من الويلات والمعاناة.

ولقد كانت مدّة اكثر من نصف قرن من الزمن، كافية لتكريس مفاهيم الشوفينية في المجتمع العراقي وللاسف الشديد، فاذا بظواهر مثل عبادة الشخصية وصناعة الطاغوت ومنهجية صناعة الأزمات ومحوريّة السلطة بدلاً عن الدولة والتزمت في الانتماءات الاثنية والدينية والمذهبيّة بل وحتى المناطقيّة والعشائرية ونظريّة (ما ننطيها) و (القائد الضرورة) و (الابواق، فلكلّ زعيمٍ بوق من جنسهِ، يساويه في المقدار ويناغِمهُ في الاتّجاه) وغير ذلك، أصبحت جزء من شخصية الفرد العراقي وكيان المجتمع!.

فما هو الحل، اذن، لكنس كلّ آثار ومخلّفات هذا الفكر العنصري الشوفيني؟.
برأيي؛ فانّ الحل يكمن في أمرين؛

الاول؛ تكريس الانتماء الوطني والرّوح الوطنية لتحل محل الانتماءات الضيّقة التي تَخْلق النزعة الشوفينية عند المواطن.
ولقد انتبهت المرجعية الدينية العليا الى هذا المرض، ولذلك نراها تؤكّد، بمناسبة ومن دون مناسبة، وتكرّر الحديث عن اهمية الانتباه الى كل معاني الانتماء الوطني، بدءاً بالراية والعلم وليس انتهاءاً بالتعامل اليومي، وكل ذلك من اجل تكريس الفكرة وترسيخها في المجتمع.

وسيظلّ العراق على كفّ عفريت وفي مهبّ الريح اذا ظلّ الفكر العنصري والطائفي الشوفيني حاكماً في المجتمع، واذا كان هذا النهج قد بدأ يزحف في العراق بشعارات (القومية والعروبة) فانّه اليوم يغطّي كلّ الانتماءات، وللاسف الشّديد، الاثنيّة والدّينية والمذهبيّة، مردّ فعلٍ، ويضيق اكثر فاكثر ليشمل الانتماءات العشائريّة والمناطقيّة والحزبيّة وغيرها.

لقد نصب الفكر القومجي العروبي العنصري والشوفيني محاكم تفتيش ليحاسب المواطن على انتمائه، حتى وصل به الامر الى فرض سياسة التّعريب الإجباري، فكان يفرض على المواطن الكردي مثلاً او التركماني، ان يغيّر اثنيّته عند التسجيل، كما كان يمنع من ويعاقب المواطن في كردستان اذا علّق اسم محله باللغة الكردية مثلا! ما ولّد ردودَ فعلٍ عكسيّة نلمسها اليوم في العراق الجديد!.

يجب ان نتعاون جميعاً من اجل القضاء على هذا الفكر من خلال تكريس الانتماء الوطني بما يلي؛

اولاً؛ بناء الدولة التي تعتمد قيم المواطنة والمدنية والعصرنة، كأسس جديدة.
ثانياً؛ العدل والمساواة على قاعدة (القانون فوق الجميع).
ثالثاً؛ تكريس مبدأ تكافؤ الفرص، على قاعدة {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}.
الثاني؛ اعادة النظر بالمنهج التعليمي والتربوي وأدواته لتطهير المؤسسة التعليميّة من الفكر الشوفيني، بدءاً من المراحل التأسيسّية وحتى آخر مرحلة أكاديميّة، فالتغيير في الفكر والثقافة لا يتحقق بالشعارات ابداً، وانّما بمنهج تعليمي وبحثي واكاديمي علمي جديد، بعد كنس كلّ مخلّفات المناهج العنصريّة وأدواتها من معلمين وتدريسيّين لازالوا نجدهم في قاعات التدريس وللاسف الشديد يزرقون في اذهان ابنائنا الفكر العنصري الشوفيني الذي ورثوه من الحقبة السوداء الماضية!.

ان المنهج التعليمي الجديد؛ يجب ان يعتمد الأسس التالية؛
١/ التعدّديّة في الفكر واحترام الراي الاخر.
٢/ الانفتاح ونبذ التزمّت والاستبداد الفكري والثقافي والبحثي.
٣/ الغاء كلّ الخطوط الحمراء المصطنعة والتي رسمها الفكر الشوفيني لتحديد خيارات الباحث ومحاصرة الفكر والثقافة.
٤/ اعتماد اللّيبرالية في البحث والتفكير، بشكلها الصحيح والسليم والإيجابي.
٥/ التعايش كنتيجة للتعارف الذي يفرضه التنوع والتعدد في المجتمع.
٦/ تقاسم الحقيقة وعدم احتكارها.
٧/ التربية الوطنية التي قاعدتها (حب الوطن من الإيمان).
٨/ تكريس قيم الحرّيّة والشّورى ومفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان والكرامة.
٩/ اعتماد البحث العلمي والاستقصاء والإستبيانات والمسح الميداني والغاء ما يسمّيه البعض بالظّواهر الصوتية والانشاء والشعارات والتسليم بالافكار والنتائج من دون تثبّت والاحكام المسبقة. والّتي كرّسها لعقود طويلة الفكر العنصري الشوفيني.
١٠/ حرية التعبير والاعلام، ورفض كل انواع الشمولية التي أسس ونظّر لها الفكر العروبي القومجي العنصري والشوفيني.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك