( بقلم : بشرى امير الخزرجي )
لعل من أهم ما يشعر به الفرد في المجتمع المتحضّر ويكون ملازما له خلال ساعات يومه الروتينية بغض النظر عن ماهية عمله في أي مرفق من مرافق الحياة، هو حضوره الفاعل المبني على المصارحة وتحمل المسؤولية، وذالك من خلال شعور المشاركة في القضايا التي تهم المجتمع الخدمية منها والأمنية وما الى ذالك من أمور تهم واقع المواطن كمجال التربية والتعليم والصحة وغيره حيث يجد الفرد نفسه مساهم وبشكل فاعل في مستوى أداء كل من هذه المواقع.
وقد يجد المواطن نفسه في محل الإجابة على أسئلة نمطية من فتره لأخرى تكون على شكل ملأ فراغات أو وضع إشارة صح أمام المقترحات المطروحة، هذه الممارسات الحضارية تجعل المجتمع متقدما في كل المجالات، ولكي يكون العمل انسيابيا وذو نتائج ايجابية فلابد ان يمر هذا العمل بقنوات عدة، تسنده وتقيّمه ومن ثم تطرحه للمجتمع كمادة خامة ينتفع بها، فالمعلم على سبيل المثال عليه ان يعد خطه يومية للدرس وأخرى أسبوعية أو حتى شهرية تمكنه من أداء عمله ولتكون مادته التي يعتمد عليها في الصف نافعة وهادفة، هذا على المستوى الفردي، أما على مستوى الارتقاء بالعمل الجماعي ينبغي به ان يجدد معلوماته ويختبر قدراته التدريسية من حين لآخر وذلك من خلال دورات تطويرية يكون أساسها التنوع والتلاقح الفكري مابين العديد من مدارس المدينة أو الحي الذي تتواجد به المدرسة، وبعد كل ما ذكر يأتي دور الرقيب الذي يقوم بتقييم العمل وتسليط الضوء على نقاط ضعفه ومحاولة تقويمها ونقاط القوة وكيفية توظيفها واستثمارها في دعم العملية التعليمية والتربوية.
وإذا نظرنا الى مرافق الحياة الأخرى نجد الشيء نفسه بالنسبة لأهمية المراحل التي يمر بها أي عمل يكون من شأنه خدمة الشعب أو الفرد، فدور الرقيب في المجتمع هو دور مكمل لأي عمل، بل وفي كثير من الأحيان يكون أداة نجاحه، ولا نعني بالرقيب هنا رجل الأمن أو المخابرات أو الحزب الشمولي الذي يكون على شاكلة امن نظام صدام وزبانيته ممن أساءوا للمهنة ووظفوها لعمليات قمع وإبادة المجتمع العراقي بكل أطيافه حيث كان الرقيب يخط بأنامله الخبيثة تقارير وأباطيل راح ضحيتها الكثير من الطلبة والمدرسين وشرائح أخرى لا ذنب لها سوى أنها مادة التقرير الظالم لحثالة البعث الصدامي.ان عملية الرقابة المطلوبة يجب ان تكون عامل تقدم لا وسيلة كبت وقيد للحريات كما هو الحال في العديد من دول العالم الثالث التي لا تقيم للحريات وزنا.
وحتى لا نقع من فترى للأخرى بين فكي الإعلام المغرض الذي يتصيد بالماء العكر ويدس السم بالعسل، بحيث يظهر الوضع في العراق وكأنه غابة من غابات أفريقيا التي لا تصلح للعيش البشري مع إقرارنا في الوقت نفسه، أن ما يمر به العراق وحكومته الحالية إنما هو شئ لا يصدق من كم المؤامرات وحجمها، وغدر لئيم لأناس باعوا الوطن والدين من اجل النيل منه ومن لحمته الوطنية دون التفكير بحجم الخسائر التي يدفعها الإنسان العراقي كل يوم من هدر لثرواته البشرية والمادية، لقد أثبتت التجربة وفي جميع دول العالم المتحضر ان للرقابة فعلها في تحسين أداء المجتمع وعلى كل الصعد فقد اعتمدت بريطانيا مثلا نظام (cctv) (نظام المراقبة بالكاميرات) في كل مرافق الحياة حيث المدارس والمستشفيات والأسواق وحتى دور العبادة فضلا عن الطرقات الداخلية منها والخارجية وكذالك وسائل المواصلات العمومية وغيرها، وفي أحدث دراسة فان كل شخص يعيش في بريطانيا يكون عرضة لهذه الكاميرات على مدار الساعة، حيث تلتقط له وخلال فترة تحركاته في اليوم الواحد منذ خروجه من داره حتى عودته إليه، بحدود 300 صورة، وبالطبع فان هذه الصور تستخدم كمصدر وأرشيف تعود إليه الشرطة في حال حدوث أي تجاوزات مرورية كانت أو شخصية كسرقات ومشاجرات وما الى ذالك، والكثير من الجرائم والجنح والمخالفات يتم التعرف على مرتكبيها من خلال ما خزنته هذه الكاميرات.واعتقد أن على الحكومة العراقية ان تعتمد نظام الكاميرات، فهي أحوج إليها لفرض النظام وسلطة القانون، وخصوصا ان هناك شركات تنتج كاميرات تعمل على البطارية والطاقة الشمسية، أي أنها تكون خارج نطاق الكهرباء الوطنية أو الكهرباء الأهلية (المولدات).
ومع ان هذا النظام الكمبيوتري هو من صنع البشر وهو أداة ووسيلة مراقبة لدعم عملية استتباب الأمن في البلاد إلا ان رقيب الضمير البشري يبقى الأساس في كل ما ذكر حيث يكون العامل الأهم في دفع عملية الرقي الإنساني والإحساس بان هناك من يراقب في كل خطوة أو عمل ننوي القيام به، انه (الله) عز وجل هو الرقيب لنا قبل ضمائرنا وفوق كل شئ، وإذا كان جلّ شأنه يراقب ألفاظنا وجوارحنا كما في قوله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) فكيف بأفعالنا التي هي زاد آخرتنا، نسأله سبحانه ان يهدينا لنكون أمه يباهي بها رسولنا الكريم كل ألأمم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فبناء الأنفس نواة بناء المجتمعات السليمة كما الآية المباركة (إن ألله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
بشرى أمير الخزرجي _لندن
https://telegram.me/buratha