المقالات

حزب الدعوة- بين السقوط والنهوض

1575 2014-11-09

تميزت البشرية ومنذ بدء الخليقة, بوجود فكرة الإستبداد والطغيان في نماذج الحكم التي سادت فيها, إلا أن الشرق قد تميز بأنواع خاصة, فاقت فيها غيره؛ حتى بات لفظي (الشرق) و(الطغيان) مترادفين.حين تميز نظام الحكم المطلق في الشرق، بأنه كان أكثر شمولا، وأشد ظلما من نظيره في الغرب؛ حيث نجد أن هناك ارتباط موهوم, بين الحاكم وبين مسار الطبيعة, أو التوحيد بينه وبين الناس في هوية واحدة, فالطاغية عندنا هو الشعب, وهو مصدر كل السلطات, وأي نقد لسلوكه أو هجوم على سياسته, يعتبر نقد وهجوم على البلد بأسره, لأنه هو البلد! وهو الأمة! وهو الدولة! 
حالة التوحد هذه التي تحصل بين الحاكم وشعبه, وجدت لها في بلدٍ كالعراق تمثلات عديدة, فحالات الدكتاتورية لازالت مستمرة في هذا البلد سواء ما كان بسبب الحاكم , أو بسبب المحكوم وتقبله لذلك.

المالكي, وخلال سني حكمه الثمان العجاف, ضرب مثالا معقدا مركبا, لنوع قل وجوده من أنواع الإستبداد والدكتاتورية والطغيان؛ فمع مطلقية حكمه وملكه لمقدرات هذا البلد, ومع سيطرته التامة الكاملة، على كل أدوات ومفاصل العملية الأمنية في العراق, إلا أننا نجد أن إنهيار الأمن في العراق, كان السمة الأبرز التي تميز بها حكمه, وآخرها, ذوبان كل المنظومة الأمنية في فضيحة سقوط الموصل.

ولم يقتصر الموضوع على حكم العراق أو إدارته فقط, بل أن الأمر تعداه إلى تخريب البنية التنظيمية والإدارية الرصينة, التي كان يقوم عليها حزب الدعوة, ونجد أن المالكي قد قام بإختزال الحزب بإسمه وشخصه فقط, وحوله ومن بقى فيه من مؤيديه, إلى كابينة فساد مستشري, وسلوك تآمري يمثل منهج عملٍ, والأدهى من كل ذلك, أنه جعل حزب الدعوة تحت رحمة ثلة هجينة غريبة عنه, أمثال حنان الفتلاوي, وهيثم الجبوري, ومريم الريس, ومن لف لفهم من الناعقين بإسم مصالحهم, والمعمرين لغنى جيوبهم.

كل هذه الأسباب وغيرها كثير, جعلت من هذا الحزب حزبا سياسيا فوضويا, منزوع الأهداف النبيلة, خاصة عندما عمد المالكي الى نزع الرداء الإسلامي عنه, وتحويله الى حزب سلطة, ما أدى إلى خسارة الساحة الإسلامية, والفكر السياسي العراقي, لأهم ركيزة من ركائزه السياسية والمعرفية الإسلامية المعاصرة.

الطامة الكبرى, التي فاقت ما سبقها, والتي لا يمكن لأي أحد، أن يجد للمالكي فيها تبريرا, هو قيامه بتوظيف الحزب وإمكانياته, من أجل صناعة كتلة عائلية, جمع فيها أقربائه وأنسابه فيها, وعلى يد المالكي تحول حزب الدعوة, والذي من المفترض أن يقدم مرشحيه للإنتخابات, من ذوي التأريخ الجهادي والفكري ليمثلوه، إلى حزب العائلة المالكة, حيث طغى وجود أفراد عائلته وأقربائه في الإنتخابات, كمرشحين عن الحزب, وهم ممن لم يكن لهم يوما تأريخ, وهذا ما أدى إلى تراجع دور الحزب إلى الحضيض .بقاء الحزب على ماهو عليه, بدون تدارك الأمر من قبل أهل الحل والعقد والفكر والحكمة, سيؤدي إلى انقراضه من ساحة التأريخ الفكري السياسي والإسلامي, وقد بات من الضرورة, أن يتدارك رجاله وحكمائه الأمر, بتقديم شخصياتهم الكفوءة المخلصة, التي تستطيع أن تعيد أمجاد هذا الحزب.
فهل يا ترى سيكون هناك إصلاح في بنية هذا الحزب؟ أم أنه سيبقى مطية مصلحية للمنتفعين منه؟!

*ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر- باحث مهتم بالآديولوجيات السياسية المعاصرة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك