المقالات

دَرْسٌ مِنَ الاتّفاقِ

1977 22:52:11 2015-04-03

دَرْسٌ مِنَ الاتّفاقِ التّاريخي، كما وصفهُ الرئيس الاميركي باراك اوباما في خطابه اليوم في البيت الأبيض، فمن دروسه:

اولاً؛ بالحوار يمكن حلّ اعقد المشاكل والأمور والاختلافات بين الفرقاء والمختلفين والمتخاصمين، فعلى الرغم مما صنع الحداد بين واشنطن وطهران على مدى نيف وثلاثين عاماً، الا ان الطرفين (الشّيطانُ الأكبر ومحورُ الشّر) تمكنّا من تجاوز الخلافات المعقّدة وحالة عدم الثقة والشك والريبة، للتوصّل الى حلٍّ معقول.

ومن الممكن ان يحقّقَ الحوارُ أهدافه وغاياته باربعة شروط؛

الاوّل؛ استحضار إرادة الحوار عند الفرقاء، فاذا غابت الإرادة عند احدهما او كلاهما لم يتحقق شيءٌ ابداً.

الثاني؛ ان يقرّرَ طرفا الحوار السير الى منتصف الطريق، على قاعدة (كلا الطّرفين منتصران) او ما يسمى بقاعدة (ففتي ففتي) اي تقاسم النصر، فان قاعدة (امّا كلّ شيء او لا شيء) فاشلة جملةً وتفصيلاً.

الثالث؛ التحلّي بالصّبر، فالحوار ليس كالحرب، فاذا كانت الاخيرة لا تحتاج الى اكثر من لحظة تهور تدور في خلد طاغوت ليشن حرباً ما، فان الحوار بحاجة الى الحكمة والصبر لتوظيف عامل الزمن في أقصى مدياته.

الرابع؛ اعتماد المصالح والمفاسد في الحوار، وتقديم المصالح العامة على المصالح الضيقة، وفق إطار رؤية استراتيجيّة بعيدة المدى، وهي القاعدة التي كان يستند عليها وسول الله (ص) في كل مفاوضاته مع الاخر، أيّاً كان على الرغم من ان بعضها لم بكم ليستوعب فلسفتها الصحابة، كما حصل مع صلح الحديبية مثلاً، او عفوه عن مشركي مكة بعد الفتح وإطلاق عبارته المشهورة { اذهبوا فأنتم الطلقاء}.

ان من يعتمد على القوّة فقط لفرض اراداته على الاخرين لا ينجح، فقد جرّب الطاغية الذليل صدام حسين مثلاً حظّه العاثر لفرض اراداته في المنطقة الا انه خرجَ في كل مرة خالي الوفاض لم يحصل على شيء، حتى انتهى به الامر الى ان يستخرجه العراقيّون من بالوعة!.

وها هو اليوم نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، فبدلاً من ان يتعلّم من الطاغية ويستفيد من دروسه في العدوان وعدم جدوائيته، اذا به يتورّط في وحل حربٍ عبثيّةٍ سوف لن يجني منها الا الهزيمة والخُسران، خاصة بعد ان ارتكب كلّ هذه الجرائم البشعة ضد المدنيّين الأبرياء، الامر الذي بدأت تستنكرهُ وتحذّر منه المنظّمات الحقوقيّة الدّولية ومنظمات الاغاثة العالمية، بالاضافة الى الاعلام العالمي، خاصةً هنا في الولايات المتحدة الأميركية. فقط الاغبياء هُمُ الذين يتصوّرون بانّ القوّة لوحدها كفيلة بحل المشاكل او فرض الإرادات على الاخرين.

