( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
لقد اشرنا قبل يومين الى طبيعة الحسابات التي كانت تقف وراءها قيادة القائمة العراقية إزاء موقفها من العملية السياسية الجارية في البلاد والأزمات التي تعترضها بين الحين والآخر. وأكدنا ان القائمة العراقية فيما اذا كانت تهدف بقراراتها الداعية الى تجميد وزرائها في الحكومة بخطوتها الأولى وسحبهم نهائياً بالخطوة الثانية الى التقويم الايجابي للتجربة العراقي الحديثة فإن الأجدر بـ(العراقية) ان تكون عراقية التوجه والموقف لا ان تصطف الى جانب القوى الإقليمية وبعض الدولية ذات المواقف الهادفة الى إسقاط وتشويه المنجز العراقي.
وقلنا كان على العراقية ان تتريث قليلاً في اتخاذ قراراتها خصوصاً وان الساحة تشهد حراكاً سياسياً مكثفاً تقوده فصائل وأحزاب ورموز ربما لا يوجد أكثر من قيادة القائمة العراقية معرفة بحجمها ونفوذها وعمقها وامتداداتها وقوة تأثيراتها الإقليمية والدولية وكذلك في إصرارها على إنجاح مشروعها وفق سياقات شرعية دستورية سياسية اجتماعية.
من هنا نقول ليس من باب المصادفة ان يلتقي المحلي بالإقليمي وبالدولي خلال الأيام القليلة الماضية ليشكل هذا اللقاء عنصر دعم قوي للحراك الذي خاضته هذه القوى، وهنا تبرز الى الواجهة بعض من المتغيرات الايجابية التي بدأت مع المشاركة الفاعلة لنائب رئيس الجمهورية الدكتور طارق الهاشمي في الاجتماعات الرباعية ومن ثم التوصل الى صيغة بيان أعلنته هذه القوى مساء الأحد الماضي مثلما تبرز بوضوح المتغيرات الكبيرة التي شهدها الملف الأمني خصوصاً في المناطق الساخنة بعد ان أعلنت القوى السياسية والعشائرية التي يتشكل منها إطار مؤتمر صحوة الانبار بأنها باتت مهيأة ان تكون قوة سياسية بعد ان أنجزت مهامها الميدانية في فرض الأمن والاستقرار بتلك المنطقة الهامة واضعة كل إمكانياتها تحت تصرف الحكومة ومعربة عن استعدادها لشغل الحقائب الوزارية التي تسند إليها، وكذا الحال في مناطق عديدة من العراق أهمها ما يجري في ديالى (شرق البلاد).إقليمياً يأتي توقيع أكثر من خمسين اتفاقية اقتصادية وأمنية وثقافية وتربوية ودبلوماسية بين دمشق وبغداد اثر زيارة رئيس الحكومة للشقيقة سوريا ليدشن عصراً جديداً في تاريخ هذه العلاقات وبما يرسخ حالة الانسجام والثقة التي تركتها الزيارة وما رافقها من اهتمام سوري منقطع النظير لجهة دعم التجربة العراقية ومساندتها ودعمها خصوصاً ان ذلك يأتي متزامناً مع قرار العراق بمد الشقيقة الأردن بمئة ألف برميل نفط عراقي بأسعار رمزية تفضيلية بغية تأكيد التوجه الأخوي للعهد العراقي الجديد مع أشقائه الذين تحملوا أيضا عبء المتغيرات التي طرأت على بلادنا.
في ظل هكذا أجواء يأتي تقرير الاستخبارات الأمريكية الذي أكد التقدم الكبير في مجالات الحراك السياسي والأمني الذي تشهده الساحة العراقية على عكس ما كانت بعض الكتل تتوقعه وتزداد تلك المواقف أهمية مع تأكيد الرئيس الأمريكي استمرار دعمه للحكومة العراقية ووصفه لرئيس الحكومة بأنه الرجل المناسب لهذه المرحلة الحساسة والخطيرة.
لكل هذه الأسباب بات من الطبيعي ان لا يستغرب احد رفض ثلاثة من وزراء العراقية الأربعة الاستجابة لقرار قائمتهم وذلك من خلال استمرار السادة الوزراء المشار إليهم آنفاً في التواصل مع الحكومة والانسجام معها بالوقت الذي لم يعرف فيه احد الموقف النهائي للوزير الرابع ان كان سينسحب من الوزارة ام سيرفض هو كذلك قرار قيادة قائمته.
نتمنى من شركائنا جميعاً ان يتركوا الرهانات الخاسرة او تلك التي لا تستند الى ما يبررها على الأقل في الظروف الصعبة التي عادة ما تفرض نفسها بقسوة على وطننا وشعبنا وهذا ما تستدعيه اللياقات المطلوبة خدمة للوطن وللتجربة في ظل ظروف كهذه.
https://telegram.me/buratha