لقد اثبتَ المفاوض الإيراني قوة في الدبلوماسية والصبر والمرونة، فيما اثبت (مفاوض) نظام القبيلة الفاسد تهوراً وعجزاً في الحوار وأدوات الاقناع، لذلك نجح الاول في التوصل الى اتفاق مع (الشيطان الأكبر) فيما فشل الثاني في تحقيق شيء يذكر مع اقرب واكبر وأطول جيرانه حدوداً مشتركة معه!.
انّ القوي بالحُجّة والمنطق هو الذي يلجأ الى التّفاوض، واذا رايت يوماً أحداً يلجأ الى القوة لفرض الامر الواقع فتأكد بانه ضعيف لا يمتلك شيئاً من أدوات الاقناع بالمنطق والسياسة ابداً.

لذلك كان الصلح، وسيبقى، هو سيّد الأحكام، حتى وصفه القران الكريم بقوله {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} كما أوصى امير المؤمنين (ع) مالكاً عندما ولّاه مصر بقوله {وَلاَ تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَيْهِ عَدُوُّ كَ لله فِيهِ رِضىً، فإِنَّ فِي الصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ، وَرَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ، وأَمْناً لِبِلاَدِكَ} لانّ العاقل يحقّق بالصلح مالم يحققه المجنون بالحرب!. ولقد كان الرئيس اوباما على حقّ عندما وصفه بالاتفاق التاريخي، لانه جنّب المنطقة حرباً محتملة قد تبدأ بسهولة، الا انّها لم تكن لتنتهي بنفس السهولة. كما انّ الاتفاق وضع حداً لصداع الرّأس المزمن الذي ظلّت تعاني منه الإدارات المتعاقبة في الولايات المتحدة، بسبب العلاقة المتشنجة والعدوانيّة وغير المبرّرة مع ايران.

والّلافت في خطابه، انّه توجه به الى الشعب الإيراني، فيما لم نسمعه يوماً يوجه خطابه الى شعوب المنطقة، خاصة في الخليج، وهو دليلٌ على احترامه للإيرانيين لشعوره بان المفاوض الإيراني كان يعبّر عن إرادة شعب، اما أنظمة الخليج فلا تعبّر عن إرادة شعوبها بأيّ شكلٍ من الأشكال، فهي بالنسبة لواشنطن كالدمى تأمرها كيفما تشاء وانى تشاء!.

لقد كان الجانب الإيراني مفاوضاً شرساً وحكيماً طوال كلّ هذه السنين، على الرّغم من كلّ ما ظلّت تعاني منه طهران بسبب عدوانية المجتمع الدولي الذي شنّ عليها الحروب والحصار وغير ذلك، ولم يكن متلقّياً كما كان وزير دفاع الطاغية في خيمة صفوان، فعندما سئلِ وقتها شوارتزكوف عن طبيعة المفاوضات في الخيمة، أجابَ بالقول؛ لم تكن هناك مفاوضات، وانّما دوّنّا شروطنا ووقع عليه الجانب العراقي!.

ان الحوار والدبلوماسية تحقق ما لم تحققه الحروب، ولذلك فالعقلاء يلجأون الى الدبلوماسية في حل مشاكلهم مع الاخرين، كما هو حال ايران التي لم تشن حرباً على أحدٍ طوال القرنين ونصف الماضيين، كما ذكر ذلك وزير خارجيتها في حوار متلفز مع احدى القنوات الأميركية، امّا المتهوّرون والمجانين فاداتُهم العدوان والحرب والقتل، كما هو حال نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، والذي شنّ خلال القرنين ونصف الماضيين آلاف الحروب العدوانية على قبائل الجزيرة العربية اولاً وعلى شعوب المنطقة تالياً، ومنها العراق الذي يُعتبر عدوانه على كربلاء المقدسة عام ١٨٠١ من أكثرها اجراماً وخسة ونذالةً وجبناً ودناءة!.

برايي، فانّ نظام القبيلة الفاسد هذا أُصيب بسكتةٍ دماغيّةٍ لن يفيق منها، وهو يتابع اخبار نتائج المفاوضات النووية! فما هو رأيكم؟!.
أَملي؛ ان يقرأ الجميع الاتفاق بعقليّة المصالح وليس بالعقليّة القبليّة او الطّائفيّة او العنصريّة!.
 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك